جدد جلالة الملك بمناسبة عيد الشباب التأكيد على أن المنظومة التربوية تأتي في صدارة الاسبقيات الوطنية لأنها هي رأسمال كل أمة، وهي الوسيلة الأساسية لتكوين الأجيال الصاعدة وإعدادها للإندماج في المسار التنموي الديمقراطي. ودعا جلالته إلى الانكباب الجاد على هذه المنظومة من أجل تطويرها وجعلها تضطلع بهذا الدور الحيوي والأساسي. وأكد جلالته أن هذا الاهتمام لا يجب أن ينحصر فقط في ضمان حق الولوج العادل والمنصف القائم على المساواة إلى المدرسة والجامعة لجميع أبناء هذا الوطن، وإنما يجب أن نعمل على جعل المنظومة التربوية الأساسية والثانوية والعليا تخول لأبناء هذا الوطن الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجودة والجادبية وملائم للحياة التي تنتظرهم، أي تعليم يساير المحيط ويستجيب للمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية ولسوق الشغل ويساير الأوراش الكبرى التي فتحتها البلاد، هذه الأوراش التي يجب أن تبنى بفكر وسواعد أبناء هذا الوطن، الذين سيكونون هم المستفيدون من ثمرات هذه الأوراش. وبهذا يكون التعليم الذي يراعي هذه الشروط هو التعليم المساهم في التنمية والمستفيد منها. إن تأكيد جلالة الملك على تعليم عادل ومنصف قائم على المساواة هو إشارة واضحة من جلالته إلى أن أبناء المغاربة سواسية وإلى حق الولوج الى المعاهد والمدارس دون تمييز ودون محسوبية، حيث يكون الاستحقاق هو العملة الوحيدة التي تمثل ورقة المرور إلى هذه المعاهد بعيدا عن كل الاعتبارات الأخرى. ولايمكن للتعليم أن يقوم بهذه المهام إذا ماهو استمر في الاعتماد على الأساليب التقليدية القائمة على التلقين والحفظ بل يجب أن يصبح تعليما ينبني على تأهيل الملكات وشحذ روح الخلق والابداع في كل التخصصات، فضلا عن تعليم الناشئة وتربيتهم على قواعد التعايش والانفتاح والتشبع بروح المساواة واحترام الاختلاف. وهكذا فإن إصلاح التعليم لا يتعلق فقط باضافة مواد، أو حذف مواد، بل إن الإصلاح يجب أن يشمل التكوين وأهدافه، هذه الأهداف التي تضفى دلالات جديدة على عمل المدرس، فضلا عن تحويل المدرسة الى فضاء يتوخى صقل وتنمية الحس النقدي وتفعيل الذكاء للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل، والتخلي عن الأساليب التقليدية في التلقين التي تعتمد على مراكمة المعارف. وفي هذا الصدد دعا جلالته الحكومة إلى النهوض بقطاع التربية والتعليم من خلال النهوض بالمدرسة العمومية وتأهيل التعليم الخاص. ودعا جلالته أيضا إلى تفعيل الإسراع بتفعيل مقتضيات الدستور بخصوص المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الجديدة حتى تساهم هذه الهيأة في إنجاح التحول الجوهري المنشود ليس بالنسبة لمستقبل الشباب فحسب بل ومستقبل المغرب بلداً وأمة. وأكد جلالته تقديره للمجهودات الجبارة والتضحيات التي تقوم بها الأسر من أجل رعاية أطفالها وتعليمهم داعيا إلى الحفاظ على هذا التضامن بين الاجيال. وختم جلالته بأن قضايا الشباب لاتتعلق فقط بالمجال الخاص والعائلي أو بما هو مرتبط بالتكوين والتربية والتعليم، وانما هو قضية المجتمع برمته الذي يتوجب عليه إيجاد الحلول لمستقبل هذا الشباب.