تتكبد الشركات الأميركية خسائر باهظة جراء الأزمة السياسية والاقتصادية في فنزويلا نظرا لاستثماراتها الكبيرة في هذا البلد، وهو ما يشهد عليه استحواذ الحكومة أخيرا على مصنع جنرال موتورز. ونتيجة لذلك اضطرت اكبر شركات صناعة السيارات الأميركية إلى صرف 2700 موظف في مصنعها القائم منذ 69 عاما في مدينة فالنسيا الذي كان متوقفا عمليا وغير قادر على تشغيل خطوط الانتاج بسبب الفوضى السائدة في البلد.
وجنرال موتورز ليست الشركة الأميركية الوحيدة التي تأثرت بالازمة الفنزويلية اذ استحوذت السلطات على مصنع كمبرلي-كلارك لصناعة الورق فتكبدت الشركة 153 مليون دولار خسائر بسبب عملياتها في فنزويلا.
وتكرر الأمر نفسه مع شركة مونيليز لصناعة البسكويت التي كلفها انهاء نشاطها في فنزويلا السنة الماضية 778 مليون دولار. وتواصل الشركة بيع منتجات أوريو الشهيرة فيها ولكنها لم تعد قادرة على ضبط حسابات البيع. والوضع نفسه دفع شركة بيبسي الى تحمل مبلغ 1,4 مليار دولار في تشرين الأول/اكتوبر.
ويستحيل في ظل التدهور المستمر للعملة والتضخم المتسارع والفوضى على هذه الشركات المتعددة الجنسية احتساب مداخليها بدقة في هذه السوق الواعدة التي كانت تعد لفترة طويلة مربحة للشركات الأميركية نظرا لقرب فنزويلا الجغرافي وغناها بالنفط وطبقتها المتوسطة الميسورة.
لكن العلاقات بين واشنطنوكراكاس تدهورت تدريجيا وعلى امتداد عشرين عاما انخفضت الواردات النفطية الفنزويلية الى الولاياتالمتحدة الى أقل من النصف حتى وإن كانت لا تزال تشكل مصدرا لا غنى عنه للعملة الصعبة لدولة توشك على الإفلاس.
وتكيل السلطات اتهامات مباشرة لواشنطن بالوقوف وراء الاحتجاجات العنيفة والعلاقات كانت أصلا متدهورة في ظل حكم هوغو تشافيز واستمر الوضع على بعد تولي نيكولاس مادورو الذي تخوض المعارضة حملة شرسة لاسقاطه.
ويجد وزير الخارجية ريكس تيلرسون نفسه في وضع غير مريح إذ شغل من قبل رئاسة مجلس إدارة مجموعة اكسون موبيل النفطية التي تربطها علاقات صعبة مع سلطات فنزويلا منذ عقود.
وصدر حكم بحق كراكاس العام 2014 لدفع 1,4 مليار دولار لاكسون موبيل بعد تأميم حقل نفطي ابان ولاية تشافيز. لكن هذه الغرامة ألغيت في آذار/مارس في الاستئناف امام المركز الدولي لتسوية الخلافات المتعلقة بالاستثمارات، وهي هيئة تحكيم تابعة للبنك الدولي.
وتعتزم اكسون موبيل التنقيب في حقل اسيكيبو النفطي المتنازع عليه بين غويانا وفنزويلا والذي تسبب بأزمة سياسية في 2015 بين البلدين اللذين كانت تربطهما علاقات حسن جوار.
ومن الأمور التي يمكن أن تسبب مشكلات بين واشنطنوكراكاس وجود شبكة محطات سيتغو لتوزيع الوقود في الولاياتالمتحدة والتي تملكها شركة النفط الوطنية الفنزويلية.
وأعرب مشرعون أميركيون على رأسهم المرشحان الجمهوريان للرئاسة ماركو روبيو وتيد كروز عن مخاوفهم من امكان استحواذ مجموعة روسنفت الروسية على شركة سيتغو ومقرها هيوستن في ولاية تكساس.
ومنشأ هذه المخاوف أن شركة النفط الوطنية الفنزويلية قدمت سيتغو ضمانة في إطار قرض أبدت روسنفت اهتماما بمنحه لها. وفي حال عجز شركة النفط الفنزويلية عن السداد، يمكن أن تطالب روسنفت باستملاك سيتغو على سبيل التعويض.
كتب مارك روبيو وأربعة أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ رسالة إلى وزير المالية ستيفن منوتشين في 10 نيسان/ابريل تؤكد "قلقنا البالغ ازاء أن يؤدي استحواذ روسنفت على شركة أميركية مهمة لتوزيع الوقود إلى التأثير على أمن التزود بالوقود وتوزيع البنزين على المستهلكين الأميركيين ويعرض البنى التحتية الأميركية الأساسية لتهديدات تتعلق بالأمن القومي".
يقول ماثيو تايلور الخبير بشؤون أميركا اللاتينية في مركز العلاقات الخارجية في واشنطن إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنتهج على ما يبدو سياسة أوباما نفسها ازاء الأزمة الفنزويلية.
واضاف في مدونة ان "الولاياتالمتحدة فرضت عقوبات محددة على مواطنين فنزويليين مثل نائب الرئيس طارق العيسمي لكنها تصرفت بحكمة بتفاديها المواجهة المباشرة مع النظام من طرف واحد. وإن كان صبر واشنطن على وشك أن ينفد على ما يبدو".