تُشير عقارب الساعة إلى الثامنة صباحا بتوقيت المغرب الجديد، نحن في سوق الجملة للخضر والفواكه بسلا، حلّ علي الخضار الخمسيني بالسوق متأخرا عكسَ غيره من التجار الذين يتوافدون على السوق مع الساعات الأولى للصباح مباشرة مع مجيء الدفعة الأولى من الشاحنات التي تقل خيرات المدن البعيدة، سيما من جهة أكادير منذ حوالي الساعة الواحدة صباحا. يُعلّل علي الذي قبل مرافقة «العلم» له خلال عملية التسوق، عدم إقباله على سوق الجملة في وقت مبكر بكون «الشناقة» المضاربين لا يتركون لأمثاله من صغار التجار فرصة لاقتناء البضاعة بأثمنة معقولة بالنظر لممارستهم لأصناف من المضاربات الممنوعة التي ينجم عنها مضاعفة أسعار الخضر. منذ دخولنا باب سوق الجملة المطل على طريق القنيطر، لفت انتباهنا الحركية الكبيرة التي يعرفها، شاحنات وسيارات وعربات ودراجات، وأصوات تتعالى وحمالة وأكوام من البصل مرصوصة أمام الشاحنات، وبداخل الحيز المغطى من السوق صفوف من الخضر مختلفة الألوان والأشكال والدلالة ينادون على بضاعتهم. وفي جهة أخرى صناديق الفواكه ذات البهجة، وخارج الفضاء المغطى صنوف من البقوليات المرصوصة. إلا أن وفرة المعروض لا تشفع في الخفض من الأثمنة المتدحرجة، كما يشير إلى ذلك علي الخضار. فالبصل هو الأغلى في السوق بسعر يتراوح بين 5 دراهم و5,50 دراهم للكيلوغرام ليبلغ سعره بالتقسيط 7 دراهم، والجلبانة 5 دراهم لتباع في سوق التقسيط 6,50 دراهم، القرع الأحمر 5 دراهم وبالتقسيط 7 دراهم، والفلفل الأخضر 3 دراهم وبالتقسيط 4 دراهم للكيلوغرام، والبطاطس 2,50 درهم والتقسيط 3,50 دراهم، القوق 2,30 دراهم البيع بالتقسيط 3,50 درهم الخيار 3 دراهم والتقسيط 4 دراهم. نفس الارتفاع في الأسعار سجلناه في رواق الفواكه، التي يتربع التفاح بسعر 8 دراهم للكيلوغرام بالجملة ليباع بسعر 10 دراهم بالتقسيط، والموز 7 دراهم ليباع بالتقسيط بثمن 8,50 دراهم والفراولة 8 دراهم وبالتقسيط 10 دراهم، والبرتقال الكبير 2,50 دراهم ثمن البيع بالتقسيط 3,50 دراهم والبطيخ (الميلو) 5 دراهم بالجملة ليباع بثمن 7 دراهم بالتقسيط. في هذا السياق، اعتبر المحلل الاقتصادي، نجيب أقصبي، أن الزيادة في أسعار المحروقات تسببت في جزء من ارتفاع الأسعار، إلا منطق الريع والزبونية المهيمن في أسواق الخضر والفواكه بالجملة في المغرب هو السبب الرئيسي، وأضاف في تصريح ل»العلم»، أن قطاع التوزيع والتسويق هو معقل الريع والفساد ومن القطاعات التي تأبى الإصلاح في بلادنا لكونه يتعارض مع مصالح شريحة من المتدخلين فيها والذين يستفيدون من تسييس القطاع لأغراض معروفة. وأكد أقصبي، على وجود عدة دراسات اقتصادية تجاوز عددها العشرين دراسة، قامت بمقارنة ثمن بيع عينة من الخضر والفواكه من طرف الفلاح والثمن الذي تصله بعد المضاربات في أسواق الجملة، لتخلص إلى نتيجة مهولة هي أن الثمن يرتفع من 1 إلى 16 مرة، وأن المستهلك المغربي يؤدي من 5 إلى 10 مرات ضعف الثمن الذي يأخذه الفلاح على المنتوج. ما يجعل أن الفلاح خاسر والمواطن خاسر والرابح الأكبر، يقول أقصبي، وهو المضاربون الذي يعملون بلا حسيب ولا رقيب، محملا وزارة الداخلية المسؤولية.