ماذا بعد عملية "عمود السحاب" الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت زهاء أسبوع خلال النصف الثاني من شهر نوفمبر 2012 ؟. هذا السؤال الذي يطرحه الكثيرون، يقدم له المحللون إجابات مختلفة، تماما مثل التقديرات التي تحاول تقديم حصيلة لعمليات عسكرية استخدمت خلالها أحدث الأسلحة الموجودة في الترسانة الأمريكية الإسرائيلية في مواجهة أسلحة توصف بالبدائية ومن صنع محلي. عملية "عمود السحاب" وحسب مصادر متطابقة والتي بدأتها تل أبيب باغتيال احمد الجعبري القائد العسكري لحماس ثم بغارات جوية كثيفة يوم 14 نوفمبر، خلفت 163 شهيدا فلسطينيا و1235 جريحا، وفق حصيلة مؤقتة من مصادر طبية. في حين قتل حسب البيانات الرسمية الصادرة في القدسالمحتلة ستة اسرائيليين بينهم جنديان واصيب 240 بجروح في إنفجار حوالي ألف صاروخ وقذيفة اطلقتها الفصائل الفلسطينية على جنوب إسرائيل. وهذه هي أعلى حصيلة لمواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية منذ عملية "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية على قطاع غزة بين ديسمبر 2007 ويناير 2008 والتي أوقعت أكثر من 1440 شهيدا فلسطينيا و13 قتيلا إسرائيليا. التنازع على النصر يوم 23 نوفمبر 2012 كتب الصحفي ستيف وايزمان تحليلا جاء فيه: تؤكد كل من إسرائيل وحماس أنها خرجت منتصرة بعد أسبوع من العنف في قطاع غزة لكن محللين يشككون في امكانية ان تحقق اسرائيل الفوز في مواجهة الحركة المتأصلة في الأراضي الفلسطينية. وذكر شلومو بروم الذي شغل في سابقا منصب رئيس التخطيط الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي أن "هناك شيئا من هذا القبيل لكن ذلك يحدث عندما يكون النزاع في ارض الدولة نفسها". وقال بروم "لا اعتقد أن هناك سابقة بالفوز عندما تكون منظمة تعمل من ارض ليست أرضك". وأضاف "عندما يكون هناك نزاع بين مجتمعين وشعبين فإنه لا يمكن حله على الأمد الطويل بالوسائل العسكرية فقط إلا عندما تقوم بإزالة الجانب الآخر جسديا". وعلى الرغم من قدرة الجيش الإسرائيلي الذي يتمتع بالتدريب العالي والتقدم التكنولوجي على احتلال قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كلم مربع فان الثمن سيكون غاليا من ناحية الدعم الغربي الذي ستخسره إسرائيل. وأكد وزير الاستخبارات الإسرائيلي دان ميردور يوم الخميس 22 نوفمبر "هل نستطيع أخذ غزة من حماس، نعم بالتأكيد. إذا قررنا فعل ذلك فسنقوم به". وأضاف "لكن عندها علينا ان نسال أنفسنا ماذا نفعل عندما نصبح هناك. هذه المرة قررنا أن ذلك ليس هدفنا ونأمل ألا نضطر للقيام بذلك". ومنذ بدء العملية العسكرية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إن إسرائيل لديها أربعة أهداف هي تعزيز موقفها الرادع وتسديد ضربة قوية لشبكة إطلاق الصواريخ وتوجيه "ضربة مؤلمة لحركة حماس والمنظمات الأخرى" بالإضافة إلى حماية البلدات الإسرائيلية في الجنوب. وأكد ميردور أنه تم تحقيق هذه الأهداف. وقال "لم نقل اننا سنفوز بالحرب ضد حماس ما قمنا به هو جعلهم يعيدون التفكير ان كان الأمر يستحق أم لا وهذا هدف محدود أعتقد أنه تحقق بالكامل". وذكر ميردور انه تم تدمير الاف من الصواريخ التابعة لحركة حماس لكنه أقر أنه لا يعرف عدد الصواريخ المتبقية. وقال "اذا كان لدى حماس والجهاد الإسلامي معا نحو عشرة آلاف صاروخ فإن آلافا منها غير موجودة الآن". لكن المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان لا يوافق على هذا الرأي. وكتب فيشمان: عندما بدأت أخبار التهدئة بالظهور "هذا نصر لحماس من المهم ان نتذكر ان العلاقات بين إسرائيل وحماس ليست متكافئة ولهذا علينا قياس الانجازات بطريقة غير متكافئة أيضا". وأضاف "خلافا للتقارير في الأيام الأخيرة، لم تنجح المؤسسة الأمنية في إصابة نشطاء الإرهاب الكبار وبالتأكيد ليس بالاعداد التي ستلحق ضررا حقيقيا بالطرف الآخر". ولكن ألم يكن الأمر مدبرا ؟. ورأى محللون ان إسرائيل تسعى لتجنب تدهور في علاقاتها مع مصر وقد تبدو الأن اكثر رغبة في الانخراط في محادثات مباشرة مع "الاسلام السياسي". وبحسب يوسي الفير الذي شغل منصب مستشار لوزير الدفاع الصهيوني باراك وخبير في عملية السلام فإن موقف إسرائيل الحالي "يدل على تسامح أكبر مع الإخوان المسلمين في مصر ومع الإخوان المسلمين في قطاع غزة ذاته". انقسام مواقف الاسرائيليين في استطلاع للرأي نشرته صحيفة معاريف يوم الجمعة 23 نوفمبر 2012، إنقسمت مواقف الاسرائيليين من التهدئة مع قطاع غزة بعد ثمانية ايام من المواجهات. وردا على سؤال "هل كان يتوجب على اسرائيل الموافقة على وقف اطلاق النار او مواصلة عمليتها العسكرية" أجاب 49 في المائة من الاشخاص المستطلعين بأنه كان على الجيش مواصلة عملية "عمود السحاب" بينما وافق 31 في المائة على التهدئة ولم يبد 20 في المائة أي رأي. وأشارت معاريف إلى أن الاشخاص الذين يتعاطفون مع الأحزاب اليمينية او الدينية ينتقدون وقف اطلاق النار أكثر من أولئك المقربين من المعارضة الوسطية المؤيدة للاتفاق الذي تم التوصل اليه بوساطة مصرية أمريكية. وسائل الإعلام الإسرائيلية هيأت الرأي العام مسبقا لاحتمال وقف عملية "عمود السحاب" ولقرار حكومي بقبول إتفاق الهدنة، "من دون أن تسجل إسرائيل انتصارا". وتبدلت لهجة كبار المعلقين الذين كفوا عن التهليل لاغتيال القائد العسكري في "حماس" أحمد الجعبري وأخذوا يطالبون بوقف للنيران قبل أن تتورط إسرائيل في حرب برية ويغوص الجنود في "وحل غزة". ولا شك أن هذه التعليقات ساعدت نتنياهو في تبرير وقفه الحرب، وقد استعجل ذلك قبل أن يشحذ المعلقون أقلامهم ويتهموه بتوريط إسرائيل في حرب برية عبثية. وعاشت إسرائيل وضعا يمكن أن يقال فيه: "راحت السكرة، وماذا مع الفكرة"، فنشوة اغتيال الجعبري والتصفيق الشعبي والإعلامي للعملية تلاشت مع وصول الصواريخ الفلسطينية إلى تل أبيب، أو بكلمات أبسط: في مقابل "صورة الانتصار" التي تبحث عنها إسرائيل في هذه الحرب كما في كل حرب تخوضها، يملك الفلسطينيون "صور هلع" سكان تل أبيب من صافرات الإنذار وجريِهم نحو أماكن آمنة وملاجئ تحميهم، كما كتب المعلق العسكري في "معاريف" عمير ربابورت، مضيفا أن "حماس" ترى في إدخال منطقة تل أبيب "غوش دان" في دائرة البلدات المهددة، الدليل على قوة الحركة. وقد تخبطت إسرائيل في كيفية إنهاء الحرب، وعنونت "معاريف" صفحتها الأولى بكلمتين: "معضلة نتنياهو"، مشيرة إلى أن إسرائيل بحثت عن خروج مشرف، وأنها في واقع الحال ليست راغبة بتوغل بري لن يحقق مكسباً أكثر من ذلك الذي يحققه القصف الجوي، وخوفا من تكبد جنودها خسائر في الأرواح قد تقلب المزاج العام ضد نتنياهو وحكومته فيكلفها ذلك خسارة الانتخابات العامة المقبلة. وكان كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم بارنياع أول من حذر من "اليوم التالي" لبداية الحرب، مستذكراً تاريخ الحروب التي بدأت بأفراح إسرائيلية من قوة "الضربة الأولى" وانتهت بهرولة أو لجان تحقيق في التقصير أو الفشل. وكتب بارنياع: "يجب أن نقول للإسرائيليين الحقيقة، وهي أنه رغم الاستثمار المالي الهائل في قصف غزة وفي المنظومات لاعتراض الصواريخ، إلا أن إسرائيل لن تدحر في هذه الجولة حركة "حماس" ... اللعبة الآن ليست على الانتصار إنما على الوقت". وتوصل المعلق في "هآرتس" آري شفيط إلى استنتاج مماثل حين عنون مقالته بكلمة واحدة: "كفى"، مقرعا صناع القرار على عدم وقف الحرب بعد اليوم الثالث بداعي أن الأيام الثلاثة الأولى حققت الردع ضد "حماس"، مضيفا أنه لو توقفت الحرب عندها "لكانت إسرائيل مررت رسالة واضحة إلى غزة وبيروت ودمشق وطهران تقول فيها إن لدى إسرائيل استخبارات ممتازة وقدرات جوية فتاكة وإصراراً قياديا وشجاعة مدنية ودعماً دولياً مفاجئاً". وأضاف أن مواصلة العملية أكدت مجددا أن إسرائيل لم تستفد من عبر الحروب السابقة "فتتكرر المشكلة ذاتها، مشكلة أن إسرائيل لم تتوقف في الوقت المناسب ... لم تنه الحرب عندما كانت نتائج اللعبة لمصلحتها". واختتم محذراً من أن يجد نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك نفسيهما "غارقين حتى النخاع في الوحل". أما المحرر في "يديعوت أحرونوت" سيفر بلوتسكر، فكان أكثر الصحافيين وضوحاً في تأكيده بأن "الوضع الاستراتيجي" لإسرائيل اليوم، في مواجهة "حماس" أسوأ مما كان عليه قبل عملية "عمود السحاب"، وأنه "إذا كنا حتى قبل أسبوعين نستبعد أن تقصف حماس مدن غوش دان، أي في قلب إسرائيل، لأن إسرائيل لن تمر على عمل كهذا مر الكرام، فإنها فعلت ذلك ومررنا على ذلك مر الكرام". ورأى المعلق في "هآرتس" آفي يسخاروف أن عملية "عمود السحاب" ربما أضعفت "حماس" عسكرياً، وإن أظهرت الأخيرة صموداًوتحديا، "لكن الحركة خرجت منتصرة سياسيا، فقادة الدول العربية يتوددون منها وإسرائيل تفاوضها عبر مصر". الاسقاطات على الساحة السياسية الإسرائيلية فيما يخص تأثيرات عملية عمود السحاب على الوضع السياسي الداخلي في الكيان الصهيوني دلت نتائج استطلاعين للرأي نشرا يوم السبت 24 نوفمبر في تل أبيب على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بدأ يخسر التأييد الشعبي الكبير الذي كسبه خلال الهجوم، بسبب موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار. ومع أن هذه الخسارة لا تهدد بعد مكانته، كصاحب أكبر احتمالات للفوز برئاسة الحكومة في الانتخابات العامة المقررة في 22 من شهر يناير 2013، فإنها تقلق حزبه ومعسكره اليميني. وقال وزير البيئة المقرب منه "هذه إشارة على أن الناس لم يفهموا بعد حقيقة وأهداف الحرب، مما يتطلب منا مزيدا من الشرح". ونشر الاستطلاع الأول في القناة الثانية المستقلة للتلفزيون في إسرائيل، فقال 41 في المئة من الإسرائيليين إنهم راضون عن أداء نتنياهو في الحرب وفي اتفاق وقف النار، علما بأن 82 في المئة كانوا قد أعربوا عن رضاهم منه في بداية الحرب. وقال 43 في المئة إنهم راضون عن أداء وزير الدفاع، ايهود باراك. وأما الاستطلاع الثاني فأجراه مركز "بلانس بوليتكس" ونشر في صحيفة "معاريف"، فأظهر أن 60 في المئة من المستطلعة آراؤهم غير راضين عن أداء نتنياهو خلال الحرب بعد وقف النار. وأعرب 60 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن معارضتهم لاتفاق وقف إطلاق النار، فيما وصلت النسبة بين سكان المنطقة الجنوبية إلى 70 في المئة، ولم يعرب أكثر من 5 في المئة منهم عن قناعته بأن الحرب قد حققت أهدافها بشكل كامل، بينما قال 36 في المئة منهم إنها لم تحقق أهدافها مطلقا أو حققت القليل جدا منها. وسئل هؤلاء عن رأيهم في وضع قوة الردع الإسرائيلية بعد هذه الحرب، فقال 69 في المئة منهم إن قوة الردع الإسرائيلية ضعفت أو بقيت على حالها في أحسن الأحوال، مقابل 56 في المئة قالوا إن حماس خرجت من الحرب أكثر قوة، و45 في المئة يعتقدون أن إسرائيل ازدادت ضعفا. وهناك 4 في المئة فقط يعتقدون أن وقف إطلاق النار سيصمد لفترة طويلة، بينما أعرب 2 في المئة من سكان الجنوب عن قناعتهم بأن الهدوء سيعود لمنطقتهم وسيستمر لفترة طويلة. وفي ما يتعلق بمبدأ إجراء مفاوضات بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، قال 36 في المئة من المستطلعة آراؤهم بوجوب فتح مفاوضات كهذه مقابل 54 في المئة عارضوا الفكرة. وفي ما يتعلق بتأثير الحرب على الانتخابات المتوقعة، أظهرت نتائج الاستطلاع الذي شمل عينة مكونة من 501 شخص أن 18 في المئة منهم قد يغيرون موقفهم واتجاه تصويتهم. ويجمع الاستطلاعان على أن قوة نتنياهو الانتخابية ستهبط، لكنهما اختلفا حول النسبة. فعندما سئلوا عن شكل تصويتهم في الانتخابات القادمة أظهر الاستطلاع الأول أن تكتل "الليكود - بيتنا" سيحصل على 33 مقعدا فيما لو جرت الانتخابات اليوم، متراجعا بذلك بثلاثة مقاعد عن نتيجة سابقة. لكن خسارته لن تذهب لأحزاب الوسط واليسار، بل بالأساس إلى القوى الأكثر يمنية مثل تحالف الأحزاب الاستيطانية "البيت اليهودي الوطني"، الذي ارتفع عدد المقاعد التي سيحصل عليها وفقا للاستطلاع إلى 13 مقعدا. كما ظهر على ساحة الاستطلاعات لأول مرة حزب "عظمة إسرائيل" اليميني المتطرف، حيث حصل على 4 مقاعد، بينما حافظت بقية الأحزاب على قوتها دون تغيير. وأشار الاستطلاع إلى أن حزب العمل سيزيد من قوته ويحصل على 24 مقعدا مقابل 21 مقعدا نالها في الاستطلاع السابق الذي نشر قبل سبعة أيام، فيما تراجع حزب "يائير لبيد" "يوجد مستقبل" إلى 11 مقعدا فقط. وكل من توقع أن تؤدي الحرب إلى تعزيز مكانة الشخصيات الأمنية مثل إيهود باراك زعيم حزب الاستقلال، وشاؤول موفاز زعيم حزب "كديما"، سيخيب أمله وفقا للاستطلاع، حيث لم يتجاوز أي منهم نسبة الحسم رغم خلفيتهما الأمنية. لكن نتائج استطلاع التلفزيون أشارت إلى توقعات أخرى، لأنها أدخلت إلى ساحة التنافس الرئيسة السابقة لحزب "كديما"، تسيبي ليفني، فمنحتها 9 مقاعد إذا خاضت المعركة على رأس حزب جديد، وبذلك يهبط تحالف نتنياهو ليبرمان (الليكود - بيتنا) إلى 38 مقعدا "41 في استطلاع سابق" والعمل إلى 19 "22 مقعدا في الاستطلاع السابق"، ويهبط حزب "يائير لبيد" "يوجد مستقبل" من 8 إلى 4 مقاعد. وفي هذه الحالة ستهبط حتى الأحزاب العربية الوطنية من 11 إلى 10 مقاعد. وسيختفي حزب "كديما" بزعامة موفاز، إذ لا يتجاوز نسبة الحسم، بينما يدخل باراك بأربعة مقاعد. وجدير بالذكر أنه، ومع انتهاء الحرب على قطاع غزة، تتجه الأحزاب الإسرائيلية إلى الانتخابات التمهيدية الداخلية، وتستعد لتجديد حملاتها الانتخابية. وبشكل مواز للانتخابات التمهيدية في حزبي "العمل" و"الليكود"، فإنه من المتوقع أن تعلن رئيسة "كاديما" السابقة تسيبي ليفني، خلال الأيام القريبة، عن عودتها إلى الساحة السياسية، ومن المرجح أن تكون على رأس حزب جديد. وبحسب التقارير فإن الأحزاب الكبيرة ترددت في الأيام الأخيرة بشأن إجراء الانتخابات الداخلية في موعدها أو تأجيلها بسبب التصعيد الذي حصل في الجنوب، خاصة أن بعض المتنافسين والناشطين في إطار الحملات الانتخابية قد تم تجنيدهم في إطار تجنيد الاحتياط، إضافة إلى الخشية من عدم تمكن ناخبين من التصويت في البلدات التي كانت تتعرض للقصف الصاروخي الفلسطيني. حقائق عسكرية جديدة يوم 23 نوفمبر 2012 جاء في تقرير نشر في الأراضي الفلسطينية عن أبعاد عملية عمود السحاب الصهيونية: يعيد اتفاق وقف اطلاق النار الذي توصل اليه الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي، الواقع في غزة الى المعادلة التي كانت سائدة قبل العملية العسكرية الاسرائيلية الأخيرة، لكن مع حقائق عسكرية جديدة، رادعة، ربما تحول دون تكرار هذه العملية في الزمن المنظور. ويعترف قادة حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" الذين توصلوا الى اتفاق القاهرة بأن الاتفاق لا يحدث، ولا يتوقع أن يحدث تغييراً في المعادلة القديمة للأمن والمعابر لأنه "اتفاق أمني وليس سياسياً"، وفق تعبير أحد المفاوضين، لكن بالتأكيد فإن الحقائق العسكرية التي واجهتها اسرائيل في غزة ستجعلها تفكر أكثر من مرة قبل تكرار التجربة. وأهم هذه الحقائق، كما يقول تقرير لصحيفة "الحياة" الصادرة في لندن يوم الجمعة، ليس فقط إمطار قلب اسرائيل بالصواريخ، وانما أيضا امتلاك اسلحة جديدة مضادة للدبابات والدروع حالت، في ما يبدو، دون حدوث اجتياح بري للقطاع كما حدث قبل أربع سنوات. وقالت مصادر في قطاع غزة ان المقاومة حصلت بعد اجتياح عام 2007-2008 على أسلحة، منها مضادات للدبابات، كانت كافية لجعل اسرائيل تتردد كثيرا أمام بوابات غزة قبل أن تتخذ قرارا بالموافقة على وقف نار متعادل. وقالت المصادر إن المقاومة سعت بعد اجتياح عام 2007-2008 الذي اطلقت عليه اسرائيل اسم "الرصاص المصبوب"، والذي وصلت فيها الدبابات الاسرائيلية الى قلب القطاع، الى الحصول على أسلحة لمواجهة هذه الدبابات. واوضحت: "حصلنا على مضادات للدبابات وأسلحة أخرى كانت كافية لإعطاب أعداد كبيرة من الدبابات فور دخولها رمال غزة". وقال احد المسؤولين الكبار في المقاومة: "يبدو أن اسرائيل كانت تخشى مشهد الدبابات المعطوبة في ارض غزة المفتوحة، ما جعلها تتردد وتتراجع عن تهديدها باجتياح القطاع بريا". لكن في المقابل، فإن المقاومة في غزة كانت أيضا في حاجة الى وقف اطلاق نار يوقف شلال الدماء المتدفق والدمار الذي طاول القطاع طولاً وعرضاً. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل عقب توقيع الاتفاق: "اسرائيل فشلت في مغامرتها العسكرية في غزة، صحيح أنها فعلت الكثير، دمرت البنايات السكنية، وقتلت العائلات والمدنيين والصحافيين، لكن صواريخنا ظلت تضربهم حتى آخر لحظة". وحسب مصادر مطلعة، فإن مخزون المقاومة من الصواريخ كان كافياً لاسابيع عدة مقبلة، لكنها فضلت التوصل الى وقف نار يجنب اهالي القطاع المزيد من الضحايا والدمار، من دون توقع حدوث تغيير في معادلة الأمن والمعابر. وقال مسؤول رفيع: "الاتفاق نص على فتح المعابر بعد 24 ساعة وتسهيل حركة المواطنين والسلع، لكن اسرائيل ستجد دائماً الوسائل لجعل ذلك صعباً على المواطنين". وأضاف: "بالتأكيد لدينا هذه المرة الراعي المصري والشاهد الامريكي على الاتفاق، ونأمل في أن يكون ذلك كافياً لالزام اسرائيل، لكننا نشك في ان دولة مثلها ستلتزم شيئاً". وأدت حرب غزة الى دخول الضفة الغربية، التي تتسم بالهدوء منذ سنين طويلة، على خط النار، اذ وقع هجوم على حافلة مدنية في قلب مدينة تل ابيب أسفر عن سقوط أكثر من 20 جريحاً اسرائيلياً. وشنت إسرائيل عقب العملية حملة اعتقالات واسعة في انحاء الضفة طاولت العشرات من ناشطي جميع الفصائل، خصوصا حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي". ويرى مراقبون أن تجربة قطاع غزة في مواجهة اسرائيل ربما تشكل نموذجاً جذاباً لأهالي الضفة الذين يرون المفاوضات السياسية والاحتجاجات السلمية لا تحدث تأثيراً حقيقياً على المشروع الاسيتطاني الجارف في طول الضفة وعرضها. حدود استخدام القوة نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية يوم الخميس 22 نوفمبر مقالاً تحت عنوان "من فاز في هذه الجولة في غزة، إسرائيل أم حماس؟ الوقت وحده سينبئنا". قال كاتبا المقال التحليلي عاموس هاريل زآفي ايزاكهاروف: يوم "الأربعاء 21 نوفمبر وفور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ تحرك خبراء التلميع الاعلامي بسرعة كبيرة. الوزراء والجنرالات والناطقون باسمهم أوضحوا بثقة السبب في أن الاتفاق، وخصوصا العملية التي سبقته، كانا إنجازين عظيمين لاسرائيل. زعماء "حماس" فعلوا الشيء نفسه في الجانب الآخر. خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده كبار المسؤولين الاسرائيليين كانت هناك خطابات قبول ما كانت لتبدو غريبة في حفلات جوائز الأوسكار. ما الذي سيفعلونه في المرة القادمة، عندما قد نجعل "حماس" تركع على ركبتيها فعليا كما تمنى أعضاء الكنيست المتحمسون خلال الأيام القليلة الماضية؟. الصورة الحقيقية ستصبح واضحة بمرور الوقت، وهي تعتمد في الغالب على فترة الهدوء التي ستتحق في الجنوب. وإذا امتد وقت التوقف عن إطلاق الصواريخ، ولم تحدث هجمات على قوات الجيش الاسرائيلي على السياج الحدودي، فستتمكن حكومة نتنياهو من ادعاء النجاح. وإذا انهارت التفاهمات بسرعة، فسيؤدي ذلك إلى عملية عسكرية أخرى ضد "حماس"، وهذه المرة بقوة أكبر. ان من الصعب إنجاز انتصارات حاسمة وفورية في المعركة غير المتناسقة منظمات حرب العصابات. وفي هذه اللحظة، فالنتائج تبدو مثل تعادل، إلى أن يثبت غير ذلك. وهناك قدر من المنطق في ادعاء ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي بأن وثيقة غير موقعة ليست لها اهمية خاصة. وإذا هاجم الفلسطينيون "من محيط منطقة أمنية" غربي سياج الحدود، فإن اسرائيل ستخرق الاتفاق وتدخل الى غزة. وقد يكون للإعلان عن فتح المعابر أهمية رمزية، لكنها فعليا تتعلق بإجراءات من جانب مصر و"حماس" في ما يخص معبر رفح. ويقول باراك ما الذي يهم إذا عبر مزيد من الأثاث بين غزة والضفة الغربية، أو القليل من الفراولة؟ يبدو أن اسرائيل لا تهتم كثيرا بهذه البنود لأنها لا تعتبر الصفقة اتفاقاً رسمياً ملزما سيدوم لفترة طويلة. وقد قال صاحب استوديو في هوليوود ذات يوم: "عدم وجود ورقة مكتوبة هو وثيقة لا تستحق الورق الذي لم تكتب عليه". الواقع الإقليمي، كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصحافي، معقد جدا في الوقت الحالي. وبدا نتنياهو عالقا يوم الاربعاء بين التوقعات غيرالواقعية للجمهور بنصر كامل، وإشكالية الظروف في الميدان. واكتشف نتنياهو مثل سابقيه شارون واولمرت حدود استخدام القوة ضد "حماس". غزة هي أرض الفرصالمحدودة. وترافق المؤتمر الصحافي الذي عقدته هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ونظيرها المصري محمد كامل عمرو مع رشقات كثيفة من الصواريخ التي أطلقت من غزة على اسرائيل حتى آخر ثانية تقريبا. وفي غزة أعدوا لاحتفالات جماهيرية بالنصر. لكن الاحتفالات لن تخفي الضربة القاسية التي حلت ب"حماس" في المجال العسكري بقتل أحمد الجعبري، وتدمير صواريخها الطويلة المدى من نوع "فجر" والهجمات على قادتها ومعسكراتها. ولكن إذا ألقينا نظرة على الاتفاق الذي وصل الى الصحافة في القاهرة، في مقابل موقف باراك، فهو يحتوي عددا من البنود غير المشجعة كثيرا لاسرائيل. وقال معلق فلسطيني ل "هآرتس": "هناك بنود قليلة تتصف بالغموض. وهي أكبر من أن تصدق بالنسبة الى حماس". وكان يشير خصوصا الى البند حول التسهيلات على المعابر. "حماس" ستدعي بالطبع أن هذا يعني رفع الحصار عن غزة، لكن الاتفاق لا يحدد أي معبر ستحدث التسهيلات عليه. "حماس" فخورة بالالزام الاسرائيلي بتجنب إيذاء السكان قرب الحدود ووقف كافة الهجمات على غزة. والوضع الذي يمنحه الاتفاق للإخوان المسلمين في مصر مهم بصورة خاصة، لأنه يعطي مصر صفة الضامن والتصرف كوسيط بين الجانبين. والسؤال المحوري هو ما إذا كانت "حماس" ستفرض وقف إطلاق النار على الفصائل المتعددة في غزة. هنا تختلف الآراء. بعض المعلقين الفلسطينيين يقولون إن "حماس" فقدت السيطرة على الوضع في غزة وهي غير قادرة على السيطرة على مئات من الرجال المسلحين، من أعضاء الجماعات السلفية. تتعلق مشكلة اخرى بالموالين للجعبري في الجناح العسكري ل"حماس"، الذين سيجدون من الصعب عليهم قبول قيادة خلفه، مروان عيسى. ولكن هناك اولئك المعلقون الفلسطينيون الذين لا يتفقون مع هذا الرأي ويقولون ان "حماس" ستحظى بتأييد تام من الجمهور في غزة لتكسر عظام اي شخص يخرق وقف اطلاق النار ويعرض غزة لخطر حرب اخرى. ومن الممكن ايضاً ان تبقي "حماس" نفسها غير بارزة وتواصل تنفيذ هجمات، ولكن من خلال عملائها في سيناء. النصر في اليومين السابقين لاتفاق الهدنة، انجرف الساسة في تيار وسائل الإعلام، وناقشوا باستفاضة كيف سيكون منظر النصر. ولكن في الجنوب، استمرت الحرب، وليس حرب الصور الإعلامية. ومن المستحيل عدم تقدير أهمية الرموز والصور في عصر تجلب فيه وسائل الإعلام ساحة المعركة، حيةً، إلى صالات جلوس جميع الناس. ان سعي الجيش الإسرائيلي بصورة هستيرية للنصر في نهاية حرب لبنان الثانية لم يجلب أي شيء سوى المعارك غير الضرورية على زرع أعلام في أماكن لم يسمع بها أحد قط. وفي النهاية اوجدت الحرب ردعاً بالرغم من نواحي القصور التي ظهرت في حكومة اولمرت والجيش الإسرائيلي وذلك لأن إسرائيل استخدمت درجة هائلة من القوة. وقد تكبد حزب الله خسائر واضرارا جسيمة، ومنذ ذلك الحين بقي حذرا من جولة قتال أخرى. بالنسبة الى "حماس"، سيكون التفكير في ما اذا كانت ستنتهك وقف اطلاق النار مرتبطاً بثمن الهزيمة. اذا كانت قد تكبدت فعلاً ضربةً، كما تدعي استخبارات الجيش الاسرائيلي، فان "حماس" سيكون عندها سبب وجيه لمنع مواجهة اخرى. لن يكون هذا بسبب الصور المكبرة للحافلة في تل ابيب او الشقق المدمرة في ريشون ليتسيون. سيحدث، اذا حدث بالمرة، بسبب كمية الذخائر، الدقيقة والمدمرة، التي سقطت على حماس في غزة. ان الردع مفهوم زلق جداً ولا يمكن قياسه الا عبر مدى زمني حتى اذا كان الساسة والصحافة يتوقون للحصول على الجواب في بريد هذا الصباح". تدمير الذات كتب المحلل الصحافي روبرت فيسك في مقال نشرته يوم الاثنين 19 نوفمبر صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية "ان عمليات القصف المحددة الهدف وعملية اجتثاث الإرهاب والإرهاب عبر الانترنيت، لا يمكنها أن تخفي الحقيقة. يبدو أن إسرائيل و"حماس" أسهمتا في "فتح أبواب جهنم" في غزة مرة أخرى. ولكن تبين ان جهنم تلك مليئة بالادعاءات الصحافية أكثر من أي وقت مضى. إسرائيل ستعمل على "اجتثاث الارهاب الفلسطيني" هذا ما ظلت إسرائيل تدعي انها ستقوم به من دون جدوى منذ 64 عاما، فيما تعلن "حماس"، ان اسرائيل فتحت "أبواب جهنم". لقد اعلن حزب الله اللبناني مرات عديدة ان اسرائيل "فتحت ابواب جهنم" في مهاجمتها للبنان. وياسر عرفات، الذي كان ارهابيا بامتياز ولكنه لم يلبث ان اصبح رجل دولةٍ بارزا عندما حضر لقاء مع رئيس وزراء إسرائيل في حديقة البيت الابيض، ثم عاد واصبح ارهابيا بارزا عندما ادرك انه خدع، ردد هو ايضا عبارة "ابواب جهنم". أما نحن الصحافيون فنكتب مثل الدببة المدربة، ونكرر كل الشعارات التي استخدمناها طوال الاربعين عاما الماضية. فاغتيال الجعبري كان "هجوما مستهدفا"، وكان "قصفا جويا محددا" مثل "عمليات القصف الجوي المحددة" الاسرائيلية التي قتلت حوالي 1700 مدنيا في لبنان في العام 1982، و1200 لبناني، معظمهم مدنيون، في العام 2006، او 1300 فلسطيني، معظمهم مدنيون، في غزة في عامي 2007 و 2008. لكن "حماس" لا تدعي على الأقل أي شيء "محدد" من وراء صواريخها البسيطة الصنع. تلك هي حقيقة الهجمات الاسرائيلية على غزة. ولكن لا يقل احدكم ذلك والا فانه سيوسم بانه نازي معاد للسامية. انه امر شيطاني واجرامي وكارثي وشرير ولا يجوز الحديث عنه مثل حركة "حماس" التي تفاوضت معها اسرائيل بصدر رحب، وارجو الا تنقلوا هذا، في الثمانينات عندما شجعت هذه المجموعة من العصابات للاستيلاء على الحكم في غزة وبذلك قطعت اوصال عرفات المنفي الارهابي بامتياز. وجاءت نسبة وفيات الفلسطينيين في غزة الى الاسرائيليين 16 الى 1. وسترتفع هذه النسبة بطبيعة الحال. فالنسبة في حرب 2007- 2008 كانت 100 الى 1. ولا بد اننا نخلق الاساطير ايضا، اذ ان آخر حرب اسرائيلية في غزة حققت نجاحا مذهلا، هو بطبيعة الحال "اجتثاث الارهاب" لدرجة ان ما يقال من ان وحدات نخبته العسكرية المتميزة لم تتمكن من العثور على جنديها المختطف غلعاد شاليت، الذين اخرجه عام 2011 الجعبري بنفسه. كان الجعبري "الزعيم الخفي الاول" في "حماس"، حسب وكالة الاسوشييتد بريس. ولكن بالله عليكم كيف يكون خفيا ونحن نعرف تاريخ ميلاده، وتفصيلات عائلته، وسنوات ايداعه السجن في اسرائيل التي نقل خلالها ولاءه من "فتح" الى "حماس" ؟. وطالما انني اتحدث عن سنوات السجن في اسرائيل، فان تلك السنوات لم تنقل الجعبري بالضبط الى اللاعنف، ام انها فعلت ذلك؟ لا دموع اذن، اذ كان رجلا عاش بالسيف ومات بالسيف، وهو مصير لا يصيب المقاتلين الاسرائيليين في الجو بينما يقتلون المدنيين في غزة. اما واشنطن فانها تدعم "حق اسرائيل في الدفاع عن النفس"، ثم تدعي الحياد الزائف، كما لو ان قذائف اسرائيل على غزة لم تأت من الولاياتالمتحدة مثلما جاءت صواريخ "فجر 5" على وجه التاكيد من ايران. ولكن اليس هناك من شيء يمكن ان يوقف هذا الغباء، هذه الحرب القذرة ؟. مئات الصواريخ تسقط على اسرائيل. هذا صحيح. الاف الهكتارات سرقتها اسرائيل من العرب لصالح اليهود وحدهم في الضفة الغربية. بل انه لم تبق اراض تكفي لقيام دولة فلسطينية هناك. لكني ارجو شطب الفقرتين الاخيرتين. اذ ليس هناك الا اشخاص طيبون واشخاص شريرون في هذا الصراع الشائن الذي يدعي الاسرائيليون فيه انهم الاشخاص الطيبون الذين يحظون بالتصفيق من الدول الغربية، التي تستغرب بعد ذلك لماذا لا يكن المسلمون الحب العميق للغربيين. ومن عجب ان المشكلة هي ان افعال إسرائيل في الضفة الغربية وحصارها لغزة بدأت تسمح للوضع الذي تتنادى إسرائيل بالتخوف منه كل يوم على وجه التحديد: ان اسرائيل تواجه الدمار. الجانبان كلاهما يسيران في طريق جديد للقتال في معركة الصواريخ وليس اقلها طائرات حزب الله بلا طيار. اذ لم يعد الامر يقتصر على اقتحام الدبابات الاسرائيلية لحدود لبنان او حدود غزة. انه يتعلق بالصواريخ والطائرات ذات التقنية المتقدمة والاعتداءات عبر الكومبيوتر، أو بطبيعة الحال ارهاب الانترنيت عندما يقوم بها مسلمون". هل حان الوقت لكي نتساءل لم لا نمتدح عملية اغتيال الجعبري؟ وارجوكم ان تمحوا من ذاكرتكم أن الإسرائيليين اجروا مفاوضات عن طريق الاستخبارات السرية الألمانية مع الجعبري نفسه، قبل اقل من 12 شهرا. لا يمكن التفاوض مع "إرهابيين"، أليس كذلك؟ إسرائيل تطلق على عملية سفك الدماء الأخيرة "عمود السحاب". ولعل ما هو أكثر صدقا أن يطلق عليها اسم "عمود النفاق". [email protected]