لازالت ردود الفعل متواصلة بخصوص وضعية الاحتقان التي يعرفها قطاع التعليم منذ شهر فبراير الماضي، بسبب الإضرابات والاحتجاجات المتوالية التي يخوضها الأساتذة المتعاقدين، في ظل ارتباك حكومي واضح، فشلت عبره حكومة سعد الدين العثماني في احتواء الأزمة التي يبدو أنها متجهة نحو المزيد من التصعيد والتعقيد سيما وأن الأساتذة المعنيين ربطوا بين عودتهم لممارسة عملهم بشرط إسقاط نظام التعاقد والإدماج في صفوف الوظيفة العمومية، وذلك بعدما رفضوا التوقيع على ملحق العقد. وأمام تخوفات من إقدام الأطر التربوية المذكورة على هجران أقسام الدراسة بصفة نهائية وإعلان سنة بيضاء، ما يعني ضياع حقوق شريحة واسعة من المتمدرسين، تناسلت دعوات الفرق النيابية بكل من مجلسي النواب والمستشارين لعقد لجنة التعليم والثقافة والاتصال اجتماعا عاجلا بحضور وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، لتدارس هذا الموضوع وتقديم تعهدات من شأنها إنهاء حالة “البلوكاج” هاته والخروج من مرحلة الشد والجذب التي طبعت تعامل الوزارة المعنية وكذا السلطات مع احتجاجات الأساتذة المتعاقدين. في هذا الصدد، راسل الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بالغرفة الأولى للبرلمان، رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال، من أجل تعيين جلسة اجتماع بحضور الوزير الوصي على قطاع التعليم لدراسة ملف أساتذة التعاقد وبحث سبل معالجة ملفهم المطلبي. من جهتها، وجهت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، فاطمة الزهراء برصات، سؤالا كتابيا إلى الوزير أمزازي، عن التدابير والإجراءات التي ستتخذها الحكومة من أجل التعاطي الإيجابي والمسؤول مع مطالب الأساتذة المتعاقدين بما ينسجم مع تحديات إصلاح التعليم ببلادنا. وشددت فاطمة الزهراء برصات، من خلال سؤالها، على مشروعية مطالب الأساتذة المتعاقدين، مشيرة إلى أن المساس برمزية الأستاذ يعد ضربا للمنظومة التعليمية بأكملها، وسيكون له نتائج وخيمة على حاضر ومستقبل هذه المنظومة، وهو ما يستوجب، في نظر النائبة البرلمانية، نهج أسلوب الحوار المثمر وتفادي اللجوء إلى العنف في التعامل مع حقهم في التظاهر السلمي والمشروع. بدورها، وجهت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، مريم وحساة، سؤالا كتابيا إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حول تعنيف الأساتذة المتعاقدين ببني ملال، وقالت البرلمانية وحساة في سؤالها إن الأساتذة المتعاقدين ببني ملال وفي مدن مغربية أخرى فوجئوا، وهم يمارسون حقهم في الاحتجاج السلمي المكفول قانونيا ودستوريا، باستعمال القوة ضدهم رغم تأكيد الحكومة على مشروعية الاحتجاج السلمي. وساءلت البرلمانية، رئيس الحكومة عن الخطوات العملية التي سيقوم بها للوقوف على دواعي وملابسات استعمال العنف ضد المتعاقدين ببني ملال وغيرها من مناطق المملكة، من أجل القطع مع هذه التجاوزات في حقهم. الفريق الاشتراكي، ارتأى هو الآخر تسجيل موقف من الموضوع لكنه اختار، عكس باقي الفرق النيابية، إثارة قضية التعاطي الأمني مع احتجاجات واعتصامات أساتذة التعاقد. تبعا لذلك، راسل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب رئيس لجنة العدل والتشريع، طلبا لعقد اجتماع اللجنة بحضور المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، لتدارس التدخلات الأمنية العنيفة ضد الأساتذة المتعاقدين بعدد من المدن. ولم يخرج حزب العدالة والتنمية، عن كوكبة المطالبين بدراسة وضعية الاحتقان التي تسبب فيها إضراب الأساتذة المتعاقدين بربوع المملكة عن العمل، إذ عمد المستشار البرلماني عن فريق “البيجيدي” بمجلس المستشارين، علي العسري، إلى توجيه سؤال كتابي لكل من مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، وسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، على خلفية استعمال العنف في مواجهة احتجاج الأساتذة المتعاقدين ومطالبتهم بتوقيع ملاحق للعقدة ووقف أجور بعضهم. المستشار البرلماني، الذي طالب كذلك بعقد لجنة التعليم اجتماعا بحضور الوزراء الثلاثة المذكورين، اعتبر في سؤاله أن التدخل الأمني القوي الذي وُوجه به معتصم أساتذة التعاقد ليلة أمس الثلاثاء، “يسيء حقيقة لكل المكتسبات، بل ويجهض أحلام بناء وطن قوامه حقوق الإنسان، كما بشر بها الدستور، وتسعى لها الاستراتيجية الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان”