نتابع بقليل من الاستغراب، القنابل الأخلاقية التي تهز عروش بعض من الدول الغربية، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية حاصرت التحقيقات المرتبطة باغتيال السفير الأمريكي ببنغازي وإثنين من رجال المخابرات المركزية، المدير العام لأقوى جهاز للمخابرات في العالم على الاعتراف بعلاقة جنسية غير شرعية وخارج مؤسسة الزواج جمعته طيلة فترة طويلة مع عشيقة له متزوجة هي بدورها وأم لطفلين، واضطر الجنرال ديفيد بترايوس مدير المخابرات الأمريكية المركزية إلى تقديم استقالته التي قد يكون الرئيس أوباما أجل الإعلان عنها إلى حين الإنتهاء من الانتخابات الأمريكية والفوز بالمنصب الرئاسي، ولو كانت أعلنت قبل الموعد الانتخابي الرئاسي بيوم واحد، لكانت النتيجة عكس ما كانت تشتهيه سفن أوباما، وهكذا تكون لحظات نزوة قضاها الجنرال الذي قاد وأدار الوجود الأمريكي في العراق وتحول إلى أكبر مخبر في العالم بالعشيقة لولا بروودويل التي كان يقدمها على أنها كاتبة مذكراته، عنوانا بارزا للكبت السائد في هذه المجتمعات. ننتقل الآن إلى عاصمة الضباب، لندن حيث انفجرت قنبلة أخلاقية أخرى، وهذه المرة بعيدا عن المؤسسة العسكرية والأمنية، بل انفجرت في أحد أهم القطاعات ويتعلق الأمر بالإعلام، فقد تبين أن أحد أهم المنشطين بقناة BBC البريطانية كان طيلة أربعين سنة من عمله في هذه القناة يعتدي جنسيا على الأطفال، وأن ضحاياه تعدى مجموعهم الثلاثمائة طفل بريء، وهذه الفضيحة كانت كافية ليقدم مجموعة كبيرة من مسؤولي هذه القناة استقالاتهم ويتعلق الأمر بالمدير العام وبمديرة الأخبار وبنائبها وبالمسؤول عن الرقابة بالقناة. وهذه حالة تعكس على كل حال، قوة القمع الكبتي السائد لدى البعض في مجتمعات تتوفر على جميع وسائل الرفاهية والاستقرار والعيش في رغد. طبعا، قد يقول قائل إن أجواء الشفافية التي تنعم فيها هذه المجتمعات تفرض إخراج هذه الفضائح وإعلانها إلى العموم، بيد أنه قد توجد أخطر منها في مجتمعات منغلقة ومنها بلدنا، وهذا كلام معقول، ولكنا نرد بأنه رغم ذلك فإن وجود فضائح أخلاقية من هذا الحجم في بلدان تعترف بالحرية الشخصية وتتوفر على شروط العيش الكريم ، يطرح إشكاليات ترتبط بأخلاقيات المجتمع وبالتعاطي مع ثقافة الجنس.