عقب خلع مبارك كانت مصر مهيأة لتغيير حقيقي ، لكن ( أبو حمادة ) بواب العمارة ذهب ليصوت هو و زوجته بعلامة ( نعم ) على استفتاء التعديلات الدستورية صباح 19 مارس عام 2011 !! قال لي بصوت خفيض : ( يا باشا المسيحيين هيصوتوا بلأ عشان يشيلوا الإسلام من الدستور ) !! بعدها ابتهج ( أبو حمادة ) بالانتصار في ( غزوة الصناديق ) و شرب مع رفاقه على عتبات المسجد ( كؤوسا من السوبيا ) في صحة التعديلات الدستورية !! هؤلاء الذين استغلوا بساطة الرجل و أقنعوه بهذا العبث و تلك الغزوة هم من أوصلونا الأن إلى إثبات العبارة المريرة الساخرة : مصر مش تونس !! خاصة عقب الانتخابات البرلمانية هناك . التيار العلماني التونسي كان صلبا في مواجهة الظلام و بندية تصل إلى حد الغلبة ، العلمانية تحتاج إلى بيئات مستنيرة كي تنمو فيها و تزدهر ، الفقر و الجهل و المرض شكلوا تاريخيا سمادا عضويا لصبار المتشددين و أشواكهم ، مصر رسميا أكثر من ربع سكانها من الأميين !! و فضائيا يعاني بعض خبراءها الأمنيين و الاستراتيجيين من الأمية الدستورية و السياسية !! التونسيون استفادوا مما رآوه من تجارب الجوار ، لاسيما التجربة المصرية التي كشفت مشروع التأسلم السياسي في المنطقة بأسرها ، ثورة المصريين في يناير و محاولات التآمر عليها ، ثم رد الفعل الدامي للتيارات الدينية تجاه الثورة الثانية في يونية و ما بعدها ، ثلاث سنوات كانوا بمثابة ( لمبة حمراء ) أعلى أبواب لجان الاقتراع التونسية ، تحذر كل حر انتظر دوره كي يدلي بصوته !! المتأسلمون في تونس تحاشوا أن يلعقوا وعودهم مثل أقرانهم ، بدا أن راشد الغنوشي دخل ذات مساء على موقع يوتيوب ، بحث عن مقطع فيديو ( للثوري ) محمد البلتاجي عقب أيام من خلع مبارك ، بعدها بحث عن مقطع أخر ( للإخواني ) محمد البلتاجي على مسرح رابعة العدوية ، ثم طرح المشهد الأول من الثاني ، فكانت المحصلة النهائية : ( الإرهابي ) محمد البلتاجي بانتظار حبل المشنقة !! الغنوشي في تونس تلقن الدرس ، و لو مؤقتا على سبيل التقية !! بالنهاية يجب أن نحتسي جميعا كؤوسا من السوبيا في صحة تونس ، فازت الديمقراطية هناك ، حصل حزب نداء تونس العلماني بزعامة "باجي السبسي" على أغلبية برلمانية في حين أقر راشد الغنوشي بتراجع النهضة الإسلامي و هزيمته ، أما ( أبو حمادة ) فقد قبض عليه و حوكم في أحداث مسجد الفتح ، لا يسأل عن زوجته و طفله أحد من هؤلاء الذين استغلوا جهله و غرروا به ، حمادة ما زال يحبو في الصباح بجوار أمه و هي تمسح زجاج السيارات ، و حتى تصبح ( مصر زي تونس ) يجب أن يجد حمادة من يقوم بتعليمه و تنويره و إلا سوف يصبح عقب سنوات قليلة : حمادة تاني خالص !! للتواصل مع الكاتب عبر تويتر : twitter.com/sheriefsaid للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك : facebook.com/Sherief Said