علم موقع "الأول" أن كل الأحزاب السياسية التي كانت تعد نفسها للدخول في التحالف الحكومي، الذي يزمع تشكيله عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف، قد تراجعت خطوة إلى الوراء، اثر الخطاب الملكي الذي ألقاه من العاصمة السينغالية دكار، والذي وجه من خلاله نقدا لاذعا للأحزاب التي "تتهافت" على التحالف الحكومي باعتباره غنيمة، ومجموعة من الحقائب الوزارية فقط. وعلم "الأول" من مصادره من داخل عدد كبير من الأحزاب المغربية، أن السائد اليوم هو حالة "الستاتيكو"، أي لا حركة تنم عن كل الأحزاب، والكل ينتظر، فبالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، فباستثناء انعقاد اجتماع مكتبه السياسي مساء أمس، والذي لم يخرج بأي خلاصة مهمة تخص المفاوضات حول الحكومة، فإنه لازال ينتظر أن يتقدم له بنكيران بتصور عام عن الحكومة التي يعتزم تشكيلها، بالاضافة إلى الموافقة على شروط أخنوش، وأهمها استبعاد حزب الاستقلال، ولما لا استبعاد التقدم والاشتراكية كذلك، وإدخال الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، هذا دون القيام بأي مبادرة للتواصل مع بنكيران منذ اللقاء التشاوري الأول يوم 30 أكتوبر المنصرم. أما حزب العدالة والتنمية فقد قررت أمانته العامة التشبت بكل من الاستقلال والتقدم والاشتراكية، مع إبقاء الباب مفتوحا في وجه الاتحاد الاشتراكي الذي سيعقد لجنته الإدارية بعد غد السبت، من أجل الحسم النهائي في مسألة دخوله الحكومة من عدمها، وكذا التشبث بحزب الأحرار، لكن لوحده دون الاتحاد الدستوري. لكن بنكيران ومنذ لقائه الأخير مع كل من شباط وبنعبدالله لم يبادر إلى طلب جولة ثانية من المشاورات مع الأحرار، وينتظر أن تكون الخطوة الأولى من طرف أخنوش الذي حصل على تفويض المكتب السياسي بقيادة المفاوضات حول تشكيل الحكومة. كما أنه وضع نهاية الاسبوع الحالي كسقف لاتضاح الرؤية حول تشكيل الاغلبية الحكومية، وإلا فإنه "يهدد" بإعادة المفاتيح إلى صاحبها، أي أن يخبر الملك بأنه عجز عن تشكيل الحكومة. بالنسبة إلى التقدم والاشتراكية، ومنذ إعلان امينهم العام عن تحالفهم مع العدالة والتنمية مباشرة بعد ظهور نتائج 7 أكتوبر، وبعد تأكيد ذلك عبر اجتماع اللجنة المركزية، تراجع هو أيضا إلى الوراء في حالة من الترقب لما ستسفر عنه الايام القادمة. أما الاتحاد الاشتراكي، فبعد تصريح إدريس لشكر أن سيسهل مأمورية بنكيران إثر اللقاء الأول بمقر العدالة والتنمية، عاد إلى لعبة "الغموض" طيلة ايام، حيث لم يعبر الاتحاد عن موقف واضح من المشاركة في الحكومة، أو اختيار المعارضة، وباستثناء بيان المكتب السياسي الأخير الذي لمح تلميحا فقط إلى إمكانية المشاركة في الحكومة، فإن الانتظار هو سيد الموقف، إلى غاية يوم السبت، موعد انعقاد اللجنة الإدارية التي ستحسم موقفها غالبا بقرار الدخول في الأغلبية الحكومية، مما سيمنح انفراجا لحالة "البلوكاج"، التي تعرفها المفاوضات. إلا إذا سارع الأحرار إلى إعلان قبول الدخول إلى الأغلبية الحكومية بدون الاتحاد الدستوري، حيث سيعيدون لعبة الحسابات إلى نقطة الصفر بالنسبة إلى بنكيران، خاصة في علاقته بالاتحاد الاشتراكي، الذي يطالب باعتبار تاريخه السياسي أثناء المفاوضات، وليس عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات مجلس النواب. أما حزب الاستقلال، فهو الحزب الوحيد الذي لم يختر لعبة الصمت، ودخل في مواجهة مباشرة مع أحرار أخنوش، بعد تسرب خبر مطالبته لبنكيران باستبعاد حزب علال الفاسي، سواء من خلال افتتاحية عبد الله البقالي على أعمدة جريدة العلم، أو من خلال خرجات حميد شباط، الذي اعتبر ان أخنوش لا يتكلم انطلاقا من نفسه، بل هو مكلف بمهمة، ولم يتقن القيام بها، حسب شباط. الخلاصة أن بنكيران يختار لغة الصمت والهدوء، ويلعب على وتر الزمن، من أجل نقل الأزمة من معسكره إلى معسكر خصومه..