اعتبر نائب رئيس نادي قضاة المغرب أن اعتذار وزير العدل والحريات مصطفى الرميد حول مطالبته لقاضي متابع في ملف أمام المجلس الأعلى للقضاء بتحرير شهادة بكونه مختل عقليا لاتكفي، وإنما عليه تقديم استقالته، خاصة أن الشكاية المحركة للملف هي محك لتنزيل مقتضيات دستور فاتح يوليوز2011 بشأن عدم الإفلات من العقاب. ولاحظ الأستاذ عنبر القاضي بمحكمة النقض، أنه بعد تأسيس النادي كجمعية مهنية أن نوعية القضايا التي أضحت تُحال على المجلس الأعلى للقضاء لم تعد كلاسيكية وإنما تندرج في سياق التضييق على القضاة، بدءا من رئيس النادي ونائبه وقضاة بمراكش وطنجة... وأوضح الأستاذ ياسين مخلى، رئيس النادي مساء الاثنين بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للعدالة، أن مسلسل التضييقات متجدد ومستمر، والذي كان في المرحلة الأولى من إنشاء النادي على أشده من خلال الترهيب واستعمال التنقيط القضائي... وأن ملف الأستاذ عنبر المعروض على المجلس هي قضية النادي وجميع القضاة لكونها مرتبطة بممارسة حق دستوري يهم الانتساب الى الجمعيات، حيث حُرِّك ملف تنقيله من الرباط الى أبي الجعد ثم الرباط بعد شهرين من تأسيس النادي ... مُعتبرا أن مسلسل التضييقات يمتد الى مجموعات الضغط السياسية والاجتماعية (أحزاب ونقابات) وأنه لامناص في هذه المرحلة من تعميق الروابط والتضامن وتكتل القضاة في إطار قوي لإعطاء مدلول للدفاع عن استقلال السلطة القضائية، والحيلولة دون تدخل في القضاء على غرار نادي قضاة مصر، مشيرا إلى أن تدخل مديرية الشؤون الجنائية والعفو التابعة لوزارة العدل والحريات في عمل قضاة التحقيق أمر مرفوض. في هذا السياق دعا الأستاذ ياسين القضاة المهددين في استقلاليتهم إلى تبليغ المجلس الأعلى للقضاء والجمعيات المهنية، والمساهمة بشكل فعال في الجمعيات العمومية، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء على شاكلة رئيس غرفة الجنايات، بآسفي الذي منحته المحكمة الإدارية بالدار البيضاء الإذن بأخذ محتوى محضر الجمعية العمومية... وأكد رئيس نادي قضاة المغرب أن لجنة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التي انسحب منها يوم 9 يونيو 2012 يغيب عنها الفاعلون الحقيقيون في القضاء، من قبيل كتاب الضبط والقضاة، لأن القضاة غير ممثلين، ولايمكن اعتبار حضور العاملين بالإدارة المركزية منهم إلى أشغال لجنة الحوار قضاة بصفتهم القضائية، وإنما ممثلين للسلطة التنفيذية بحكم المناصب التي يشغلونها بالوزارة، مضيفا أن النادي سيعقد خلال شهر فبراير المقبل ندوة وطنية لتقييم الحوار الوطني. وعرج رئيس النادي على جلسات الحوار مع وزير العدل والحريات التي كان آخرها الاجتماع الثاني ليوم 19 نونبر الجاري الذي هم مناقشة جملة من النقط، كالتنقيط القضائي، ومقر النادي، ومنحة 20 مليون سنتيم من المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي وزارة العدل والحريات، وتعديل مرسوم المحدد لتعويض القضاة على الجلسات التنقلية التي يتراوح مبلغها ما بين 45 درهما و60 درهما، وكذا 200 درهم كتعويض عن التنقل للمناطق النائية. إن هذه التعويضات تمثل بالفعل مهزلة، ونظرة مسؤولينا إلى العدالة التي تتضح صورها أيضا من خلال البنايات البئيسة لأغلب المحاكم. وبمناسبة هذا الاحتفال الذي تزامن مع انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، الذي كان قد نظم جمعه التأسيسي بالشارع العام على إثر قرار منع القضاة من استعمال قاعة عمومية، تم تكريم الأستاذ محمد عنبر في إطار ترسيخ تقليد وإحياء أعراف وتأسيس مفاهيم جديدة والرقي بالقضاء لجعله قاطرة... وأبرز الأستاذ ياسين أن العدالة ظلت مغيبة ردحا من الزمن إلى غاية يوم 26 نونبر 2011 بانطلاق الدورة الأولى للنادي الذي غطى كامل التراب الوطني من خلال تأسيس مكاتبه الجهوية، وأسس آلية ديمقراطية للحوار والتداول، مشيرا إلى أن أمله أن يبقى النادي قويا بأجهزته، وأن ضمانات استقلال القضاء عبء أيضا على المواطن وواجب على المجتمع، الذي عليه أن يعترف بعمل القضاة ومعاناتهم وثقل مسؤوليتهم في ظل خصاص القضاة. في هذا الصدد أوضح رئيس النادي أن النقاش حول تضخم الاعتقال الاحتياطي وتحميل المسؤولية فيه للجسم القضائي هو من باب المزايدة السياسية وجعله شماعة تحمل أخطاء باقي القطاعات، علما أن قضاة الحكم ملزمون بتطبيق القانون ومضاعفة الجهود ليكون التقاضي داخل آجال معقولة، إلا أن ملاءمة القوانين هي مسؤولية المؤسسة التشريعية، وأن الدولة مطالبة بإقرار سياسة جنائية مندمجة وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية وحل مشاكل التبليغ... وأعلن رئيس النادي تضامنه مع قاضي التحقيق بابتدائية ايمنتانوت سابقا وأن مديرية الشؤون الجنائية والعفو ليس من صلاحياتها التدخل في الأوامر التي يصدرها قضاة التحقيق ولا حتى تقييم مدى تطابقها للقانون، مشيرا إلى أن الأوامر الصادرة عن قضاة التحقيق تتم عن طريق اتباع أسلوب الطعون المقررة في المادة 222 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية. وكان بيان النادي قد أكد أن ما انتهى إليه تقرير مديرية الشؤون الجنائية والعفو بكون قاضي التحقيق الآنف الذكر غير ملم بقواعد المسطرة مس بالاحترام الواجب للقضاة والسلطة القضائية، مطالبا بضرورة مراجعة النصوص المنظمة لمؤسسة قاضي التحقيق بما يضمن نجاعتها واستقلالها وانسجامها مع مقتضيات دستور 2011.