قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره إن سبب عدم ضرب الإرهاب لبلاده حتى الآن، هو "خليط بين الكفاءة والحظ"، مؤكدا أنه لا يمكن أن يعطي ضمانا كاملا بعدم وقوع هجوم إرهابي في أي من بقاع ألمانيا. وجاءت تلك التصريحات خلال حوار دي مايتسيره الذي يعد أحد أقرب المستشارين للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أمس. وأوضحت الصحيفة أن الوزير الألماني زار واشنطن الأسبوع الماضي لعقد اجتماعات مع وزير الأمن الداخلي الأمريكي جيه جونسون، والنائب العام لوريتا لينش، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، وغيرهم من مسئولي الإدارة الأمريكية. كما وقع دي مايتسيره على مذكرة تفاهم مع المسؤولين الأمريكيين بشأن تبادل البيانات الخاصة بالمشتبه في انتماءهم للجماعات الإرهابية بين البلدين، ومناقشة المخاوف المشتركة التي تخص المتشددين في أوروبا. وقال دي مايتسيره إن تنامي الإرهاب الداخلي في أوروبا يماثل بنفس الدرجة نموه في الولاياتالمتحدة، موضحا أنه "بالنظر لخلفيات الإرهابيين في بلجيكا وفرنسا، فإنهم تلقوا تعليمهم وتعايشوا اجتماعيا في هذه المجتمعات، حتى أنهم ذهبوا لمدارسنا ومارسوا الرياضة مع أبناءنا وتعبدوا داخل مساجدنا، لذلك يجب أن نتساءل عن كيفية تحولهم لإرهابيين، وما هو دور الإنترنت في ذلك؟". وردا على مدى جاهزية ألمانيا لصد هجوم إرهابي على أراضيها، قال وزير الداخلية إنه "بعد أحداث 11 سبتمبر بنيويورك، قمنا بالكثير في ألمانيا، لم يحدث أن وقع عندنا هجوم إرهابي كبير حتى الآن، وسبب ذلك هو خليط بين الكفاءة والحظ". وشدد وزير الداخلية الألماني على أنه "لا يمكن أن أعطي ضمانا بأن شيئا لن يحدث في البلاد، ولكن أعتقد أننا مستعدون بدرجة كافية، ولكن مصدر القلق الجديد هو تأثير الهجرة، ليبقى السؤال هو إذا كان يوجد إرهابيين وسط المهاجرين وطالبي اللجوء في أوروبا وألمانيا؟". ورأى دي مايتسيره في هذا الصدد أنه بالنسبة للإرهابيين يوجد طرق أسهل للانتقال إلى ألمانيا وأوروبا، بدلا من المخاطرة بحياتهم على قوارب صغيرة، مؤكدا أنه رغم ذلك فإن بعضا من تم قبول طلبهم للجوء وتسجيلهم شاركوا في اعتداءات باريس. وأشار إلى أنهم يتلقون أسبوعيا إشارات بوجود مؤيدين لتنظيم "داعش" الإرهابي بين المهاجرين، موضحا "نحو 300 إشارة، ولكن بينهم قد نجد أقل من 50 تحقيقا حقيقيا، ولكن إذا كان أقل من 100 متطرف مع مليون مهاجر، إذن فالتهديد الإرهابي الحقيقي لا يأتي من اللاجئين". واعتبر الوزير أن ظهور الإرهاب في دول الغرب حاليا هو أمر مثير للدهشة، موضحا أنه "في أيام تنظيم القاعدة كنا نقلق من فرق الإرهاب التي تأتي من الخارج، ولكن قلقنا التالي أصبح من الإرهاب الذي ينبع في البلد، ثم المقاتلين الذين يعودون إلى مواطنهم مع خبرة قتالية، والآن نخشى كل ذلك أو خليط بينهم". وحول آخر مستجدات قضية اللاجئين في ألمانيا، قال دي مايتسيره "نستقبل الآن أكثر قليلا من 100 لاجئ كل يوم، مقارنة ب7 إلى 8 آلاف لاجئ يوميا خلال العام الماضي، وسبب ذلك هو إغلاق طريق البلقان، وتأثير اتفاقيتنا (الاتحاد الأوروبي) مع تركيا". وأضاف دي مايتسيره أن بلاده تسعى لتسريع الإجراءات واتخاذ قرارات أسرع حول بقاء أو رفض طالب اللجوء، مشيرا إلى أن الحكومة الألمانية قررت هذا الأسبوع قانون إدماج، حيث تركز جميع الوزارات على اللاجئين الذين يسمح لهم بالبقاء، لتعليمهم اللغة وتشغيلهم وتسكينهم بدون عزلهم عن المجتمع الألماني. وقال دي مايتسيره إن "الهجرة هي تحدي ضخم سيستمر لمدة 10 سنوات أو أكثر، وإعادة توطين اللاجئين هو تحدي لكل المسؤولين، والاختلاف بين الفقر والغنى يزداد يوما بعد يوم، والإنترنت والإعلام يظهر لأفقر الناس في العالم أن وضعهم يمكن أن يتحسن، والانجذاب إلى مغادرة الوطن أصبح أكبر". وتابع: "نحن لن نتمكن أبدا من إلغاء الاختلاف بين الدول الغنية والفقيرة، وسبب مقبول لمغادرة بلادك لا يمكن أن يكون وجود مستقبل أفضل لك في أي مكان آخر بالعالم، فإذا أصبحت هذه سمة الجيل، سينهار العالم، ولكن الشعور والتصرف بمسؤولية تجاه هؤلاء الذين اضطروا لمغادرة بلادهم بسبب نزاع أو حرب، أصبح ضرورة".