في الوقت الراهن من الصعب أن نجد شخصا من الجيل الواحد والعشرين، لا يحمل هاتفا نقالا معه ولا يستطيع رجل الأعمال ترك هاتفه النقال في نهاية يوم العمل، كما أن معظمنا يميل إلى الاعتقاد بأننا نتحكم في التكنولوجيا وأنها ليست سوى أداة بالنسبة لنا في الحياة اليومية، وليس بمقدور أي منتج تكنولوجي أن يتحكم في حياتنا . في هذا الصدد أكد عبد الرحيم العطري المتخصص في علم الاجتماع أن علاقتنا مع الهاتف النقال أصبحت أكثر من علاقتنا مع دواتنا وأكثر من علاقتنا مع الآخر، فالهاتف النقال يتم الحفاظ عليه والاهتمام به أكثر من الذات كما أكد أننا نستنزف أموالا في سبيل تلبية حاجاته مقابل حرمان الذات من حاجاتها التي قد تكون ضرورية في بعض الأحيان. وأفاد العطري أن مكان الهاتف النقال غالبا ما يوضع في الأماكن الأكثر ارتباطا بنا، إما في الجيب وما يحمله هذا المكان من معنى داخل المجتمع المغربي، أو قرب القلب أو تحت وسادة النوم بمعنى أن العلاقة هي علاقة حميمية. وأكد أن الهاتف المحمول يغدينا بأوهام كبيرة هي أننا أكثر اتصالا وتواصلا، لكن في الحقيقة الأمر هو أننا أكثر انفصالا، انفصالا عن الآخر وعن المجتمع، فهو يوهمنا أننا داخل شبكة وداخل تغطية لكننا في الحقيقة خارج التغطية أي التغطية الاجتماعية والوطنية ومختلف التغطيات الأخرى ، كما يوهمنا أننا نحن مركز العالم وأننا نلج العالم كله من خلال الهاتف النقال. إلى ذلك أشار عبد الرحيم العطري أن هذه الملاحظات ليست لصك الاتهام على الهاتف النقال في طبيعته كوسيلة مهمة بقدر ما هو صك للاتهام على علاقتنا بالهاتف النقال وسوء استعمالنا له، منبها إلى ضرورة الحكامة في استعمال وإعادة اكتشاف الهاتف النقال من جديد.