في ظل الانخفاض غير المسبوق لأسعار المحروقات في السوق العالمية، وبعد كثير حديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي للجزائريين من الغذاء من طرف حكومة هذا البلد الحارة، التي يجد الجزائريون اليوم أنفسهم وعلى عكس ما وعدت به، يعيشون تحت وقع تبعية البلاد للعديد من الدول في توفير غذائهم، لترتفع فاتورة استيراد الحبوب لهذه السنة بأكثر من 366 مليون دولار خلال أحد عشر شهرا. ووفق الإعلام الجزائري، فقد ارتفعت فاتورة واردات الحبوب خلال الأشهر الإحدى عشر للسنة الجارية، حسب الأرقام المقدمة من طرف الجمارك، إلى 3,2 مليار دولار، مقابل 2,9 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، مما يمثل زيادة تجاوزت 366 مليون دولار، بنسبة نمو بلغت 9.37 في المائة. في السياق نفسه، سجلت واردات الجزائر من القمح حتى نهاية شهر نونبر الماضي، ارتفاعا قياسيا، حيث قامت الجزائر باقتناء 6,8 مليون طن من القمح بنوعيه اللين والصلب، مقابل 5,7 مليون طن خلال نفس الفترة من السنة الماضية. ودفعت الجزائر مقابل اقتنائها لهذه الكميات الهائلة من القمح ما تجاوزت قيمته الملياري دولار مقابل 1,9 مليار دولار نهاية نوفمبر من سنة 2013. في المقابل سجلت واردات الجزائر من الشعير، هي الأخرى، ارتفاعا محسوسا، ليزيد حجم الواردات من هذه المادة من 437 ألف طن إلى 712 ألف طن، لترتفع الفاتورة من 133 ألف دولار، إلى 181 ألف دولار. أما بالنسبة لواردات الجزائر من الذرة، فقد اقتنت الجزائر 3,8 مليون طن بما قيمته 914 ألف دولار مقابل 2,9 مليون طن من الذرة اقتنتها خلال الإحدى عشر شهرا لسنة 2013 بما قيمته 813 ألف دولار. ويبدي مراقبون ملاحظات حول كون واردات الجزائر من الحبوب أصبحت تعرف ارتفاعا مستمرا، دون أن تقدم مبررات موضوعية لمثل هذه الزيادات واللجوء المستمر للسوق الدولية، خاصة وأن الحاجيات النظرية للسوق الجزائري تتراوح ما بين 7 و 8 مليون طن بحساب التخزين، إلا أن حجم الواردات والإنتاج المحلي للحبوب هذه السنة يقدّر ب 16 مليون طن وهو رقم خيالي غير مبرر. مما يهدد بشكل حقيقي الأمن الغذائي للجزائر، ويجعل المواطنين يدقون ناقوس الخطر حول غلاء الأسعار وندرة المواد التي لم تعد واردات النفط الذي يشكل 96 في المائة من حجم تعاملات الاقتصاد الجزائري، القائم على النفط والغاز في ظل انعدام أنشطة اقتصادية بديلة التي لا تتجاوز عائداتها 4 في المائة، مما يطرح عدة علامات استفهام حول رهن الحكومة الجزائرية مستقبل الجزائريين الغذائي بيد المجهول.