كان وقع ازمة كورونا بايطاليا مخيفا، في عثمة المجهول الذي حول الارواح البشرية الى حطام محروق، وجثت تنتظر، علها تفلح بفرصة ذفن في زمن المحال و الصمت العالمي ، وتخلي الاشقاء واندثار التحالفات البالية التي لم تكن سوى مصالح في برصة الانظمة الاقتصادية، التي جعلت من الانسان بضاعة تباع وتشترى وفق منطق الربح و الخسارة ، ورقم من ارقام السوق الحرة القاتلة للانسانية، في معارك تطورت تجلياتها في زمن تجاوزت فيه الاسلحة النووية الفتاكة، لكي يصبح العدو مجهريا غير مرئي، حول العالم كله الى ساحة حرب هزمت البلذاء و العفويين ،ومن لاحيلة لهم، وبقوا على مر التاريخ يأكلون مما تنتجه اراضيهم، من زرع وضرع دون الانخراط في لعبة غير متكافئة تصطاد الضعفاء بمنطق آخر مختلف عن جشع الانظمة الاقتصادية الجامحة . في ظل هذا الصمت القاتل،وبعد ان اختفى آكلوا السحت و الريع ومن صنعوهم من اجل الارتزاق ،باسم عناوين وتيمات لم تعد تعني لنا سوى اللصوصية و البروقراطية والمزايدات، التي تتغدى من فثات عرابي الفساد والاستبداد من صناع الثروات القدرة، وتبيض الاموال والاتجار في البشر بموازاة تقارير كاذبة تشرعن السرقة مع سبق الاصرار و الترصد ،وان كانت بشكل حربائي محتال لخدمة الصالح العام وفي واقع الامر، لخدمة صناع الثروة المتسخة على شاكلة تجار المخدرات .في زمن ليس ككل الازمنة زمن غادر بمدينة الفن و الفكر و التاريخ مدينة طورينو ،كان شعاع الامل وصوت الحياة المنبعت من شرفات عمارات حي mira fiore الجنوبي المطل على اكبر مجمع صناعي لشركة fiat الايطالية انه مشع عبر صوت “جمعية اليمامة” من مقرها بالطابق العاشر، حيت لايسمع في الحي كله سوى صوت جميل، يتلو آيات من الذكر الحكيم ، لتسود السكينة قلوب كل المرابطين في زمن الحجر الصحي ، لحظات خشوع ماتعة، لاتبدو لك الا الرؤوس المطلة من شرفات الامل، من الخائفين من موت كورونا ،وكأن صوت القران يجعلهم اكثر اطمئنانا، وايمانا بالحياة و استمرارها، في زمن اغلقت فيه الكنائس و المساجد، ولم يبق سوى صوت القرآن و الاغاني الملتزمة التي تتردد ساعة الحرب، وصوت الآذان، عبر مكبر صوت جمعية اليمامة، التي ابدعت في زمن الرداءة و التشفي و الخنوع و الاختفاء القصري، بعد ان اختفى الريع الا من كمامات قد تأتي ولا تأتي، بعد ان اقفل القتصل بابه الحديدي وفضل الجلوس في مكتبه الوثير، بعيدا عن “صداع الراس” ومقالات فاضحي الفساد و الاستبداد، واختفاء كل المؤسسات التي تروج انها تعنى بالمهاجر ،وهي لاتعنى سوى بقظم الميزانيات وتحويل الاعتمادات لجيوب اللاهتين و السماسرة والبائعين للوهم الديني والوطني . كان موقف “جمعية اليمامة” جمعية التحدي، بديلا لدبلوماسية كسولة لاخير يرجى منها،في زمن التيه ، وهي تتوارى خلف اعلانات وخلايا ازمة ولدت ميتة ،كان فخر السلطات الامنية بمدينة طورينو وكل الاطقم الطبية بمختلف تلاوينها كبيرا وهي تستقبل بفخر تهانيء و تشكرات جمعية صغيرة مثلت كل المهاجرين، باشارات قوية لم يقم بها لا سفير ولاوزير ولا مرتزق مستتر ، حين خصصت ذات الجمعية شواهد مزركشة تقديرية، تعبيرا عن المجهودات الكبرى التي يقوم بها جنود الخفاء من الامنيين و الاطباء و الممرضين، وكل من يمسح دموع التكلى والفاقدين لاهلهم، في الحرب الحامية الوطيس ضد “كورونا” ، كانت الفرحة عالية وهم يتوصلون بشواهد الشكر و الاعتراف و الامتنان ،فماكان لسيارات الشرطة الايطالية الا ان هبت مسرعة الى مقر ذات الجمعية، التي يقودها رجل متابر وطني غيور، لايخاف في الله لومة لائم ، لتهنئته وشكره للمبادرة القيمة في زمن الازمة، و الموت ونواح اقارب المفقودين ،من ذاخل غرف الحجر الصحي المظلمة، كانت المبادرة الاخرى التي لم يكتب لها ان تتحقق بالواقع العنيد، وهي حين فكرت جمعية اليمامة الى اطعام كل العاملين بالمركب الصحي بمدينة طورينو، وكانت الوجبة الكسكس المغربي رمز العطاء وجلب الحسنات و الخير الا ان الوقت لم يسمح لكون الانشغال اليومي، ولا هنيهة راحة للاطقم الطبية و التمريضية و المساعدين، فأرجئت مبادرة الاطعام الى وقت آخر، وربما بعد استشفاء آخر حالة في مدينة التاريخ و الفن مدينة طورينو . صلت جمعية اليمامة من مقرها في الطابق العاشر من حي mira fiore العامر، وادنت آذان الصلوات بصوت عال،ورتل قراء عظام القران الكريم ،وساهمت بكل مااوتيت من امكانيات لمساعدة الاسر المتضررة وعائلات الذين قضوا، وابدعت في التكوين الروحي لجيرانها عبر ايات من الذكر الحكيم، ولاصوت يعلو على صوت القران فيزرع الامل و التسامح و التحاب، وهو التسويق الحسن للدين الاسلامي السمح الذي اهدرت بشأنه الاموال هنا بايطاليا، ولم نجني من وراءها سوى الحقد و الفثن واكل الاموال بالباطل، بين عصابات التربح غير المشروع ،التي يقودها الاوغاد باسم الدين و الدين الاسلامي بريء منهم الى يوم الدين.