3- من الفرد إلى المؤسسة 3-1 الاستقلال وشبه غياب المؤسسة :بعد إعلان الاستقلال «تجلت (الترجمة ) أبرز ما تجلت بادئ الأمر كممارسة لتعريب الوثائق العدلية (الإدارية تعميما )، لا كممارسة ثقافية وإبداع فكري .(1) ومن نافلة القول التذكير، بارتباط عملية الترجمة «كممارسة ثقافية وإبداع فكري» بعملية الكتابة، وبارتباطهما معا بالسياسة اللغوية والثقافية للدولة ، وحتى نبين المسؤولية الكبيرة التي اضطلع بها المثقف الفرد في المغرب في شبه غياب دعم المؤسسة له في مجال التثاقف عبر الترجمة وتطوير الكتابة ? وهي المسؤولية التي أثمرت في النهاية منح المغرب مركزا محمودا في العالم العربي - نوازن بين حالة مصر (2) وحالة المغرب في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين : ففي الفترة ما بين 1952 و1967، شهدت مصر ارتفاعا غير مسبوق لأعداد الكتب المترجمة ، حيث كان يصدر أكثر من مائتي عنوان في السنة مقابل ثلاثين إلى خمسين عنوانا في سنوات الأربعينيات . وقد كان وراء عصر الترجمة الذهبي هذا في مصر ثلاثة عوامل، هي : - سياسة الدولة الثقافية المدعمة للتأليف والترجمة (مشروع الألف كتاب). - السياسة التعليمية المتمثلة في التعريب / التعميم. -تجنيد الدولة لمثقفي الحقبة السابقة المتمكنين من اللغات الأجنبية. في نفس الحقبة كان المثقف المغربي يصارع من أجل الحصول على الاستقلال ، و يهلل بعده لإنشاء أول جامعة مغربية حديثة ليصطدم بتهميش الدولة للشأن الثقافي ،مواجها احتقانا سياسيا داخليا وحكومات متعاقبة قد لا يستمر بعضها سنة كاملة . والحال أن مغرب الاستقلال ورث عن مغرب الحماية ،وضعا لغويا وثقافيا معقدا ، زاده تعقيدا تعاقب السياسات اللغوية والثقافية الضعيفة وتأزم العلاقة بين المثقفين والسلطة: - على المستوى اللغوي ،نلاحظ - وإلى يومنا هذا- استمرار الزمن الاستعماري مع تكريس الازدواجية اللغوية (فرنسية /عربية) لغير صالح العربية ، وتعثر محاولات التعريب . بحيث يحق بالفعل أن نتحدث عن انفصام تجسده الهوة بين السياسة المعلنة عنها في الدساتير ،وبين الممارسة الواقعية . ويعبر قاسم الزهيري عن هذا الوضع بقوله إننا «نعتمد على قاعدة هشة تقوم على رجلين ، رجل ضعيفة تتشكل من اللغة الوطنية ، ورجل مستعارة هي اللغة الأجنبية التي اتخذناها كسلا في أغلب مناحي حياتنا ، بل حتى في خطاب بعضنا البعض « . (3) - أما على المستوى الثقافي، فإذا كان من المسلم به ، كما أشرنا سالفا ، بأن التنمية الثقافية تعد عصب التنمية الاجتماعية الشاملة ، بفعل كونها شرطا للتنمية الاقتصادية بقدر ما هي مشروطة بها ،فإن هذه المسلمة كانت غائبة عن مخططي الحكومة المغربية الأول والثاني للتنمية الاقتصادية ( 1960/1964-1965/1967) .هذا مع الإشارة ، إلى أن المغرب سيشهد في مستهل الستينيات إنشاء مؤسستين مخصصتين لتعريب المصطلحات من أجل خدمة الإدارات الحكومية بالأساس: معهد الدراسات والأبحاث للتعريب التابع لجامعة محمد الخامس (1960) (4)، والمكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم « (1961) في مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات (1968/1972) ستتم الإشارة إلى مفهوم التنمية الثقافية مقرونا بالتربية ، وستشهد هذه الفترة بالذات -ويا للمفارقة - تخليا عن تدريس الترجمة في المرحلة الثانوية ،حيث بقيت» مادة «الترجمة» بعد الاستقلال ، تدرس في سلسلة المدارس «الحرة» التي كانت تقدم جميع المواد ، بما فيها العلوم الطبيعية والرياضيات والفيزياء والكيمياء بالعربية . وكانت هذه المادة «مماثلة « لمادة الترجمة في المدارس « الرسمية « الفرنسية ، في فترة الاستعمار» . (5) حينما سيتم الانتباه أخيرا في مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات (1973/1977)، إلى أن السياسة الثقافية التي تشمل قطاعات أساسية مثل التعليم والتكوين والاعلام تشكل أحد العناصر الأساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ، ظلت الإجراءات القانونية دون تفعيل بسبب الوضعية المؤسفة للوزارة التي من المفروض أن تضطلع بهذا الدور . في هذا السياق نشير ، إلى أننا كثيرا ما نندد في المغرب بغياب استراتيجية محكمة في مجال الترجمة ، متناسين بأن هذه الاستراتيجية يجب أن تكون نتاج سياسة ثقافية جادة تضطلع بها مؤسسة ذات مشروع وطني واضح الأهداف تمتلك الوسائل الضرورية لتنفيذه ، وهوما لم يكن بإمكان وزارة الثقافة ? مقرونة أو غير مقرونة بقطاع التعليم - أن تقوم به بالنظر إلى تاريخها الطويل من التبعية وعدم الاستقرار . لقد كان على المغاربة أن ينتظروا خمسة عشر سنة بعد الاستقلال ، لتظهر ولأول مرة مع الحكومة الثانية عشر ( 1971) تسمية وزارة الثقافة مقرونة بقطاعات التعليم العالي والثانوي والأصيل وتكوين الأطر ، معوضة تسمية «الفنون الجميلة» الموروثة عن زمن الاستعمار ، مع العلم أن الفنون الجميلة زمن الاستقلال قد ألحقت مع كل حكومة جديدة بمؤسسة مختلفة : فهي تابعة لوزارة التربية الوطنية تارة و بوزارة الاعلام والسياحة ، أو بقطاع السياحة والصناعة التقليدية أو بالشباب والرياضة أو بوزارة الاوقاف الاسلامية تارة اخرى . ثلاث سنوات بعد ذلك ، أي سنة 1974، سيعين لأول مرة وزير للدولة مكلف بالشؤون الثقافية ،إلا أن هذه الخطوة الإيجابية في مجال علاقة الدولة بالثقافة تظل محدودة النتائج بسبب الميزانية الهزيلة المخصصة للوزارة . والجدير بالذكر أن منتصف السبعينيات شهد صدور نصوص تشريعية بخصوص تدريب جامعي للقيام بالترجمة ، ظلت حبرا على ورق بسبب نقص الإمكانيات . ولعل الإضافة النوعية ، نسبيا ، تكمن في إصدار مجلة المناهل في نفس السنة ، والتي كانت تنشر على صفحاتها بعض الترجمات الإبداعية (الشعرتخصيصا ) من اللغتين الإسبانية والإنجليزية أساسا. وهو ما كانت تقوم به أيضا مجلة « دعوة الحق « التابعة لوزارة الأوقاف (1957) . مع الاحتقان السياسي في المغرب ، وتعاقب الحكومات ووزراء الثقافة ذوي التوجهات المختلفة ومع ضآلة الميزانية المخصصة للوزارة و التي لم تتجاوز مثلا في سنة1994 ، 0.2 في المائة ، حصل المغرب عند نهاية رئاسة محمد بنعيسى للوزارة على تصورات ومشاريع ظلت حبيسة الأوراق التي دونت عليها ، كما حصل في الواقع على إضافة فرع جائزة الكتاب المترجم (1992) إلى فروع جائزة المغرب السنوية للكتاب، وعلى تنظيم معرض دولي للكتاب ، إضافة إلى مهرجانات على رأسها مهرجان أصيلا. أما مشروع إنشاء «المؤسسسة الوطنية المركزية للترجمة»، الذي تم عرضه سنة 1995 في البرلمان فلم يكتب له أن يرى النور إلى اليوم . ولعل الخطوة الإيجابية في مسار علاقة المؤسسة بالترجمة في التسعينيات ،وإن كانت تؤكد في المقابل تعثر مسيرة التعريب ، تتمثل في العودة إلى تدريس الترجمة في المدارس المغربية بعد توقف دام ربع القرن ، إذ اعتمدت المدارس الثانوية تعليم « ترجمة المصطلحات العلمية « قصد إعداد التلاميذ لمواصلة دراستهم الجامعية بالفرنسية «. (6) وقد أدت العودة إلى تدريس الترجمة بالضرورة إلى فتح شعب للترجمة في المدارس العليا للترجمة (1991) ، بهدف إعداد أساتذة للترجمة يتكلفون بمهمة التدريس بالثانويات . خلال فترة التناوب التوافقي (1998) مع محمد الأشعري - وفيها ظل مشكل التسمية مطروحا ، حيث انضاف قطاع الاتصال إلى الثقافة إلى حدود سنة 2004? شهد البرلمان نقاشات تصل بين التحول الديمقراطي والتقدم الثقافي . وقد أدت هذه النقاشات إلى بلورة مشاريع تحتضنها المؤسسة للنهوض بالمجال الثقافي، إلا أن هذه المشاريع اقتصرت في المجمل على تقوية البنية التحتية الثقافية ، ودعم نشر بعض الأعمال الكاملة الخاصة ببعض الكتاب . و من العلامات الفارقة تنظيم وزارة الثقافة سنة2002 ، ندوة تحت عنوان :» الترجمة في المغرب: أية وضعية ؟ وأية استراتيجية ؟ « ، تقول توصيتها بالحرف (7): « اعتبارا للدور الحيوي والحاسم الذي تؤديه الترجمة في التنمية الثقافية الوطنية والتلاقح الحضاري (....) ، أجمعت الفعاليات المشاركة (..) على ضرورة صياغة مشروع وطني مرحلي للترجمة يتمثل في ترجمة 100 كتاب من مختلف المجالات الإبداعية والمعرفية والعلمية إلى العربية . وذلك في جدولة أقصاها ثلاث سنوات» وتتضمن التوصية اختيار اللجان المتخصصة التي ستوكل لها مهمة اقتراح الكتب ولجنة المتابعة مع توفير الشروط المادية الضرورية لانجاز المشروع « . ما هو مصير هذا المشروع ؟ الإجابة نستشفها من خلال حجب جائزة الترجمة في السنة الموالية لهذه التوصية ، أي في سنة 2003، وكذلك في سنتي 2004و 2009؟ كما نستشفها من خلال مسار الوزارة بعد محمد الأشعري .... وإذا كانت السياسة العمومية الجديدة اليوم في المجال الثقافي، هي تعزيز الهوية المغربية وإبراز قوة المغرب الثقافي ، فإن تنظيم حركة الترجمة ومأسستها يجب أن تقع في القلب من هذه السياسة ، خاصة وأن جهود الفرد في مجال الترجمة - والتي أدت بالفعل إلى تحريك المياه الراكدة على مستوى تنشيط الحياة الثقافية وتجديد أساليب التدريس- هي في أمس الحاجة إلى أن تضطلع المؤسسات بمسؤولياتها لتغيير هذه النتيجة السلبية السارية المفعول رغم بعض التطور الحاصل : « غياب المؤسسات ودور النشر المتخصصة والمترجمين المتفرغين والجوائز التشجيعية ، والتمويل الكافي بالإضافة إلى البرمجة ومسايرة آخرالتطورات والآليات في صناعة الترجمة والقواميس المتخصصة والتمكن من اقتناء أصول الكتب المفترض ترشيحها للترجمة « (8) 3-2 عصامية الفرد : ردا على تقزيم السياسة الرسمية للثقافة ،تم تأسيس اتحاد كتاب المغرب في الستينيات و بادر مجموعة من المثقفين ، وهم في الغالب خريجو الجامعة الحديثة ، إلى تلقيح الساحة الثقافية بواسطة إصدار جرائد و مجلات جديدة تهتم بالشأن الثقافي والفكري ،نذكر منها إلى جانب « آفاق» (1963) التابعة لاتحاد كتاب المغرب ، «أقلام «(1964) ، و» أنفاس» (1966) ، التي ستنضاف إليها في السبعينيات :»الثقافة الجديدة « 1974 ، و»الزمان المغربي»1979. و إذا كان ما ترجم في هذه المجلات في مجال الفكر والأدب خلال سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين يبدو لنا ضئيلا ، فإننا نستنتج منه - خاصة إذا اضفنا له ما نشر في الملاحق الثقافية بالجرائد الوطنية كالعلم مثالا ، و المحرر التي كانت تستعيض عن الخصاص في المواد باللجوء الى الترجمة - (نستنتج منه) :استمرار تقليد الترجمات الإبداعية بشكل ملحوظ ، مع بداية الانفتاح على التيارات الطليعية الغربية (الفرنسية خاصة) ، وهوما يؤكد أن المثقفين المغاربة وهم يتتلمذون على الأساتذة المشارقة (سوريا / مصر / لبنان) الذين أسسوا الأرضية الأولى للكلية بالمغرب ، كانوا تواقين إلى توسيع آفاقهم في مجال النقد والفكر بالترجمة مباشرة عن الآخر. وفي سياق استكمال الموازنة مع مصر ، نلاحظ بأن سنوات السبعينيات التي سيتراجع فيها مستوى نشر الكتاب عامة ، وسينخفض فيها مستوى عدد الترجمات بهذا البلد ، سيعرف فيها المغرب تهييء نخبة مثقفة حداثية (مرتبطة بالجامعة )قادرة على مد أفقها الى الخارج رغم الاحتقان السياسي . وهي النخبة التي ستأخذ زمام المبادرة فيما بعد لتلج مع مفكري المغرب العربي ومثقفيه ساحة الإنتاج الفكري والترجمة في المشرق العربي ، لتعيد بذلك للحظة المعرفية اعتبارها حسب تعبير جورج طرابيشي(9) ، ولترسم ملامح شخصية نقدية مغربية ، ستسعى استنادا إلى رغبتها في تجديد التكوين إلى اللقاء المباشر مع المراجع الغربية بعيدا عن الوساطة المشرقية . . وقد شكلت سنوات الثمانينيات - وفق كل المعطيات - الانطلاقة الفعلية لمشروع ترجمي عصامي هدفه سد الخصاص وتوطين المعرفة، حيث ستؤدي33 كتابا ، التي ترجمت خلال هذه الحقبة في غياب دعم الدولة إلى التأثير في المشهد النقدي المغربي والعربي على السواء ،وإلى خلخلة التراتبية المعرفية بين المشرق والمغرب نقدا وترجمة . وإذا كان العمل الجماعي في هذا المشروع لا يتعدى الترجمات الثنائية ، فإن انخراط مجمل المترجمين الناهضين به في سلك التدريس الجامعي وحد أفقهم الترجمي وتحكم في اختياراتهم . مما يجعل تصريحات بعضهم بأن ترجماتهم وليدة الصدفة ، تصريحات متسرعة وغير مقبولة ، وفي هذا الصدد نتفق مع رشيد بنحدو في اعتقاده الجازم بوجود قانون غير معلن (قانون الضرورة) يوحد الجهود الفردية بمعنى تحكم محددات تاريخية وثقافية وجمالية في اختيار الفرد لنص الترجمة . (10 ) نخلص مما سبق ، إلى أن مرحلة ما بعد الاستقلال - بخلاف سابقتها - وخاصة في الثمانينيات « مرحلة ترجمة الدراسات النقدية والشعرية بامتياز ، وهي بذلك تستجيب لحاجات عميقة في وعي المترجمين،الذين يزاوج أغلبهم بين النقد والترجمة ، البحث والترجمة ، الإبداع والترجمة ، في جدلية حداثية جارفة» . (11) وقد وازى هذه الحركة الثقافية الترجمية في الثمانينيات ، ظهور جمعيات للترجمة المهنية وعقد ندوات في الجامعة المغربية حول الترجمة , كما وازاها السعي إلى وصل ما انقطع بإنشاء « مدرسة فهد العليا للترجمة « (1986) في طنجة تيمنا بمدرسة الألسن في عهد الحسن الأول ،و ظهور مجلات متخصصة في الترجمة ، منها ما توقف عن الصدور مثل «بيت الحكمة» و»ترجميات « ، ومنها ما استمر في إغناء الحقل الترجمي العربي منذ ظهور أول عدد ( مجلة «ترجمان «التابعة لمدرسة فهد العليا للترجمة (1992)). وبهذا يتضح أن الفرد أصبح يشتغل منذ عقد التسعينيات في مناخ مختلف نسبيا ، حيث اتسع النقاش حول الترجمة ليشمل المجلات المتخصصة و الندوات التي يكون وراء انعقادها في المجمل الكفاءات الجامعية المهتمة بالترجمة ، والمناضلة من أجل تعميم تدريس الترجمة على مستوى الإجازة و الماستر. ومع أن حصيلة الجهود الفردية ، المتفاوتة القيمة ، في مجال الدراسات النقدية لا تتعدى ترجمة حوالي 150 كتابا نقديا على مدى أكثر من أربعين سنة (12)- استنادا إلى الببليوغرافيا التي أنجزها الباحث عبد الواحد المرابط للدراسات الأدبية المترجمة في المغرب (وهي في طريقها إلى النشر) ? فإن هذه النسبة الهزيلة مقارنة مع ما تترجمه الأمم الأخرى ،صنعت شهرة المغرب على الصعيد العربي في توافق مع نشاط التأليف النقدي تخصيصا. بل ، وساهم النشاط الترجمي في تأسيس فرع نقدي جديد هو فرع « الدراسات الترجمية» في مستهل التسعينيات مع كتاب سعيد علوش « خطاب الترجمة الأدبية : من الازدواجية إلى المثاقفة « (1990) ، فبحلول نهاية العقد الأخير من القرن العشرين ، يقول عبد الله العميد « تحولت المساهمة المغربية إلى حقيقة ملموسة وظاهرة تسترعي الاهتمام بل وتستحق كل التقدير،حيث تمكن المغرب من أن يقفز بسرعة إلى المرتبة الثالثة بين البلدان العربية المنتجة لكتب الدراسات الترجمية (بعد مصر ولبنان )، وذلك في غضون عقد واحد أو يزيد قليلا» . (13)4 4- خاتمة : من الواضح جدا أن جهود الفرد ،على أهميتها ، تظل قاصرة في مجال حيوي يقع على عاتقه بناء صرح الحضارات ، ويستوجب بالضرورة اهتماما مؤسساتيا فعالا ، والحال أن الاهتمام المؤسساتي الجاد بالترجمة ، يستوجب وعي الحكومة بأن الترجمة ضرورة حضارية ، و حرصها نتيجة هذا الوعي على أن تدخل في برامجها التنموية بنودا خاصة بالترجمة ، مع ما يتطلبه ذلك بداية من إعادة النظر في السياسة التعليمية وتأسيس البنية الأكاديمية اللازمة لتهييء مترجمين أكفاء في مختلف فروع المعرفة ، ومن تخصيص ميزانية محترمة للترجمة إلى العربية بالموازاة مع تكوين لجان من مفكرين كبارومترجمين متخصصين تسند لهم مهمة وضع قوائم الكتب التي يجب ترجمتها في مختلف المجالات ، وفق استراتيجية وطنية / قومية تحدد الأهداف في سبيل تدارك التأخر التاريخي ومسايرة الركب العالمي . الهوامش : 1 - قاسم الزهيري ، أية وضعية ؟ وأية استراتيجية ؟للترجمة في المغرب ، ضمن : الترجمة في المغرب ، ، منشورات وزارة الثقافة ، 2003 ،ص 18 ) 2- Richard Jacquemond , L?édition d?ouvrages traduits du français en Egypte : Pour un point de vue biculturel , in : Egypte/Monde arabe , n5, 1991, p.163/168 3- ق. الزهيري ،م.س.، ص19 4-يرى عبد الله العميد ،في هذا السياق ،أن « الاستفادة المباشرة من جهود هذه المؤسسة منعدمة ، لأن المعهد متعاقد مع إدارات حكومية يضع بين أيديها مباشرة نتائج عمله ، وهي التي يفترض فيها أن تستهلك إنتاجه ... أما المترجم العادي الذي يقتات يوميا مما تتيحه شتى المعاجم له ، مهنيا كان أو غير مهني ، لا يستطيع أن ينتفع بما أنتجه المعهد منذ نشأته «,( انظر : عبد الله العميد ، أوضاع الترجمة في المغرب (في سبيل إقرار الخطة الوطنية للترجمة) ، دار بالماريس ، الرباط ، ط1، 2012، ص 109) 5- نفسه ، ص17 6- نفسه ، ص17 7- التوصية ضمن : الترجمة في المغرب ، م.س. 8- س. علوش ، شعرية الترجمات المغربية للأدبيات الفرنسية ، منشورات مدرسة الملك فهد العليا للترجمة ، 1991 ، ص19 9- جورج طرابيشي ، الترجمة والإيديولوجية المترجمة ، مجلة الوحدة ، ع61/62 ، 1989،ص33 10- رشيد بنحدو ، بين الترجمة والحساسية الفكرية ، أو حين تصبح الصدفة ضرورة ،ضمن : الترجمة في المغرب ، م.س.، ص115/119 11- س. علوش ، المرجع السابق ، ص7 12- (السبعينيات : كتابان - الثمانينيات : 33 كتابا -التسعينيات : 48 كتابا - الألفية الثالثة : 67 كتابا ) . 13- ع. الله العميد ، م.س.، ص88