استنفرت تصريحات الأمين العام الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، بتأكيده أن حزبه جاء لمواجهة الإسلاميين، مجموعة من الفعاليات المحسوبة على التيارات السلفية والإسلامية، لتأسيس جبهة ستحتكم إلى القضاء لمواجهة العماري. ومازالت تصريحات الرجل الأول في حزب الجرار تتدحرج ككرة الثلج ليكبر العداء ضد الرجل; الذي أكد في خرجة عقب انتخابه أمينا عاما أن حزبه جاء ل "مواجهة الإسلاميين، دفاعا عن المسلمين"، وأثارت هاته التصريحات حفيظة عدد من المنتسبين إلى التيارات الإسلامية وخاصة من السلفيين، الذين ذهب بعضهم حد الدعوة للخروج علانية في مسيرة ضد العماري; ورأى البعض الآخر ضرورة الاصطفاف لمواجهته بشكل حضاري أكثر في المحاكم المغربية بسبب تصريحاته. الشيخ السلفي حماد القباج، المنسق الوطني السابق لجمعيات دور القرآن، كان أول الملتقطين لخرجة العماري، إذ اعتبر القباج أن أمين عام حزب الجرار يقود حربا ضد الإسلام باستهدافه الإسلاميين، ودعا الشيخ القباج الأحزاب الإسلامية ومن أسماهم ب "الصادقين" في حزب الجرار إلى مواجهة حزب الأصالة والمعاصرة، وقال القباج : "أتعجب من بعض المتدينين الذين يبخلون بأصواتهم في مواجهة هذا الحزب العدواني، هذا الرجل يحاول لف حربه على الإسلام بادعاء أنها حرب على الإسلاميين". واكتفى الشيخ حسن الكتاني برد مقتضب على حائطه الفيسبوكي، وجاء في تدوينة الكتاني: "إلياس العماري افتخر أمامنا بصلاح أمه وأن أباه كان فقيها صالحا، فعلام يريد أن يكون حربا على دين أبيه و أمه؟ .. إلياس العماري من بلاد الريف التي روت دماء رجالها ترابها حتى لا يحكمها العدو الكافر، وتبقى مسلمة تحكم بشرع الله، فعلام يريد محاربة الدعاة لشرع الله؟". وقال غريب البهلولي، عضو حزب النهضة والفضيلة، الذي أطلق مبادرة أسماها ب "مبادرة تأسيس جبهة لمواجهة العلمانيين في المحاكم المغربية"، إن الوقت قد حان لتكوين هذه الجبهة من محامين ورجال قانون من الإسلاميين لمواجهة العلمانيين، وعلى رأسهم إلياس العماري، وأضاف في حديثه ل "الأيام" قائلا : "ففي القانون المغربي ترسانة من النصوص التي تردع كل مزدر للدين، والأمين العام الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة أدلى بتصريحات تحرض ضد فئة واسعة من المجتمع المغربي، وهي تصريحات تضر حتى بإمارة المؤمنين، لذلك سنلجأ إلى القضاء ليضع حدا لمثل هذه الممارسات". واعتبر البهلولي أن تصريحات إلياس من شأنها "زرع التفرقة بين المواطنين"، على حد قوله، موضحا أن جميع المغاربة إسلاميون وبالتالي فإنهم معنيون بتصريحات أمين عام حزب الجرار. وحسب البهلولي، فإن الجبهة ستدفع القضاء المغربي إلى الاهتمام بمثل هذه القضايا، وتحريك متابعات فيها، "محاكمنا غارقة في قضايا الضرب والجرح في حين أن هناك ملفات تستحق أن توليها اهتماما كبيرا"، يقول البهلولي في حديثه للأسبوعية. وختم عضو حزب النهضة والفضيلة حديثه ل "الأيام" قائلا: "بعض العلمانيين يحاولون إثارة الفتنة، لذلك سنلجأ إلى القضاء لأنه أرقى درجة للتقاضي بين الناس، ومن هنا أريد القول إننا كإسلاميين معنيين بتصريحات العماري نريد تحكيما واضحا من إمارة المؤمنين، لأن المقصود بهذه التصريحات ليس الإسلاميين ولكن إمارة المؤمنين"، وبحماس زائد ذهب غريب للقول : " إذا كان لهم مشكل مع الملكية عليهم أن يقولوها، على هؤلاء اليساريين العلمانيين أن يكونوا واضحين، ونحن نعرف جيدا الموقف التاريخي لليسار من الملكية، إن هدفهم هو استفزازنا والدفع نحو زعزعة استقرار النظام والبلد، فحين يخوضون دون علم في الأحكام القطعية كالتعدد والإرث فهم يفعلون ذلك ليس من باب النقاش ولكن من باب الاستفزاز والبحث عن ردود الأفعال، المغرب بلد إسلامي وإمارة المؤمنين ثابتة فكفى من الاستفزازات المجانية، لأنه لكل واحد الحق أن يسلك المسلك الذي يؤمن به، لكن بشرط المحافظة على الثوابت الوطنية، وهي المحور القائم بيننا ". ومن جهته اعتبر الشيخ السلفي محمد الفيزازي تصريحات إلياس العماري مجرد "استفزازات للاستهلاك السياسي"، وقال الفيزازي ل "الأيام" في هذا الصدد: "أعتقد أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه، لأنه لا أعتقد أن إلياس العماري في تصريحاته تلك كان يقصد كل الإسلاميين بل فقط الإسلاميين من الخصوم السياسيين، وخاصة في حزب العدالة والتنمية، لأنه قال بالحرف إنه جاء ليواجه الإسلاميين دفاعا عن المسلمين، فالرجل جاء أصلا بفكرة الدفاع عن المسلمين من الإسلاميين الذين هم خصومه في المعركة السياسية لا أقل ولا أكثر، لأنه لو كان الرجل قد جاء ليحارب الإسلام لكان أول شخص يقف في وجهه هو الملك باعتباره أميرا للمؤمنين، لذلك لا يمكن أن نعطي للقضية أكبر من حجمها"، وزاد الفيزازي في كلامه قائلا : "أنا شخصيا أعتبر أن الإسلاميين في العدالة والتنمية مسلمون والإخوة في الأصالة والمعاصرة مسلمون كذلك ولا أحد يمكن أن يزايد على الآخر باسم الإسلام أو باسم الدفاع عن الإسلام، أنا لا أريد هنا أن أدافع عن الإسلاميين الذين كان يقصدهم إلياس في حديثه، لا أريد أن أدافع عن العدالة والتنمية بالوكالة لأن بها دكاترة ومحامين ومثقفين يمكن أن يدافعوا عن أنفسهم، وأعتقد أن لكل واحد الحق في الإدلاء برأيه وتصريحاته بكل حرية وما قاله إلياس مجرد استفزاز في حرب حزبه مع حزب العدالة والتنمية، ولا أرى أن تصريحاته مست بالإسلام والإسلاميين، لأننا كلنا نعرف من كان يقصد إلياس بكلامه بالضبط". ويوافق الشيخ الإعلامي عبد الوهاب الرفيقي المعروف ب "أبو حفص" الفيزازي في ما ذهب إليه، حيث اعتبر تصريحات إلياس العماري مشروعة وتدخل في إطار الصراع بين أكبر حزبين في الساحة السياسية، وقال "أبو حفص" في تصريح مقتضب ل "الأيام" : "في رأيي أعتبر الأمر نوعا من النزاع السياسي المشروع بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، وما قاله الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة يعتبر أمرا عاديا مشروعا، وكل حزب يحاول جر الطرف الآخر لساحة المعركة بطريقته، وعموما بالنسبة لي كمسلم لست معنيا بالتصريحات لا من قريب ولا من بعيد لأن الأمر برمته صراع حزبين متنافرين في الساحة السياسية، وكل طرف يستخدم الأسلحة التي يراها مناسبة لحشد مزيد من الدعم والمناصرين على حساب الآخر، والأمر في نظري مشروع ولا ضرر فيه". محمد معزوز، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، قال في تصريحات صحفية إن إلياس العماري تحدث إثر انتخابه أمينا عاما للحزب عما أسماه معزوز في تصريحاته ب "الأخطار الفكرية والسياسية التي تحدق بثوابت الأمة"، وزاد "أعتقد أن الناس فهموا خطأ ما قصده بمهاجمة الإسلامويين"، وذكر معزوز أنه من بين الأخطار التي تحدق بالأمة "أخطار الترويج المغلوط لمفاهيم الدين الإسلامي الحنيف، المتمثلة في الدعوة إلى التكفير وإقصاء الرأي الأخر والتضييق على الحريات، وتسييس الدين وتديين السياسة، إلى جانب خطر السعي إلى دولة الخلافة من منظور وهابي لا مكان فيه للديمقراطية والانفتاح والتقدم". عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني، والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، اعتبر الأمر عاديا وتنبأ بأن تزداد علاقة حزب الأصالة والمعاصرة بحزب العدالة والتنمية توترا في عهد إلياس العماري، وقال وهبي في خرجات صحفية عقب "سوء الفهم" بين إلياس العماري والإسلاميين : "إن العلاقة بين الحزبين ستزداد توترا لأن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يخوض صراعا ضد إلياس العماري شخصيا أكثر من حزب الأصالة والمعاصرة، مما يؤكد أن التوتر سيزداد أكثر مستقبلا".