الموعد اليوم مع الكلاسيكو الاسباني، ستدق الطبول على هاجس الخوف، سترفع الأصوات المهللة والمهلهلة من الترقب، سيهتف المنتمون تناسيا لداء العيش الذي بات يسمع دويه كل صباح، والذي ينشر سمه الصديد بصمت خانق يتحسس مواطن الدفئ، ويبعثر حسابات القادة في أنحاء معينة من هذا العالم، هي مسرحية أبدع منتجها فأتقن، وأصابت عينه المتفحصة فاختارت شخصيات بطولية، شخصيات تماهت مع الأدوار حد التطابق، شخصيات لم ولن تكون إلا أواني فارغة مهشمة القاع، حفظت الدور عن ظهر قلب وطبقته بحذافيره كما لقنت بعد غفلة عمرية عن حقيقتها الوجودية، يأتي يوم يجد الممثل نفسه داخل قوالب ترفع من همته وتمنحه لقب المسلم وتركبه فوق البراق في جنان السماء، وتعده بجنة الخلد بعد أن تحصره في زوايا ضيقة لم تتسع لتشمل أكثر من الجهاد، وبأي طريقة؟ ! ومتى كان الجهاد قتل النفس بغير الحق؟ ومتى كان الجهاد في سبيل الله بترويع الخلق وتنفيرهم من عبارة الله أكبر؟!!!، فالله أكبر من أوساخكم المعلقة على جلباب الإسلام، والله أكبر من أفهامك الضيقة التي لا تبرح عتبة القتل والنكاح. في أغلب الهجمات الداعشية خاصة على الدول الأوربية ترد هوية المغربي لا أعرف بالضبط أ مِن باب الصدفة أم القصد؟ أ مِن باب الصدفة أن تضع شابا في مقتبل العمر بطموحات في الحياة في وكر التنظيمات التخريبية الإرهابية النازفة لحق الحياة؟!، أم من باب الصدفة وقع فحل مغربي بلبه اليائس من دورة حياتية فارغة في وسط يفتح أعينه عن حقيقة ملغمة؟!، أ مِن باب الصدفة أن تنتهي حياة شخص متزن ظاهريا سمح علائقيا، محبوب اجتماعيا بجماعة تستبيح القتل؟!، أم من باب الصدفة أن يصرخ الساكن الله أكبر من لوعة الجهل المدفون بغية بلوغ الفردوس بعد زهق النفوس؟ !أم من باب الصدفة أن تفرغ العقول وتملأ بسهولة لا تجد أمامها مناعة تغربل الصالح من الطالح، أم من باب الصدفة أن تغشى الأعين حتى عن أقرب الناس إليك، أم من باب الصدفة أن تعلِّق رقاب الناس بذريعة الجهاد ونشر الإسلام أبحجة الآية -إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء- استعنت، أم بتصرف النبي عند فتح مكة –اذهبوا فأنتم الطلقاء- طبقت...للأسف. ندافع عن أنفسنا في كل اعتداء ونعلن تضامننا من باب استبعاد الوصم لا الإخاء، ننسى أننا بتبريراتنا نصطف مكان المتهم، وبتلميحاتنا نرفع سقف التهم، غيرنا من صور بروفايلاتنا لحشد لايكات فرنسا فجاء الرد بحرق علمنا واحتقار بناتنا وتهديد مهاجرينا، ولا ننسى أنه منا من تشفى ولعن ودق الطبول بموت آدميين... حالنا من بعيد وقد لصقتنا اللعنة الأبدية -إرهابيين- أحسن بكثير ممن هم وسط النار يجنون حصائد ما عملت أيدي بني ملتهم الذين انتسبوا لها خطأً فكانوا مسلمين، مهاجرون يتهربون من نظرات العتاب التي ترمى عليهم بثقلها، أجانب هم غرباء واليوم إرهابيون وصم جديد يضاف إلى لائحة الوصوم المعلقة على رقابهم، والتي تلزمهم في كل مرة بقول أنا مسلم أنا لست إرهابي. اليوم باريس ومالي وبالأمس سورياوالعراق وبورما وباكستان والشيشان ناهيك عن فلسطين، ونحن كما نحن، انحدار جارف ذاك الذي يهوي بأمة نحو المجهول، مقابل صمت مطبق وتجاهل متعمد، فبور ما تعيشنها يا بلدا في مشاعر المسلمين الذين التهوا عنك للبكاء على أطلال العثمانيين من موتات ممسرحة تنعشهم وتفرزه دموعهم الحمضية التي تنتهي بصداع رهيب في الرأس، وإنك للعياء الراقي بعد مجد أمة عالمة مثقفة أريد لها إطفاء نورها في أوج العطاء فتكالبت عليها الأعداء عندما استشعرت للحظة أنها ستهزم سِلما، فاندفعت وانطلقت حربا بصواريخها التي تهشم الأجساد لا الأرواح، أرواح تشبعت بالعلم وبالمعرفة فارتقت في أسلوب فنها وإبداعها وثقافتها وعلمها، ارتقت لتبصم في مجالات علمية أسماء بلدها ولتحصد الملكية الفكرية في ميادين قل مريدوها ففي العراق وبالعراق الولادة تبكي الحياة على الأطلال، و تئن حارات سوريا تحت الأنقاض، ومسلموا بورما شرائط فيديو هم للمشاهدة لمن في سن 18 فما فوق ومحظورة على أصحاب القلوب الضعيفة، فعذرا قلوبنا الضعيفة لا تحتمل سننأى عنكم حتى لا نخلف موعدنا مع الكلاسيكو.