بعدما حظي بلاغ بنك المغرب الذي أعلن فيه عن رفع سعر الفائدة من 2.5 في المائة إلى 3 في المائة بنقاش كبير، بعدما أثارت مسألة نشر البلاغ على الموقع الرسمي للبنك المركزي وسحبه في وقت لاحق غموضا كبيرا. بحيث رافق ذلك نقاش حول الأسباب والخلفيات، ومن ذلك ما ذهب إلى وجود خلاف أو اختلاف بين مؤسسات معنية برصد وتتبع الوضع الاقتصادي وخاصة ما يتعلق بالتضخم وارتفاع الأسعار، خصوصا أن بلاغ البنك المركزي جاء بتزامن مع تقرير المندوبية السامية للتخطيط والذي تناقضت أرقامه مع أرقام بنك المغرب. في السياق أكد أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط أن رفع نسبة الفائدة لن يحل المشكلة، حيث يرى أن نقص العرض في السوق المحلي ليس هو المشكل بل السبب يتمثل في زيادة الطلب، لأنه بالنسبة للمندوب إذا واجهتنا مشكلة في العرض فلا فائدة من الزيادة في نسبة الفائدة للتأثير على الطلب. وبخصوص نسبة التضخم الذي تناقضت فيها المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب شدد لحليمي على أن الرقم الذي جاءت به مؤسسته هو 10.1 في المائة تم تحديده في نهاية فبراير 2023 مقارنة بمستويات الأسعار في فبراير 2022. وأبرز المتحدث ذاته في تصريح صحفي نهاية الأسبوع مو موقع "ميديا 24″، أن التضخم مدفوع بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتي زادت بأكثر من 20٪ خلال هذا العام، وأضاف علينا أن "ندرك أننا في وضع يجب أن تمر فيه الزراعة بثورة من أجل تغيير نظام الإنتاج خصوصا أننا لم نعد في حالة تضخم مستورد، لأن الغذاء، وخاصة الفواكه والخضروات، يتم إنتاجه محليًا". وشدد لحليمي على أن التضخم الذي نعيشه حاليا ليس عابرا ولا ظرفيا، وأنه سيصبح أمرا واقعا ودائما، لذلك علينا أن نقبل أن تنمية بلدنا تعتمد الآن على زيادة الأسعار، وأن هذا التضخم جزء من فترة إصلاح ونقلة نوعية في السياسات الاقتصادية، ويجب أن نواصل جهودنا لتنمية البلاد والتعود على التضخم. ولخص المندوب السامي للتخطيط الأسباب الرئيسية وراء ديمومة ارتفاع نسبة التضخم والذي تجاوز 10 في المائة خلال شهر فبراير في ثلاث عوامل، بداية بتسجيل عامين من الجفاف، وسنة شبه جافة، وموقعنا في منطقة شبه قاحلة، مبرزا أننا ننتج أقل من ذي قبل، لذلك لدينا مشكلة في العرض. وثانيا ما نستورده أصبح أكثر تكلفة، وسيظل كذلك. لأن تكاليف الإنتاج في جميع أنحاء العالم تتزايد ولا تزال المخاطر الجيوستراتيجية سائدة في السوق. والعامل الثالث الذي يوضح أن هذا التضخم سيكون دائمًا: الاحتياجات الهائلة للاستثمارات التي يحتاجها العالم. مع ضرورات التحول البيئي وانتقال الطاقة، وإزالة الكربون. وشدد المندوب السامي للتخطيط على أن التضخم سينخفض عندما ننفذ الإصلاحات لتحسين عرضنا وعروضنا مع العمل على تنظيف قنوات التوزيع الخاصة بنا. وطالب لحليمي بالتعامل مع الرأي العام باحترام، واعتباره ناضجًا وقول الحقيقة له حتى يكون على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها، وأضاف إننا نفعل العكس تمامًا، بالقول إن كل شيء على ما يرام وأن مشكلة التضخم ستحل من خلال الآليات النقدية، لسبب بسيط هو أن هذا يسعد المنظمات الدولية التي لم ترغب أبدًا في تغييرها. الوصفة رغم أنها تبلغ من العمر خمسين عامًا. كما لو أنه في نصف قرن لم يتغير شيء في العالم. من جهة أخرى كشف لحليمي أنه يوجد حاليا تضارب تام بين السياسة النقدية والسياسة الميزانية وأن البنك المركزي يدير سياسته النقدية دون أن يراعي بالضرورة أهداف السياسة المالية للحكومة. فيما يرى مراقبون أن الحليمي دق ناقوس خطر، وكشف بالملموس وبالمعطيات الدقيقة، أننا بصدد الانتقال من مرحلة الخصاص التنموي والتفاوت الطبقي، إلى مرحلة جديدة عنوانها الاندحار الجماعي لجميع الفئات الاجتماعية.