انفجرت ضجة قوية على الساحة المصرية مؤخراً، على إثر مقاطع فيديو يبثها الممثل ورجل الأعمال المصري محمد علي على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحدث فيها عن حجم “الفساد” الكبير الذي تعيشه مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد لقيت فيديوهات محمد علي تجاوباً كبيراً من طرف نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي فيما تحدثت تقارير إعلامية على أنها أصبحت حديث الساعة وسط الشارع المصري، بل وتعاطفاً كبيراً معه نظراً ل”شجاعته” في طرح المواضيع. محمد علي من خادم للنظام إلى فاضح لسيسي لم يخجل محمد علي من الاعتراف بأنه كان ولمدة 15 عشر سنة يشتغل مع قيادات الجيش المصري في عدد من المشاريع التي كان يستفيد منها، وعلى ان جزءً كبيراً من ثروته راكمها خلال هذه المرحلة حيث كانت شركته “ملاك” التي تشتغل في مجال البناء والعقار، تشرف على بناء وتشييد مجموعة من المشاريع الحكومية، لكن التحول جاء بعد خلافه مع قيادات الجيش حول مبالغ مالية لم تتوصل بها شركته نظير إنجازها لبعض المشاريع مما أثر سلباً على أعماله. الخلاف الذي اندلع بين المقاول والفنان محمد علي جعله يعد سناريو محكم من أجل الهروب خارج مصر، حيث أوهم الجميع بحكم عمله في مجال التمثيل على أنه يعتزم إنتاج عمل سينمائي ضخم حول “الإرهاب” إسمه “الفرعون المصري” ستصور أغلب مشاهده بدولة إسبانيا. وتماشياً مع رغبته في تضليل النظام المصري، انتشرت بلاغات صحفية ومواد إعلامية رسمية وغيرها تابعة ل”المخابرات المصرية” تؤكد خبر الفلم وتشيد بالممثل الذي سيصبح من أشرص فاضحي نظام عبد الفتاح السيسي. الإعلام مصري تحدث كذلك عن محمد علي بشكل جيد خصوصاً بعد أن روج هذا الأخير أن شركته “أملاك” عقدت شراكات مع مؤسسات إسبانية كبيرة للإشراف على مشاريع عقارية ضخمة، وتم تصوير محمد علي كرجل أعمال مصري اقتحم الأسواق الأوروبية. لكن العكس هو الذي حصل فبعد حبكه لسيناريو الهروب بشكل محكم وتوهيم الرأي العام والنظام في مصر على أنه سافر لتصوير فلمه “الفرعون المصري” والقيام بمشاريع “كبيرة” في إسبانيا، جاءت الصدمة، حيث بث محمد علي الفيديو الاول الذي اتهم فيه قيادات الجيش وما يسمى في مصر بالهيئة الهندسية العامة والتي تسيطر على أغلب المششاريع في مصر حتى الحكومية منها، التابعة لعدد من الوزارات والمؤسسات، ب”الفساد” واستغلال المال العام”، و”الإرتشاء”، لتتوالى الفيديوهات تباعاً، حيث كشف الفنان والمقاول المصري عن إنجازه “لقصر” وخمس فيلات” لسيسي وقيادات في الجيش، بملايين الجنيهات المصرية، وكيف أن زوجة السيسي طلبت منهم أن يهديمو الفيلا التي شيدها لزوجها لإجراء تعديلات مما كلف ميزانية ضخمة كلها من أموال الدولة. محمد علي نشر حوالي 10 فيديوهات إلى حدود الأن، كشف فيها حجم “الفساد” و”نهب المال العام” و”تغول” مؤسسة الجيش في الحياة الاقتصادية والسياسية في مصر، حيث أكد أن السيسي “أقصى” ضباط الجيش الذين وصفهم محمد علي ب”الشرفاء”، فيما إزداد ضباط أخرون غناً فاحشاً وأصبحوا ملياردات، واصفاً إياهم ب”الحرمية”. وتميز أداء المقاول المصري محمد علي خلال الفيديوهات التي نشرها على صفحته في الفايسبوك والتي تناقلتها صفحات عديدة ومنصات إلكترونية بل وحتى قنوات عربية، بالبساطة والعامية المصرية القريبة من الشارع المصري البسيط، وهذا كله جعل هذا الشخص يلقى تعاطفاً كبيراً من طرف مجموعة كبيرة من المصريين. السيسي شيد “12 قصراً” في ضل أزمة خانقة تعيشها مصر وكشف محمد علي، البالغ من العمر 42 سنة فقط في الفيديوهات التي بثها، عن تنفيذ شركته 12 قصراً للرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعاونيه، واحد منها في منطقة الحلمية بالقاهرة حين كان وزيرًا للدفاع، و6 قصور متصلة بأنفاق تحت الأرض بقطاع "الهايكستب" العسكري، عقب توليه حكم البلاد في عام 2014، علاوة على 5 قصور بمنطقة “الجولف” في ضاحية التجمع الخامس في مجمع يحمل اسم "الكيان"، والتي يسكن أحدها حالياً بشكل غير مُعلن. وكشف محمد علي معطيات خطيرة بخصوص قضية "مشروع الشويفات"، وهو عبارة عن فندق باهظ الثمن، باسم "تريامف" في حي التجمع الخامس بالعاصمة المصرية القاهرة، أوكلت السلطات إليه مهمة تشييده، وهو تابع للمخابرات الحربية، والخطير ما قاله بكون السيسي كان يريد أن يمنح الفندق "هدية" للواء في الجيش المصري اسمه شريف صلاح، الذي قيل إنه من أعز أصدقاء السيسي. تصريحات محمد علي تخلق رجة وسط النظام المصري الذي سارع للتغطية على انتشار فيديوهاته في أول تفاعل للنظام المصري الذي يرأسه عبد الفتاح السيسي منذ 2014، على ال فيديوهات الخطيرة التي بثها محمد علي، أكدت تقارير إعلامية مصرية أن رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، وجّه بصرف مستحقات المقاولين المسؤولين عن أعمال الإنشاءات في أحد المستشفيات أولاً بأول، لتكثيف العمل في الموقع، والالتزام بالانتهاء منه في المواعيد المحددة، ضمن ما يسمى ب”المشروع القومي للمستشفيات النموذجية”. وسار ع الإعلام المصري في خطوة أخرى إلى نشر شكاية تقدَّم بها المحامي محمد حامد سالم، المقرب من النظام إلى النائب العام في دولة مصر، ضد محمد علي، اتهمه فيه ب”الهجوم على الدولة المصرية والقوات المسلحة”، ويقول المحامي في شكايته إن “الممثل بث من خلال الفيديو أخباراً كاذبة، بغرض إثارة الرأي العام، والإساءة إلى مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية”. وكعادتها لم تقف وسائل الإعلام المصرية المحسوبة على على النظام في مصر مكتوفة الأيدي، بل أطلقت هجوماً حاداً على محمد علي، واتهمته بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن محمد علي رد على حسابه بالفايسبوك موضحاً أنه ضد سياسات الإخوان المسلمين وخرج للتظاهر ضد الرئيس محمد مرسي. لكن وسائل الإعلام المحسوب على نظام السيسي ذهبت بعيداً واستضاف أحد رموزها أحمد موسى، الإعلامي المصري المعروف، والد محمد علي ، حيث تبرأ منه على المباشر مطالباً منه “الرجوع إلى صوابه”، لكن محمد علي لم يرد على الأمر وتجاهله ملمحاً إلى أن ماقاله والده كان تحت الإكراه. وبعد ان استضاف الإعلامي أحمد موسى والد محمد علي، خرج شقيق علي بفيديو يهاجم فيه شقيقه ويتهمه بسرقة ميراث شقيقهما المتوفي والذي ترك حسب قوله ثلاث أبناء يعيشون الحاجة والفقر، ليعود مرةً أخرى محمد علي ويسخر من السيسي، معتبراً أن المخابرات المصرية ضغطت على شقيقه للخروج بهذه التصريحات. لكن المفاجئ في كل هذا هي الخرجة الغريبة التي قام بها الناشط وائل غنيم، وأحد الوجوه البارزة في ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق المصري حسني مبارك، حيث ظهر الشاب حالقاً شعره بالكامل وحواجبه، وفي مشهد اعتبره الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي حالة نفسية يعيشها غنيم، هذا الأخير خلال الفيديو انتقد محمد علي طالباً منه الصمت، ليرد عليه محمد علي ساخراً مطالباً إياه ب”الكف عن مثل هذه الحركات التي لن تفيد المصريين في شيء”. هل يرد السيسي شخصياً على اتهامات محمد علي خلال مؤتمر الشباب السبت المقبل؟ لقد شكل الإعلان المفاجئ عن تنظيم مؤتمر للشباب السبت المقبل بمنتجع شرم الشيخ، الذي سيطل فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على المصريين بخطاب له، قناعة عن العديد من الإعلامين المصرين الذين تكلموا في الموضوع بأنه رد على اتهامات محمد علي، بعد أن فشلت المحاولات الإعلامية للتغطية على فيديوهاته والتي وصلت إلى حد إقفال صفحته على الفايسبوك. وبمجرد سماعه الخبر طالب محمد علي في فيديو السيسي بأن يجيبه على هذه الإتهامات أمام المصرين في تحدي خطير، كما توعد بأنه وبعد 5 دقائق من انتهاء كلمة السيسي سيجيبه على كل نقطة تطرق لها. المعركة لا تزال مفتوحة بين علي والسيسي ولا تزال المعركة بين الطرفين مفتوحة إلى حدود اللحظة وفي تصاعد كبير، نظراً لاشتعال وسائل التواصل الاجتماعي والرأي العام المصري بل إن الأمر تجاوز الداخل المصري ليستقطب متابعين من دول عربية أخرى، مما يندر بأن الأمر قد يتطور في المستقبل. عن وكالات