مازال الإجهاض يثير حوله زوابع من الانتقادات والتصريحات الحكيمة واللئيمة وغيرها من أنواع الكلام الذي بات يلقى به هنا وهناك تتلقفه المواقع والفضائيات والصحف وحيطان المواقع الاجتماعية ، وبات بعض المتكلمين فيه نجوما يلمعون في سماء مظلمة تغطي وجوه آلاف النساء اللواتي دمرت حياتهن أو انتهت بسبب الحمل غير المرغوب فيه، أو بسبب إجهاض تم بأعواد البقدونس أو بمادة" الشبة" أو حبوب لعلاج القدم السكرية دست في رحم لا تريد صاحبته أن تقذف إلى الشارع أو تقتل، أو تدس الجنين حيا تحت التراب أو تلقي به في القمامة وتهرب نازفة إلى المجهول..آخر التصريحات المسمومة صدرت عن "الريسوني" نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي قسم في مقاله على موقعه الالكتروني المتدخلين في قضية الإجهاض إلى فريقين :فريق الإسلاميين وفريق الاجهاضيين تقسيم سهل ومثلما يقول المغاربة " جيب افم اوقول"كتب الريسوني" الإجهاضيون يسعون إلى تحرير الفروج وتعطيل الأرحام والإسلاميون يسعون إلى تحصين الفروج وتشغيل الأرحام" يتحدث عن الأرحام والفروج في استسهال مريض وكأنه بات وصيا هو الذكر غير الخائف من الحمل بعد اغتصاب أو تغرير على أرحام النساء، ولا يعيش في مجتمع اختلطت فيه كل البلاوي ولا يمشي في أسواقه وطرقاته ولا يقرأ صحفه ، لا يقرأ عن الاغتصاب عن زنا المحارم عن أطفال الشوارع وعن آلاف الأمهات العازبات اللواتي حملن من رب البيت الذي قذفهن إلى الشارع، لان الخادمة القاصر التي لم تستطع حماية فرجها لن تستطيع أن توكل محامي أو تدافع عن نفسها وقد تحولت بحملها في نظر المجتمع إلى "حامل من الزنقة"فيكون مصيرها وابنها الشارع بكل ما يعنيه من عنف واغتصاب وجوع ومذلة، وبعيدا عن حديث الريسوني وغيره ممن يختارون الكلمات المستفزة التي تليق بالنشر على حبال المواقع "كالفروج"نعود إلى تصريح الحسين الوردي وزير الصحة الذي أكد خلال اللقاءٍ الوطنيّ حول"الإجهاض: التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية" الذي نظمته وزارة الصحة الخميس 12/3بالرباط أن القانون الجنائي المغربي في فصوله المتعلقة بالإجهاض (449-458) قانون مُجْحف و متشدد وقاسٍ ومتجاوز "، وهو القانون الذي طالما انتقدته جمعيات نسائية وحقوقية وحتى بعض علماء الدين ومنهم عبد الباري الزمزمي رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل وعضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي سبق وأكد ل"العلم" أن الإجهاض قبل ستة أسابيع مباح شرعا وندعو إلى رفع العقوبة عنه باعتباره واقعا لا يمكن مقاومته، تصريح ينضاف إلى تصريحات كثيرة ضجت من تبعات الإجهاض العشوائي وإصرار المغرب الرسمي على إبقاء هذا القانون رغم تطور المجتمع وتطور مشاكله ، وكذا ارتفاع عدد ضحايا الإجهاض والمشاكل الاجتماعية المرتبطة به و بالحمل غير المرغوب فيه. عائشة الشنا رئيسة جمعية التضامن النسوي التي سحبتها طيبة قلبها إلى التفكير في إيواء الحوامل العازبات ودعمهن حتى يلدن أطفالهن في أمان وتوفير الرعاية لهن مع الرضيع 3سنوات أكدت في تصريح ل"العلم" ، إلى خطورة إباحة الإجهاض في المغرب دون شروط، واعتبرت إباحته بشكل مفتوح مصيبة عظمى ومساسا بكرامة المرأة وكذا صحتها، مطالبة بإقرار التربية الجنسية في المدارس كخطوة أولى للتحسيس والوقاية من مخاطر الإجهاض وكذلك الحمل غير المرغوب فيه ، وطالبت بمعالجة كل حالة على حدة ، و بضرورة تقنين الإجهاض وإباحته في حالات محددة تقول الشنا كالحمل الناتج عن زنا المحارم أو الاغتصاب وكذلك إثبات طبيا الإعاقة الشديدة لدى الجنين التي ستحوله إلى عالة على الأسرة والمجتمع، أما المشاكل الاجتماعية وتعدد الولادات فكلها حالات تقول الشنا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ودراسة ملفها طبيا واجتماعيا، و لذلك نطالب تقول الفاعلة الجمعوية بان يتم تعديل هذا القانون الذي افرز مشاكل اجتماعية مأساوية للنساء ، مع التنبيه إلى خطورة الإجهاض على الصحة وكذلك مسه بكرامة المرأة.. ويبقى موقف الشنا هو نفس الموقف الذي عبر عنه اغلب المتدخلين، فالجميع مع تعديل هذا القانون الأمر الذي ستكون له آثار إيجابية كما قال وزير الصحة من حيث خفض نسبة وفيات الأمهات الناجمة على الإجهاض السري غير المأمون وستمكن الأطباء من العمل في إطار قانوني و في ظروف تحترم السلامة الصحية.. وعودة إلى كلام الريسوني وغيره من المتحاملين على المرأة نسال هؤلاء ماذا فعلتم لتغيير الوجه البشع للإجهاض السري..ماذا فعلتم لتحصين الفتيات في وضعية هشاشة وخاصة الطفلات الخادمات في البيوت ، والصغيرات المتسولات وبائعات المناديل الورقية واليتيمات والمتخلى عنهن ..أم هي دعوة فقط لتحصين" الفروج وتشغيلها" وكأنها محركات عربات أو فروج بهائم تلد حتى تيأس أو تموت....