لم تعد الرباط العاصمة الإدارية للمغرب فحسب، بل أيضا عاصمة للاحتجاج في لحظة سياسية واجتماعية واقتصادية مريرة يمر منها المغرب، ووتيرة هذه الاحتجاجات في مد تصاعدي يوما بعد يوم خصوصا مع حكومة بنكيران 2، بعض المتفائلين بالفطرة يعتبرون ذلك مؤشرا للديموقراطية، لكن حقيقة الأمور غير ذلك لأنه مؤشر ساطع على أن هناك خللا ما يعتمل داخل هذه الحكومة على مستوى الأداء والتدبير. المعطلون من كل المستويات والفئات فيهم الحاصل على الإجازة وفيهم الحاصل على الماستر، فيهم التنسيق الميداني للمجازين المعطلين، وفيهم أصحاب محضر 20 يوليوز ومنهم الأساتذة المقصيون من الترقية بالشواهد ناهيك عن الجمعيات والمنظمات النقابية والمدنية التي تخرج من حين لآخر للتنديد بالإجراءات الحكومية في قطاعات متنوعة ومختلفة. حاليا المجازون المعطلون دخلوا في إضراب عن الطعام يوم أمس الأربعاء 18 دجنبر الجاري إلى غاية يوم الجمعة المقبل ردا على سياسة الآذان الصماء التي تنتهجها الحكومة تجاه ملفهم المطلبي والتعنيف الذي يطالهم من قبل هذه الحكومة لمدة أكثر من سنتين. شهر من الاعتصام المفتوح بشوارع الرباط للأساتذة حاملي الشواهد المقصيين من الترقية، وقد تدخلت يوم الثلاثاء 16 دجنبر 2013، قوات الأمن العمومي لتطويق الآلاف بساحة باب الحد ولتفريق المشاركين في مسيرة سلمية. وفي بداية هذا الأسبوع خلف تدخل القوات العمومية ضد هؤلاء الأساتذة أزيد من 20 إصابة متفاوتة الخطورة على مستوى الرأس والرقبة والظهر والساق وأخطرها إصابة أستاذ عن نيابة وزان على مستوى الصدر مع مصادرة الهواتف، ونقلت سيارة الإسعاف أستاذة في حالة غيبوبة إلى المستشفى كما تم تسجيل اعتقال ثلاثة أساتذة تم إطلاق سراحهم فيما بعد. وأسفر تدخل آخر ضد هؤلاء الأساتذة يوم أمس الأربعاء أمام مبنى البرلمان عن إصابة أكثر من 10 أساتذة ثلاثة منهم إصابتهم خطيرة نقلوا على إثرها إلى مستعجلات مستشفى ابن سينا بالرباط وتم اعتقال 13 أستاذا وتمت مطاردة الآخرين لمدة تزيد عن الساعة عبر دروب وأزقة الرباط. أمام كل هذه الأحداث لم تقف العديد من المنظمات الحقوقية مكتوفة الأيدي بل سارعت إلى التضامن مع المحتجين مطالبة بألا تكون لغة العصا هي البديل لحوار مسؤول للوصول إلى حل مرضي لهذه الإشكالات. وأكدت هذه المنظمات على أن الحق في التظاهر السلمي مكفول ومعترف به في الدستور المغربي وفي كافة المواثيق الدولية كما هو وارد في المادة 163 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادتين 3 و12. ومن بين هذه المنظمات من طالبت رئيس الحكومة بأن يكف عن معالجة القضايا باستعمال القوة المفرطة التي لن تزيد إلا في تعميق الأزمة وتدهور الأوضاع، وأوضحت أنه لإيجاد حل لإشكال المعطلين لابد من العمل على إطلاق حوار وطني بمشاركة كل فئات المعطلين والمجتمع المدني والهيئات الحقوقية وكافة المتدخلين لتوظيف آلاف خريجي الجامعات لأن الدولة المغربية مسؤولة عن توظيف حاملي الشواهد.