تتواصل حملة التنديد الدولية بعمليات التدمير التي استهدفت أضرحةً وقبورا إسلامية في مدينة تمبكتو في مالي. فَبعد الموقف المغربي الذي عبر عن قلقه الشديد جراء ما تعرفه مالي من أحداث، إثر التهديد الذي يطال المآثر الإسلامية، ودعوتِه إلى التحرك من أجل حماية هذا التراث، قالت محكمة الجنايات الدولية مرتكبي هذه الأعمال سيقدمون للعدالة، ووصفت المحكمة على لسان رئيسة الادعاء، فاتو بينسودا، ما تقوم به هذه الجماعات التي تعتبر من مؤيدي "أنصار الدين"، إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة المسيطرة على شمال مالي ب"جريمة حرب". وبخصوص الموقف المغربي من هذه القضية، اعتبر خالد الشكَراوي، الخبير المغربي في الشؤون الافريقية أن هذا الموقف تاريخيا وسياسيا موقفٌ مهم للحد من التهديد الذي يطال الوضع الحالي في مالي، وقال إنه يجب مقابلة هذا الوضع بإطارات إجرائية من خلال اتخاذ المجال الافريقي الغربي، وأيضا الدول المغاربية لإجراءات ومواقف حازمة تتجاوز التنديد لحماية هذا الموروث الثقافي المشترك، والدفاع عن الوضع الثقافي والاسلامي بهذا المجال، وأضاف الشكَراوي أنه يجب العمل على حل مشكلة شمال مالي التي قال إنها لن تمس فقط تمبكتو، ولكن "ربما سوف تمس كافة أمن منطقة الساحل والصحراء، وربما بعد ذلك المجالات المغاربية، خاصة الحدود الجزائرية المالية، بالإضافة إلى الحدود المالية الموريتانية" حسب الخبير المغربي. في السياق ذاته، أكد الشكَراوي أن الموقف الجزائري من مسألة الأمن في منطقة الساحل والصحراء مازال غامضا، وقال إنه "لحدود الساعة ليس هناك أي موقف حازم سواء اتجاه أنصار الدين أو اتجاه حركة تحرير أزواد أو حركة التوحيد والجهاد". وعن إمكانية وجود مفاوضات بين هذه الجماعات والأجهزة الأمنية الجزائرية، لم يستبعد الشكَراوي الأمر عندما قال إن هذا الموقف الغامض للجزائر قد يشي بوجود مفاوضات بين الطرفين، معتبرا أن هناك العديد من العمليات السياسية والعديد من المفاوضات بين الأنظمة الجزائرية وقال "أظن أن ما وقع من انفجار في الجزائر، وحجز القنصل الجزائري في منطقة "غاو" ربما يدخل في إطار لعبة شد الحبل بين هذه الجماعات والأجهزة الأمنية وهو ما يفسر غموض الموقف الجزائري، رغم أن الجزائر ومالي لهما حدود مشتركة تقدر بحوالي ألف كيلومتر، ورغم أن ما يقع في مالي يهدد مباشرة أمن الجزائر". في السياق ذاته، أوضح خالد الشكَراوي الأستاذ في معهد الدراسات الافريقية أن ما تعرفه المنطقة من أحداث له ارتباط أيضا بالمجال الموريتاني، وقال إن هذا المجال له ارتباطات على نطاق المهاجرين الطوارق الموجودين حاليا شرق موريتانيا، وأيضا ارتباطات المجالات الموريتانية بحركة تحرير "أزواد". يذكر أن قبور وأضرحة أولياء مسلمين في منطقة شمال مالي، التي تخضع بعض مناطقها لسيطرة جماعات إسلامية، تتعرض في الآونة الأخيرة لعمليات تدنيس وتدمير العديد من الأضرحة التي تتحدث اللجنة الثقافية لتمبكتو من أن عددها 16 ضريحا في هذه المدينة المتاخمة للحدود مع الصحراء، والتي تعرف بمدينة "333 ولي" والمدرجة في لائحة التراث العالمي.