في وقت عرف فيه مسار ملف معتقلي “حراك الريف” ركودا طويلا؛ طفت على السطح خلال الآونة الأخيرة تحركات رسمية وأخرى مدنية، رأى فيها الكثير من المتتبعين أنها تشكّل بارقة أمل تلوح في أفق طي هذا الملف الذي شغل بال الرأي العام الوطني والدولي على مدى أزيد من سنتين. في هذا الصدد، علم موقع “الأول”، من مصادر جد مطلعة أن شخصيات سياسية وحقوقية ومدنية ومثقفة وازنة، تقود مساعي من أجل التماس سبل نيل نشطاء حراك الريف حريتهم، لافتة الانتباه إلى أن هناك وساطة يجري التحضير لها خلف الستار لحل هذه الأزمة التي اندلعت متم شهر أكتوبر من سنة 2016 إثر حادث مقتل بائع السمك محسن فكري في شاحنة للنفايات. وبحسب المصادر ذاتها، فإن مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، يعد من بين الشخصيات المنخرطة في هذه المبادرة؛ إذ استقبل، قبل حوالي شهرين، بعض أعضاء “المبادرة المدنية من أجل الريف” وشخصيات أخرى، حيث تم في أعقاب هذا اللقاء، تضيف مصادر غير راغبة في كشف هويتها للعموم، التأكيد على ضرورة سلك مساطر بالتوجه إلى المؤسسة الملكية بعد استيفاء الملف لمراحل التقاضي عبر استغلال الأعياد الوطنية لالتماس عفو الملك. ويرى الكثير من المتتبعين في خطوة لقاء أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بوفد من أفراد عائلات معتقلي “حراك الريف” مؤشرا إيجابيا، سيما وأن بوعياش المعينة من طرف الملك على رأس المجلس خلفا لإدريس اليزمي معروفة بقربها من دوائر القرار، ما يعني أن دورها في تأليف القلوب سيكون محوريا وذا بعد مهم. كما اعتبر بعض المتتبعين لهذه التطورات، أن الاجتماع الذي عقده أمس الثلاثاء بشكل منفصل كل من شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، وكذا أمينة بوعياش، ب”أعضاء المبادرة المدنية من أجل الريف”، تحول إيجابي في طبيعة العلاقة بين المؤسسات الرسمية وبين أصحاب هذه المبادرات. الناشط الحقوقي أحمد النشناش، أفاد بأن اللقاء الذي جمع “المبادرة المدنية من أجل الريف”، مع بوعياش وبنيوب تم بغاية البحث عن إيجاد مخرج لإشكال معتقلي الريف، مضيفا في تصريح لموقع “الأول”، أنه “ينبغي التعجيل بطي هذه الصفحة بالنظر إلى أن خصوم المغرب بالداخل والخارج يستغلون طبيعة هذا الملف في أغراض معادية للوطن”. على حد قوله. وشدد الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، على أن المغرب واجه مشاكل كبرى على مر تاريخه وتعامل معها بمنطق “إن الوطن غفور رحيم”، لذلك، يوضح النشناش، “يتعين التعامل مع قضية معتقلي الريف كذلك بنوع من الكرم والرحمة”. وفي جوابه عن سؤال “الأول”، بخصوص هل من خطوات عملية لتقديم طلب إصدار العفو عن المعتقلين، أكد النشناش أن الذكرى العشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش لا تبعد سوى شهرين تقريبا، لذلك سيتم استغلال هذه المناسبة المهمة في هذا الغرض. من جهته، أفاد الناشط الحقوقي، صلاح الوديع، بأن “المبادرة المدنية من أجل الريف” استأنفت عملها بعدما أصدرت محكمة الاستئناف أحكامها في حق معتقلي الريف، بمباشرة لقاءات مع الأحزاب السياسية وممثلين عن المؤسسات الدستورية. وأشار الوديع الذي حضر لقاء أعضاء “المبادرة” مع المسؤولين الحقوقيين سالفي الذكر أمس الثلاثاء ممثلا لحركة “ضمير”، إلى أن “هناك تحركات من أجل إيجاد مخرج إيجابي وهو الإفراج عن المعتقلين.. علاوة على التوصل لحل للقضايا المجتمعية بما فيها إعادة الروح لتوصيات الإنصاف والمصالحة”. وأكد المتحدث أن أعضاء هذه الوساطة “يجتهدون في اتجاه ايجاد حل ونتمنى النجاح في ذلك”، مبديا تفاؤله بهذا الخصوص بالقول “مجرد الإسراع في استقبال أعضاء المبادرة في هذا الوقت بالذات يعتبر مؤشرا إيجابيا”. أحمد الزفزافي، والد القائد الميداني لاحتجاجات الحسيمة، ناصر الزفزافي، قال في حديث مع موقع “الأول”، إن لقاءه مع بوعياش يعتبر مقدمة “شي حاجة أخرى”، غير أنه لم يشأ الإفصاح عنها. وأورد الزفزافي الأب، ضمن تعليق له حول المبادرات التي تتغيى تحرير المعتقلين، أن نهاية هذا الملف يجب أن تحفظ كرامة المعتقلين بالدرجة الأولى”، وزاد: “من ألحق إصابات بناصر الزفزافي على مستوى رأسه ومن عذبه وسجنه هو المطالب بتقديم اعتذار”. وأبرز المتحدث أنه حتى وإن بارك هو هذه المبادرات واستحسنها، فقرار مصيري من هذا النوع يعود لناصر الزفزافي ولباقي المعتقلين.