يوم الأحد الماضى أعلن د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة أنه تقرر فصل 15 طالبا فصلا نهائيا بسبب إصرارهم على ممارسة العنف والتخريب فى الجامعة، ولأن بعضهم كان قد سبق فصله ثم أعادته بعد تقديم تظلمات، لكنهم أصروا على معاودة استخدام العنف. فى العام الماضى وجه البعض لوما شديدا لرؤساء ومسئولى الجامعات، لانهم توسعوا فى عملية الفصل النهائى للطلاب. كانت حجة هؤلاء وقتها وجيهة وهى ان قرار الفصل النهائى للطالب يعنى عمليا إجباره على احتراف العنف والإرهاب، وبالتالى فإن المجتمع سيخسره تماما. غالبية رؤساء الجامعات اقتنعوا بهذه الحجة، وربما تلقى بعضهم نصائح بوقف قرارات الفصل النهائى. أذكر أننى تحدثت مع رئيس جامعة كبيرة مرموق فى هذا الأمر، وقال لى ان جامعته تستدعى الطلاب الذين يمارسون العنف وتحاول اقناعهم بخطل وخطورة ذلك فى حق وطنهم ومستقبلهم، وإذا عادوا للعنف مرة أخرى يتم استدعاء أولياء أمورهم وأخذ تعهد عليهم. وإذا لم تفلح كل هذه الخطوات يتم اتخاذ قرارات عقابية متدرجة، لا تصل إلى الفصل النهائى، ومعلوماتى ايضا أن غالبية الجامعات ألغت قرارات الفصل النهائى السابقة حفاظا على مستقبل الطلاب من جهة ومنعا من تحولهم إلى إرهابيين محترفين من جهة أخرى. السؤال الآن هل يمكن أن نلوم إدارات الجامعات لانها قررت ان تفصل الطلاب الذين عادوا لممارسة العنف؟! شخصيا لا أجد أى عذر لهؤلاء الطلاب، فعندما تعطى الفرصة أكثر من مرة للطالب، ثم يصر على العنف، فليس مكانه الجامعة. أتضامن تماما مع حق الطلاب فى التعبير عن آرائهم بغض النظر عن نوعيتها، طالما كانت فى إطار القانون، وأعارض تماما أى إجراءات تحول الطلاب إلى جواسيس على زملائهم. فى العام الدراسى الماضى رأينا طلاب الإخوان يقتحمون مكتب عميد حقوق القاهرة ويدمروه، ويقتحمون ندوة فضيلة الشيخ على جمعة ويسبونه بألفاظ نابية، ويحرقون العديد من المنشآت فى جامعة عين شمس وجامعات اخرى، ويحاولون تحويل جامعة الأزهر إلى "رابعة جديدة". الجامعة مكان للعلم والابتكار والحريات الاكاديمية، لكن فى اللحظة التى يحمل فيها الطالب زجاجة مولوتوف أو تخفى فتاة تحت نقابها شمروخا، هنا تتوقف الحرية، ولابد أن يتم التعامل مع هذه النوعية باعتبارهم مجرمين، ينبغى محاسبتهم طبقا للقانون. فى العام الماضى ملأ أنصار الإخوان الدنيا صراخا على فصل الطلاب مؤقتا أو نهائيا، ولم يرمش لهم جفن بشأن ما فعله هؤلاء الطلاب فى المنشآت الجامعية. على هؤلاء ان كانوا موضوعيين حقا أن يتحدثوا عن هؤلاء الطلاب الذين تم فصلهم ثم إعادتهم، ثم استمروا فى استخدام العنف. فى اللحظة التى يرفع فيها الطالب السلاح يتوقف التعامل معه باعتباره طالبا. فى المقابل فان الجامعات لا يفترض أن تكتفى فقط باتخاذ الإجراءات العقابية بحق الطلاب، بل يفترض أن تكون «آخر العلاج» كما يقولون. وهنا نسأل ماذا فعلت الجامعات قبل ان يتحول الطالب إلى مخرب أو مشروع إرهابى بدلا من الاهتمام بدروسه أو حتى التعبير عن رأيه بعيدا عن العنف؟!. المطلوب ان تبذل الجامعة جهدا أكبر للوصول إلى عقول وقلوب الطلاب وتشرح لهم حقيقة ما يحدث، مطلوب ان يتحدث الأساتذة مع طلابهم فى كل شىء، خصوصا مخاطر التطرف والمتطرفين. وان يتركوا لطلابهم حرية التعبير، حتى لا يجدوا أنفسهم فى مصيدة التطرف والإرهاب، خصوصا فى ظل صعوبة الأوضاع المعيشية من جهة، ومهارة الإرهابيين فى جذب شباب صغير السن بأفكارمدمرة تبدو براقة. إذا فعلت الجامعات ذلك فربما تنجح فى منع طلاب أبرياء من الوقوع فريسة للمتطرفين، وفى هذه الحالة لا يمكن لأحد وقتها أن يلومها إذا فصلت نهائيا من يصر على الاستمرار فى طريق الإجرام. علينا أن نحافظ على أبنائنا الطلاب بكل الطرق حتى لا نقدمهم هدية مجانية لقوى التطرف، فيعودوا لنا بعد شهور قليلة إرهابيين محترفين. نقلاً عن جريدة الشروق