منعني حبي له من حجب أفكاري عنه، كنت أفرغ جعبتي لديه بكل عفوية وتلقائية ظنا مني انه يبادلني نفس الشعور والتقدير . صديقي … هكذا كان يرد علي عندما أهاتفه أو ألتقيه . كلما زرت مدينة الدارالبيضاء لا أتردد في الاتصال به ورؤيته . في سنة 2016 ومع قرب حلول شهر رمضان، اتصل بي وسألني هل تستطيع كتابة سيتكوم، أجبته ضاحكا لا شيء تستعصي علي كتابته ، قال : لذي سلسلة سيتكوم بدأتها وأريدك أن تتممها لتعرض في رمضان. بعت لي خمس حلقات من سلسلة : البوي وكان أنداك يعنونها بالخادمة ولد الناس وملخصا عنها وتعريفا بشخصياتها . عكفت على كتابة أربع حلقات وبعثتها له في بريده الالكتروني، أعجب بها جدا ونوَّه بمهارتي في الكتابة ودعاني للإسراع في إتمامها لأن الوقت يداهمنا . كتبت سبعة عشر حلقة ثم توقفت لرغبتي في الحصول ولو على القليل من المال نظير عملي ولحاجتي أيضا، عندما أخبرته ألح علي في بعث كل ما كتبته وأخبرني أنه ينتظر الدعم . مرَّ رمضان تلك السنة واعتذر مني بأن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) تحاصره وترفض أعماله . تقبلت الأمر ولم أبد له امتعاضي، بعد ذلك بقليل اتصل بي والتمس مني أن أترجم له سيناريو من الفرنسية إلى الدارجة واللهجة المصرية، قرأت السيناريو وقبل أن ابدأ في ترجمته أخبرته أن السيناريو هجين ويفتقد لمقومات الدراما الهزلية الهادفة ويغيب عنه عنصر التشويق والإثارة، هنا منحني الإذن في التصرف فيه وصياغته بشكل جيد مع المحافظة على نمط الناصري في التمثيل . كانت مدة شهرين تقريبا كافية لصياغة هذا العمل الذي ضم ممثلين مصريين، ذكر لي حينها أنه ينسق مع مطرب مصري مشهور سيشاركه دور البطولة إضافة إلى وجوه عربية أخرى، لم أفكر أبدا في تحفيظ العمل أو تسجيله لأنني لم أتصور أن سعيد الناصري سيغدر بي رغم تحذير عدة فنانين ومخرجين تحذيري من التعامل معه، كنت أبحث عن لقمة تسد رمق عيالي وتكفيني مد اليد والاستجداء،وموطن قدم لكتاباتي السيناريستية لأن ثقتي بقدراتي الإبداعية وسعة مخيلتي في الحبك الدرامي كانت تجعلني أرضى بالنزر القليل، لم أطلب منه مقابل لعملي، لأنه ظل يماطلني مدعيا أن التصوير لم يبدأ بعد، ولما ضاق بي الحال وتراكمت فواتير الماء والكهرباء واصطفت قنينات الغاز أمامي قررت الذهاب إلى الدارالبيضاء لرؤيته ورفع الخجل لطلب مستحقاتي منه، كانت رغبته أن ألتقيه بعيدا عن المدينة القديمة حيت أستأجر غرفة في تلك الفنادق الرخيصة، غير مبال بظروف تنقلي على كرسي متحرك حتى ألقاه، انتظرت كثيرا في إحدى محطات البنزين … جاء في سيارته الرباعية الدفع، لم يكلف نفسه عناء النزول منها فتح الزجاج وسلمني مبلغا مدعيا أنه في عجلة من أمره . كم كرهت حياتي وهذا المجال الذي أقحمت نفسي فيه ملتمسا العيش الكريم والرغد عند إطلاعي على المبلغ، ست وريقات من فئة مئة درهم لا غير. بتُّ تلك الليلة والدموع تحاصر كبريائي، واسترجعت شريط ذكرياتي معه لأكتشف أنه أجاد التمثيل علي، لم يكن حبا ولم يكن تقديرا ولا عطفا، كان استغلالا وسرقة . قررت أن أترك هذا الرجل وأتحرر من حبي له وإعجابي به . قبل بداية رمضان هذه السنة، علمت كغيري عبر إعلانات أطلقها عن قناته وعن سلسلته الرمضانية البوي التي تبت الآن على قناة شذى TV وأيضا عن فيلمه الجديد، استشاط غضبي وشعرت بالحكرة، حاولت الاتصال به وجدته منع اتصالي به (بلوكاني)، فتركت له رسالة عبر الواتساب من رقم آخر، اتصل بي معاتبا وهدأ من روعي بعد أن وعدني أنه أحدث خلية للكتابة تضم اسمي وشخصا آخر فال أنه أستاذ في المسرح سماه جعجع وآخر لم يذكر اسمه، ووعدني أنه سيستضيفني في إحدى حلقاته كضيف وسيمكنني من كل مستحقاتي ، رضيت بطرحه الذي جاء قبل أن تبت الحلقات وانتظرت لعله يتصل ليدعوني للحضور إلى مكان التصوير بالبيضاء كما وعد، لكن ذلك لم يحدث حتى هذه اللحظة بل أكثر من ذاك أخبر أحد أصدقائي أنه سيتصل بي ولم يفعل . أتابع أفكاري وبعض حواراتي تعرض لأنه عمد إلى تشويه الحلقات وتقزيمها إلى حد التفاهة والخواء، فصارت السلسلة مشوهة بلا فحوى وبدون موضوع أو رسالة عكس ما كتبته كل حلقة لها هدف وتوصل رسالة . هذا سعيد الناصري الذي يختبئ وراء ابتسامة مزيفة مدعيا أنه ابن الشعب والناطق بتباريحه، حتى الفن لم يسلم من الفساد في هذا الوطن.