دخل اعتصام حركة «احتلال وول ستريت»، أسبوعه الثالث، إذ استمر تدفق المتظاهرين إلى ساحة «زوكوتي بارك» في منطقة وول ستريت المالية في نيويورك، فيما يتوقع أن تشهد هذه الاحتجاجات زخماً إضافيا، رداً على انتهاج الشرطة الأميركية أسلوباً قمعياً في التعامل مع المحتجين، الذين ألقي القبض على المئات منهم خلال اليومين الماضيين. وتصاعدت يوم أمس حدة التظاهرات المناهضة ل«وول ستريت»، كما ارتفع عدد المعتقلين، وفقاً لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» إلى أكثر من ألف، في وقت لجأت السلطات الأميركية إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وغيرها من الأسلحة المضادة للمظاهرات. ومنذ السابع عشر من سبتمبر الماضي، أصبح المركز المالي الأميركي، وأشهر مركز مالي في العالم، مسرحاً للتظاهرات اليومية. وقد بدأت هذه التظاهرات على نطاق محدود، واقتصر الاهتمام الإعلامي بها على صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت، ثم تطورت لتصبح محط الاهتمام الإعلامي دولياً، وذلك بسبب التصدي العنيف لها من قبل الأجهزة الأمنية في مدينة نيويورك، وخصوصاً أمس الأول، لدى محاولة المئات من المتظاهرين احتلال جسر بروكلين الشهير. «الولاياتالمتحدة قررت أن تستخدم الأساليب التي اعتادت أن تدينها بشكل دوري عندما تستخدمها دولة عربيّة ما». بهذه الكلمات المقتضبة، عبّرت إحدى المعتصمات الأميركيات عن غضبها إزاء الطريقة التي تعاملت بها قوات الشرطة مع المتظاهرين على جسر بروكلين. وقال أحد المتظاهرين، في إشارة إلى تعمّد قوات الشرطة الفرز بين المتظاهرين على أساس عنصري، إن «رجال الشرطة بدأوا بانتقاء الأشخاص الواقفين في الصفوف الأمامية. أي متظاهر من ذوي البشرة السمراء أو البنية، كان يرمى على الأرض فوراً، والتحفظ عليه». وبعد حملة الاعتقالات تلك، عاد مئات المتظاهرين لساحة «زوكوتي بارك»، مضيفين إلى مطالبهم مطلباً جديداً هو إخلاء سبيل المعتقلين على خلفية أحداث جسر بروكلين، ومحاسبة المسؤولين عن أوامر الاعتقال. وامتدت الاحتجاجات إلى عدد من المدن الأميركية ومن بينها شيكاغو، وسياتل، وسان فرانسيسكو، ولوس أنجلس، وبوسطن، وهيوستن، وقد رفعت جميعها شعار «احتلوا الشوارع»، تأثرا بحركة «احتلال وول ستريت»، رافعة المطالب التي رفعها متظاهرو «زوكوتي بارك». ورفع المتظاهرون في الحي المالي في شيكاغو شعارات مناهضة للسياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية ومن بينها «نريد وظائف وليس استقطاعات ماليّة». وقال أحدهم إن «المصريين أسقطوا نظامهم وما زالوا معتصمين في الشوارع لينالوا بقية حقوقهم.. أما نحن فلم نحقق أي مطلب بعد، ولن نترك الشارع قبل تحقيقها كاملة». أما المسيرة التي انطلقت باتجاه فرع «بنك أوف أميركا» في بوسطن، فضمت نحو ثلاثة آلاف متظاهر، طالبوا بمحاسبة المصارف، التي اتهموها بالسيطرة على موارد الشعب الأميركي. وفي ولاية كولورادو، جابت تظاهرة حاشدة شوارع مدينة دنفر، داعيّة إلى «احتلال الشوارع»، والإفراج عن المتظاهرين المعتقلين. وتتلخص مطالب المتظاهرين بتقليص أدوار الشركات المتعددة الجنسيّات والمصارف الاستثمارية الكبرى التي اتهموها بالسطو على ممتلكات الأميركيين بمساعدة الإدارة الأميركية التي فضّلت مساعدة الشركات المأزومة منها على حساب الاهتمام بمعدلات العمالة والدخل العائلي. وقد شنت الحركة هجوماً على سياسات الولاياتالمتحدة الخارجية، وتحديداً في العراق وأفغانستان. ويختصر البيان الذي أعلن تأسيس المجموعة أهدافها في كلمات قليلة «نحن مئات من مختلف النقابات والجامعات وغير المسيسين.. لا نحدّد لعضويتنا عرقاً أو ديناً أو لوناً... نحن 99 في المئة من الأميركيين، نحتج على سطوة الواحد في المئة الباقي، الذي نهب مواردنا». ويقول ناشطو حركة «احتلوا وول ستريت» إن الاحتجاجات المصرية في ميدان التحرير، والتي أدت في النهاية إلى إسقاط الرئيس المخلوع حسني مبارك من منصبه، قد شكلت مصدر إلهام لهم، علماً بأن بعضهم كان متواجداً في ميدان التحرير أيام الثورة، وربما عادوا إلى الولاياتالمتحدة لنقل هذه التجربة. يؤكد المحتجون في نيويورك أنهم سيواصلون الاحتجاج طويلاً. وعلى غرار متظاهري ميدان التحرير في القاهرة، فقد أنشأ النيويوركيون شبكة إمدادات خدمية ليتمكنوا من مواصلة الاعتصام. فهم يرتبون أمور الطعام والنوم، ويصدرون «جريدة» يومية ناطقة باسمهم، واصبح لديهم تطبيق خاص على الهواتف النقالة (app). ويزعم منشئو خدمة Vibe البديلة عن خدمة «تويتر» الشائعة، أن هذه الخدمة لا تترك اثراً يمكّن الأجهزة الأمنية من تعقب مستخدميها. ويمكن تنزيل خدمة Vibe من مخزن التطبيقات في «آي تيون». وعلى غرار ناشطي ثورة 25 يناير، ليس هناك قادة في حركة «احتلوا وول ستريت»، وليس لها لون سياسي معين