تراجعت أول أمس الاثنين أسعار العقود الآجلة للنفط الخام إلى أدنى مستوى لها منذ عدة أشهر متأثرة بزيادة العرض ، و عدم إلتزام أعضاء مجموعة أوبيك بحصص الانتاج المخصصة لها ، فضلا عن مخاوف من تباطؤ وتيرة الاقتصاد الصيني الذي يعتبر من أكبر مستهلكي المحروقات . وأدت زيادة المعروض إلى تراجع سعر برميل النفط إلى أكثر من النصف منذ منتصف السنة الماضية ، فيما لا يبدو أن إمدادات الأسواق بالنفط ستتقلص في المدى القصير خصوصا مع زيادة الإنتاج الأمريكي الأسبوع الماضي واستمرار منظمة "أوبك" في تخطي سقف إنتاجها المحدد نظريا ب 30 مليون برميل يوميا. ولامست أسعار النفط يوم الاثنين أقل مستوى في عدة أشهر بعد أن بلغت 48.24 دولار وهو أقل مستوى منذ يزيد على ستة أشهر، لتعود للارتفاع بشكل طفيف . وتراجع سعر الخام الأمريكي بدوره إلى 43.35 دولارا في التعاملات الآسيوية متأثرا بتخمة العرض المحلي و الدولي . وزادت واردات الصين من النفط 4.1% في يوليو/تموز مقارنة بيونيو/حزيران، لكن هذه الزيادة قابلها تراجع أكبر في الصادرات بلغت نسبته 8.3% ما رجح مخاوف بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين. و تحركت الجزائر بقوة لحمل أوبيك على إعلان خفض للانتاج لاسعاف منحى الاسعار المستمر في الانهيار و الذي يكبد الخزينة الجزائرية نزيفا متزايدا من العملة الصعبة . ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية أول أمس الاثنين عن وزير الطاقة الجزائري صالح خبري قوله إنَّ المشاورات جارية لأخذ قرار في شأن احتمال عقد اجتماع طارئ ل"أوبك. على أن مندوبان بالمنظمة النفطية بددا أمال الحكومة الجزائرية حين فندا بالمرة وجود مقترح بعقد اجتماع طارئ لأوبك قبل نهاية السنة الجارية . و هاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة أمس مسؤولي أوبك و إتهمتهم بخذل الجزائر برفضهم طلبها بعقد إجتماع عاجل للمنظمة . و تفيد معطيات رسمية أن عائدات الجزائر من صادرات النفط ستتراجع خلال العام الجاري ، بحوالي النصف بسبب تراجع أسعار النفط ( لتنتقل من 68 مليار دولار الى 34 مليار مع نهاية السنة ) و هو ما دفع الحكومة الى إعتماد تدابير تقشف منها تخفيض الإنفاق الحكومي إضافة إلى إقرار إجراءات ضريبية لتشجيع الاستثمار. . ويمثل النفط والغاز 95% من الصادرات الجزائرية، كما تؤمن إيرادات الطاقة 60% من الموازنة. وفي محاولةٍ للحد من تداعيات أزمة النفط على الاقتصاد المحلي، قرر مجلس الوزراء الجزائري برئاسة بوتفليقة فرض نسبة ضريبة متفاوتة على أرباح الشركات لصالح مؤسسات الإنتاج، تقدر ب19%، مقابل 23% بالنسبة إلى شركات البناء والأشغال العمومية والري والسياحة، و26% على باقي القطاعات، خاصة الواردات، التي من شأنها أن تستنزف احتياطيات البلاد من العملة الصعبة. وفي هذا السياق، تقرر رفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة، خاصة الحديد والصلب والألمنيوم، في محاولة لتشجيع الإنتاج المحلي. وأظهرت بيانات رسمية، ، أن الجزائر، العضو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، سجّلت عجزاً تجارياً بلغ 7.78 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقابل فائض قيمته 3.2 مليارات دولار قبل عام. وكان البنك المركزي الجزائري قد أعلن في وقت سابق عن تراجع احتياطات البلاد من النقد الأجنبي ب19.02 مليار دولار خلال الربع الأول من السنة الحالية، لتهوي إلى 159.9 مليار دولار، بسبب تهاوي أسعار النفط. و لا تكف الحكومة الجزائرية عن طمأنة الرأي العام بشأن عدم وجود تداعيات عميقة على الشق الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، جراء الانهيار المسترسل لعائدات النشاط النفطي غير أن الساحة الجزائرية تسجل مؤشرات ومعطيات تعكس احتقانا حقيقيا داخل المجتمع الجزائري، يمكن ملاحظته في الإضرابات والاحتجاجات المتتالية، لأسباب مختلفة، منها البطالة والسكن والأجور المتدنية. وفضلا عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي قد تساهم في انفجار المجتمع الجزائري، تأتي الأزمة السياسية الناتجة عن الجمود الذي يعرفه المشهد السياسي منذ سنوات وغياب مؤشرات توجه سياسي سليم في المستقبل.