في محاولة منها لتحريك مياه الحوار الاجتماعي التي تسببت في تجميدها، أرسلت الحكومة نهاية الأسبوع الماضي، إلى المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، وهي الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل،والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مراسلات لاستئناف الحوار الاجتماعي المقرر في العاشر من فبراير الجاري. اختيار هذا التوقيت بالتحديد، كان لممثلي النقابات عدة مؤاخذات عليه، من ذلك ما عبر عنه محمد كافي الشراط، الكاتب العالم للاتحاد العام للشغالين، الذي اعتبر أن الدعوة إلى إحياء الحوار الاجتماعي المقبر في هذا التوقيت بالضبط، لها خلفيات يعلمها الكل، مضيفاً في تصريح ل«العلم» أن مركزيته النقابية دائماً متفائلة ولديها أمل في تحقيق المطالب العادلة للفرقاء الاجتماعيين في التنمية الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للأجراء. وأكد الشراط، على أن الظرفية الراهنة للحوار المتسمة بما يشهده الشارع المغربي من مزيد الغليان، وكون السنة الجارية سنة انتخابات، ولجوء المركزيات النقابية للرفع من وتيرة الاحتجاجات المشروعة، كلها عوامل مفصلية في أي حوار مرتقب، مشيرا إلى أن التعليق والتصريح يجب أن يؤخر إلى ما بعد تاريخ 10 فبراير الجاري لمعرفة حقيقة دعوات الحكومة لإطلاق الحوار الاجتماعي مجدداً. من جهته، اعتبر عبد الحميد الفاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أنه وبالرغم من أن الدعوة للحوار جاءت متأخرة بعد إضرابي 23 شتنبر و29 أكتوبر وعلى بعد 3 أشهر من لاانتخابات المهنية، فإن الفيدرالية، ستعتبرها مقياسا لموقفها المستقبلي من ملف الحوار الاجتماعي برمته، مشددا في تصريح ل«العلم»، على أن الملف المطلبي المشترك بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين سيكون هو أساس أي حوار. واعتبر الفاتحي، أن الحكومة تعمدت تأخير الحوار حتى مررت قانون المالية، وما يهمها في المرحلة المقبلة هو تمرير قانون نظام المعاشات المدنية، في حين أن هناك قضايا مستعجلة لم تفعل فيها أي شيء، مثل تفعيل الاتفاقيات السابقة والحفاظ على القدر الشرائية للمأجورين، مذكرا بأن الفيدرالية أرسلت إلى رئيس الحكومة الملف المطلبي المشترك منذ أزيد من شهرين دون أن تتلقى ردا. بدوره شدد العربي بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديقراطية للشغل، على مخاوف المركزيات النقابية من أن يكون هدف الحكومة من استئناف الحوار الاجتماعي، في العاشر من الشهر الجاري، هو التحايل وكسب المزيد من الوقت، مادام أن الموعد قريب من فاتح ماي العيد الأممي للشغيلة، وتليه الاستحقاقات الانتخابية العمالية لمناديب وممثلي الأجراء. وقال بلعربي، في تصريحات صحفية، إن تلاعب الحكومة بالحوار لن يجدي المغرب نفعا، وأنهم كممثلين للشغيلة واعون بذلك، موضحا أن رهان الحكومة هو ربح الوقت، وإذا تأكد فعلا ذلك فهذا أمر ليس بسليم، في ظل التحولات التي يشهدها العالم. ما يجعل ضرورة فتح حوار حقيقي رهانا من الرهانات، حوار وليس لقاءات، يقول نفس المتكلم، ولما لا تفاوض جماعي ثلاثي التركيبة، الحكومة والباطرونا وممثلي العمال من أجل التداول في كل القضايا التي تهم التشغيل والأجراء.