أكد اقتصاديون ل“العرب” أن انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيدياو” يعدّ دفعة مهمة في اتجاه تعميق تواجده كفاعل أساسي ومؤثر داخل هذه المجموعة، وفرصة لتطوير قدراتها التنموية. واعتبروا أن جولة العاهل المغربي الملك محمد السادس التي قام بها في الفترة الماضية في دول غرب أفريقيا فتحت آفاقا جديدة للاقتصاد المغربي، وتوجت في نهاية المطاف بقبول عضوية الرباط في المجموعة.
وقال عبدالنبي أبوالعرب، إن “كل الشروط متوفرة لانضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية من حيث تحقيقه لفرص التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي، والاستثمارات التي ستتطور بشكل ايجابي”.
وسيكون على المغرب بعد الانضمام النهائي المصادقة على النظام التأسيسي والمنظومة القانونية والتجارية والاقتصادية، للمجموعة، وكذلك الوحدة الجمركية وحرية تبادل البضائع والأموال.
وأبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، أنه باتخاذ هذا القرار، تكون المرحلة السياسية التي أعلن بموجبها رؤساء وحكومات دول “سيدياو” عن قبولهم سياسيا بانضمام المغرب قد استكملت.
وأوضح بوريطة أنه على المستوى الاقتصادي يعدّ المغرب اليوم المستثمر الأول في المنطقة حيث يتركز ما يناهز ثلثي الاستثمارات الأجنبية الخارجية للبلاد هناك. وأعطت المجموعة الاقتصادية التي تضم 15 بلدا في قمة عقدتها في العاصمة الليبيرية مونروفيا الأحد الماضي، موافقتها المبدئية على طلب انضمام المغرب إليها، حسبما ورد في البيان الختامي بعد نحو ثلاثة أشهر من تقديم الرباط طلب الانضمام.
وتشكل الموافقة المبدئية خطوة كبيرة في اتجاه انضمام المغرب إلى هذا التكتل ومرحلة تعبد الطريق نحوالاندماج.
وقال الخبير الاقتصادي المغربي يونس بلفلاح ل“العرب” إن “المغرب لديه خبرة اقتصادية كبيرة يمكن أن تساعده على النجاح في هذه المنطقة”.
وأكد أن للمغرب سمعة طيبة في قطاع البناء والعقار مع ما حققه في الكوت ديفوار والغابون من منجزات سكنية، إضافة إلى وجود فرصة استثمارية هامة في ما يخص الطاقات المتجددة، فالمغرب من الدول الرائدة في هذا المجال.
وكان قادة المجموعة قد درسوا عددا من القضايا بينها طلب انضمام المغرب المرشح لذلك رسميا منذ فبراير الماضي، بعد عودته للاتحاد الأفريقي في يناير، وطلب منح وضع مراقب لتونس والنظر في اتفاق شراكة مع موريتانيا.
وذكر البيان أن “قادة دول المجموعة عبّروا عن دعم عام لطلب المغرب، نظرا للروابط القوية والمتعددة الأبعاد التي تقيمها مع الدول الأعضاء”.
وطلب قادة الدول من المفوضية دراسة تبعات انضمام المغرب وفق بنود اتفاقيات المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا وعرض نتائج ذلك في القمة المقبلة للمنظمة.
وحظي طلب المغرب بتأييد واسع من الكوت ديفوار إلى نيجيريا والسنغال وسيراليون وغامبيا وبوركينا فاسو، وفق مصادر دبلوماسية مغربية حضرت القمة.
وعبّر العاهل المغربي الملك محمد السادس عن ارتياحه للقرار. وقال إنه “بعد ستة أشهر من عودته إلى الاتحاد الأفريقي، ينضم المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا”. وأضاف إن “مجموعة غرب أفريقيا ستشكل محورا أساسيا في العلاقات الأفريقية وفي التحديات التي تواجهها القارة”.
واعتبر اقتصاديون، انضمام الرباط لتكتل “سيدياو” مكسبا للمغرب وفرصة كبيرة بالنسبة إلى باقي دول التكتل أيضا، حيث تمتلك الرباط خبرة واسعة في العديد من المجالات ستستفيد المجموعة من تقاسمها.
وأشاروا أن المجموعة الاقتصادية توفر لدول غرب أفريقيا فضاء مندمجا وستستفيد بانضمام المغرب من إلغاء الحواجز الجمركية، ومن حرية تداول السلع والأفراد والرساميل والخدمات.
وأطلق المغرب مع دول المنطقة مشاريع ضخمة أهمها مشروع مد خط أنابيب للغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي يمثل 30 بالمئة من الاحتياطيات النفطية الأفريقية، و31 بالمئة من موارد الغاز الطبيعي في القارة.
ويعمل المغرب منذ فترة على تقاسم خبراته مع الدول الأفريقية، ما يؤهله للقيام بدور فعّال يخدم القارة، لذلك اتخذت الحكومة المغربية إجراءات تحفيزية لدعم المستثمر المغربي وتشجيعه على ضخ رؤوس الأموال في عدة مشاريع داخل البلدان الأفريقية.
ويؤكد اقتصاديون أن قطاعات السياحة والزراعة والطاقة والنفط والغاز والبنية التحتية والمناجم، بإمكانها أن تكون فرصة استثمارية سانحة أمام القطاعين العام والخاص المغربي.
وقال وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، إن “التكامل بين المغرب وبلدان المجموعة حقيقي، وفي متناول اليد في عدد من المجالات مثل الطاقات والمعادن والزراعة”.
وأشارت دراسة لوكالة ايكوفين، أن انضمام المغرب إلى “سيدياو” سيجعل المجموعة القوة الاقتصادية ال16 في العالم، متجاوزة تركيا، ومتساوية مع إندونيسيا.
وأكد محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن انضمام المغرب إلى المجموعة سيعطي التكتل الإقليمي دينامية جديدة وثقلا إضافيا كبيرا.