قرر المستشار أحمد رفعت رئيس الدائرة الخامسة جنايات القاهرة تأجيل قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها كل من الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه و حسين سالم و حبيب العادلي و ستة من مساعديه إلى الأربعاء 7 شتنبر للاستماع لباقي الشهود في القضية. وكانت المحكمة قد عقدت الإثنين ثالث جلسات محاكمة مبارك والعادلي ومساعديه بأكاديمية الشرطة بالقاهرة. واستمعت المحكمة لأقوال أربعة شهود إثبات كلهم من ضباط الشرطة، وتضاربت أقوال ثلاثة شهود إثبات وهم الرائدان عماد بدري ومحمود جلال عبد الحميد والنقيب باسم محمد حسن مع أقوال الشاهد الأول اللواء حسين موسى الذي أكد صدور تعليمات من بعض قيادات الداخلية بإطلاق نار على المتظاهرين، فيما نفى الشهود الآخرون صدور مثل هذه التعليمات. وقال اللواء حسين موسى، أنه سمع صدور أوامر بإطلاق النار ضد المتظاهرين يوم 28 يناير.. مشيرا إلى أنه تم نقل أسلحة الشرطة في سيارات الإسعاف لأن سيارات الشرطة كان يتم مهاجمتها وأنه تم تزويد القوات عند الداخلية بالأسلحة وأن من أصدر أوامر تزويد قوات الأمن بالأسلحة النارية هو اللواء أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المركزي وقتها. وأكد على أن الأسلحة تم استخدامها ضد المتظاهرين فيما نفى علمه بعودة الأسلحة أم لا وما إذا كان العادلي قد أصدر الأوامر بإطلاق الرصاص أم لا؟ حيث قال "موسى" في شهادته أمام المحكمة: كنت أتابع وأصلح أي خلل لإصلاحه.. وبدأت يوم 25 من الساعة الثامنة صباحا كنا موجودين كلنا هذا اليوم تحسبا للمظاهرات، لم تصدر تعليمات بتجهيز قوات والتصدي للمتظاهرين أو التعامل معهم لكن من متابعتي للإتصالات بدأت من 12 م يعني صباح 26 بدأت الأوامر، وكانت التعليمات بأن يبدأ التعامل لتفريق الناس بالغاز والمياه أولا. وأضاف موسى الذي كان مسؤولا عن الشبكات اللاسلكية للأمن المركزي في جميع أنحاء مصر حول الوسائل المستخدمة لتفريق المتظاهرين: على حد علمي درع وعصا وغاز مسيل للدموع، وردا على سؤال حول الأدوات التي يزود بها ضباط الأمن المركزي، أجاب "مش عارف ممكن حد غيري يعرف". وطالب اللواء حسن موسى بالتفريق بين المواعيد المختلفة، برده على تساؤل عما إذا كان علم بصدور أمر من مسؤول الأمن المركزي للتعامل مع المتظاهرين خلال الثورة بأسلحة نارية أو خرطوش، موضحا أنه في "يوم 25 كانت الأوامر "مياه وغاز"، ويوم 27 عملوا لنا اجتماع لكل المديرين والقادة ووكلاء العمليات.. مساعد الوزير سمع مشاكلنا يوم 25 ومنها أن أعداد أجهزة الإتصالات غير كافية، ولم أحضر كل الإجتماع". وتنشر جريدة العلم نص الأسئلة والأجوبة، س.هل تناهى إلي علمك صدور أمر باستخدام الأسلحة النارية المتظاهرين؟ ج . نعم ولكن ليس هذا اليوم بل في يوم 28 نعم سمعت. يوم 28 جاءتنا أخبار أن الأعداد تزيد جدا والتعليمات منع المتظاهرين من الوصول للتحرير والتعامل حسب الموقف حسب اختيار أي تجهيزات معهم. س . ما هي الطريقة التي يراها كل ضابط في موقعه. ج . ممكن المياه والغاز والخرطوش وهذا ما أعلم. س . أليس محتمل استخدام الأسلحة النارية معهم؟ ج . على حد علمي لا يخرجون بسلاح آلي بل بخرطوش. س . في واقعة الهجوم على مبني الداخلية. هل تابعت الموقف؟ ج . أنا عشت الموقف من أوله. سمعنا أن هناك هجوم سيتم على الداخلية وعلى الأقسام وعلى السجون. فتم طلب تعزيزات بالأسلحة الآلية والخرطوش. تم نقل أسلحتنا في سيارات الإسعاف. هذا ما سمعته لأن الناس كانت تستهدف سيارات الشرطة. س.وهل تم نقل أسلحة لقوات الشرطة أمام الداخلية؟ ج . نعم. وإن من أصدر الأوامر بتزويد القوات بالأسلحة كان اللواء أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المركزي وقتها. وقال اللواء حسن موسى أنه صدر ضده أحكام بالسجن لمدة سنتين لإتلافه سيديهات التسجيلات لجميع اتصالات قطاع الأمن المركزي ووزارة الداخلية في الأيام الأولى من الثورة. وأوضح موسى في رده على أسئلة محامين هيئة الدفاع عن المتهمين، أن معنى التعامل مع المتظاهرين، "أقصد استخدام المعدات والأسلحة المتاحة مثل العصا والدرع والغاز والخرطوش"، لافتا إلى أن حراسة الداخلية تتحمل مسئوليتها قوات خاصة مزودة بأسلحة آلية، وأن قرار تسليح القوات جاء بأوامر من اللواء أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المركزي. ونفى موسى قدرة الأجهزة التي كان يتابع من خلالها ما يجري على الأرض من إدارة الإتصالات بوزارة الداخلية على سماع أحاديث الضباط آنذاك، وقال أنه لا يسمع سوى اتصالات الأمن المركزي. وبسؤاله عن كيفية سماعه حوار اللواء إسماعيل الشاعر واللواء أحمد رمزي، أجاب "لأن اللواء أحمد رمزي كان يقول أن إسماعيل الشاعر بيقول كذا وكذا"، وقال اللواء حسين موسى إن أسلحة حماية الداخلية جاءت من معسكر أمن الدراسة. وقال موسى أن المسؤول عن نقل الأسلحة في سيارات الإسعاف "التابعة للداخلية والتي لا تختلف في شكلها عن سيارات الإسعاف العادية" هو العميد عماد عطية... وكانت المفاجأة أن إسم العميد عطية غير موجود بالتحقيقات. وفي رده على أسئلة محامين الشهداء ومحاميي الدفاع أن السيارات المدرعة استخدمت في تفريق المتظاهرين، وأن اللواء محمد عبد الرحمن قائد القوات الخاصة خلال الثورة كانت تعليماته لضباطه "اضربوا في العيال دول وميهمكوش حاجة". وأبدى موسى عدم علمه بأي معلومات حول ما إذا كانت هناك اتصالات بين العادلي ورمزي حول طرق التعامل مع المتظاهرين، وردد أهالي الشهداء على إثر هذا الكلام "الله أكبر.. الله أكبر"، "ظهر الحق.. ظهر الحق". في المقابل، نفى ثلاثة من شهود الإثبات الإتهامات عن المتهمين، وقال الشاهد الثاني في القضية وهو الرائد عماد بدري، بغرفة عمليات الأمن المركزي عند سؤاله "ماذا كانت تعليمات اللواء أحمد رمزي لكم خلال المظاهرات؟ "أجاب قائلاً "قال لنا اعتبروا المتظاهرين إخواتكم". فيما أجاب الشاهد الثالث النقيب باسم حسن، ويعمل في غرفة عمليات الأمن المركزي، عند إدلائه بشهادته، على سؤال '"هل طلب منكم إطلاق النار؟ "قائلاً "لا" وعن سؤال "إذا لماذا ذخرتوا السلاح؟ رد قائلاً "أن ذلك كان ''فقط استعداد''، نافيا صدور أوامر باطلاق النار على المتظاهرين في حالة مهاجمتهم لوزارة الداخلية قائلا "لا".. الأمر كان بضرب السيقان وفي الهواء". وعلى غراره، مضى الرائد محمود جلال عبد الحميد في شهادته الذي قال إنه كان معين خدمة في شارع رمسيس بجوار محطة كهرباء معروف يوم 28 يناير، في شهادته بأنه تلقى تعليمات بضبط النفس واستخدام العصي والغازات، نافيا ما قاله أحد المدعين بالحق المدني بأن القنابل المستخدمة كانت منتهية الصلاحية وتؤدي إلى الوفاة، مشيرا إلى أن جميع القنابل كانت سليمة. وبهذا التضارب في أقوال شهود الإثبات تحول ثلاثة من شهود الإثبات إلى شهود نفي بنفيهم صدور أية تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين. وشكك محامو الدفاع في جدية التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة واتهموها بالتقصير وقال جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بأن النيابة خدعت الشعب المصري وقدمت شهود إثبات يبرؤون السفاحين بدلا من إدانتهم. وشكك محامو المتهمون في شهادة الشاهد الأول الذي أكد في شهادته صدور أوامر بإطلاق الرصاص، وهو ما أثار مخاوف من تغير مسار القضية لصالح المتهمين. فيما كانت أهم سمات ثالث جلسات محاكمة مبارك هي وقوع اشتباكات بالأحذية والأيادي ووجود مصابين، والقبض على عدد من مثيري الشغب، حيث بلغت ذروتها لحظة قرار المستشار أحمد رفعت، برفع ثالث جلسات محاكمة مبارك للمداولة، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة داخل القاعة بأكاديمية الشرطة بين أهالي الشهداء ومؤيدي مبارك، وذلك بسبب رفع أحد المؤيدين صورة مبارك داخل القاعة، وهو ما أثار حفيظة أهالي الشهداء، الذين تبادلوا الإعتداءات، واشتبك الطرفان فيما بينهما بالأيدي والتعدي على بعضهما بالأحذية، وتبادلوا الشتائم. كما أقدم أسر الشهداء على حرق صورة مبارك داخل القاعة، وردد الطرفان الهتافات التي حولت قاعة المحكمة إلى ساحة للمظاهرات، حيث ردد أسر الشهداء، "الشعب يريد إعدام المخلوع"، فيما تجددت الإشتباكات أيضاً بين المؤيدين لمبارك، وأسر الشهداء خارج قاعة المحكمة، أمام أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، عقب علمهم بوقوع الإشتباكات بين الطرفين بالداخل. البداية كانت بوقوع اشتباكات بين قوات الأمن وعدد من أسر الشهداء أمام أكاديمية الشرطة، عندما حاول أهالي الشهداء اقتحام الحاجز الأمني لحضور المحاكمة، إلا أن الأمن منعهم من ذلك. فيما تجددت الإشتباكات العنيفة بين قوات الأمن المركزي ومؤيدي مبارك من جانب، وبين أهالي الشهداء من جانب آخر، مما أسفر عن إصابة شخصين بجروح جراء الإشتباكات، بعد أن تبادل الطرفان إلقاء الحجارة، وأسرع أهالي الشهداء إلى الشوارع الجانبية للاختباء فيها، وألقت قوات الأمن القبض على عدد كبير من مثيري الشغب، وطاردهم عدد كبير من جنود الأمن المركزي وسيارتان مصفحتان، ورد أسر الشهداء بالحجارة على الجنود، مرددين هتافات، "الله أكبر"، "الشرطة والشعب إيد واحدة". من جهتهم، قام العشرات من أسر الشهداء المتواجدين أمام أكاديمية الشرطة، بإحراق صورة الرئيس السابق حسني مبارك، وذلك وسط هتافات تطالب بالقصاص للشهداء من حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق ومساعديه، وردد المتظاهرون هتافات، "الشعب يريد إعدام السفاح"، "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"، "القصاص القصاص ضربوا أخواتنا بالرصاص". على الجانب الآخر، يبحث مؤيدو مبارك عن شخص يدعى "عاصم" ترددت أنباء عن قيام أسر الشهداء باختطافه، وقامت قوات الأمن أمام الأكاديمية بسحب الكاميرات من المصورين أثناء الإشتباكات. كما فرضت قوات الأمن المتواجدة حاجزا أمنياً بين أسر الشهداء ومؤيدي وأنصار مبارك، لقرب المسافة بينهما، منعاً لحدوث أي اشتباكات بين الطرفين. واقتحم عدد من أسر الشهداء الحاجز الأمني الذي فرض عليهم منذ بداية وصولهم إلى الأكاديمية، حيث غادر عدد كبير من مؤيدي وأنصار مبارك مقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، ولم يتبق سوى عدد قليل جداً من المؤيدين، يصل عدد إلى 30 مواطناً فقط، الذين هتفوا بعد رحيل زملائهم، "يا مبارك ارفع رأسك"، "الشعب يريد إعدام 6 أبريل" و"بنحبك يا ريس". كما طالب أسر الشهداء المجلس العسكري بضرورة رحيل المحامين الكويتيين المتطوعين للدفاع عن الرئيس مبارك، حيث أعربوا عن غضبهم من وجود محامين كويتيين، للدفاع عن الرئيس السابق، مما يعد استفزازاً لأسر الشهداء، على حد قولهم، مضيفين أن الشعب المصري وقف بجوار الشعب الكويتي أثناء الغزو العراقي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، على أن يكون رد الجميل بالوقوف مع الشعب المصري، وليس الرئيس المتورط في قتل أبنائهم. وأعرب أسر الشهداء عن رفضهم التدخل في الشؤون الداخلية للشعب المصري، يأتي هذا تزامناً مع غياب فريق الدفاع الكويتي، الذي لم يحضر حتى إلى قاعة المحكمة. كما تواجد حوالي 100 شخص من أهالي الشهداء على يسار بوابة رقم 8 لأكاديمية الشرطة، والتي يسمح للإعلاميين وأسر الشهداء بالدخول عبرها، فيما وقف حوالي 30 شخصاً من مؤيدي مبارك على يمين البوابة، وفصل بينهم المئات من الحواجز الحديدية وقوات الأمن المركزي ومدرعتان تابعتان للجيش، وتم نقل شاشة العرض الكبيرة الموجودة على يسار البوابة في الجلسات الماضية إلى داخل سور الأكاديمية أقصى اليسار، ولم يشغلوها بتاتا. وقامت قوات الشرطة باعتقال 23 شخصا من أهالي الشهداء والنشطاء المتضامنين معهم خلال الإشتباكات التي جرت بينهم وبين أنصار مبارك والتي أسفرت عن إصابة 15 منهم. وقال بعض الشهود العيان أن قوات الأمن المركزي قامت بسحل والد أحد الشهداء وضربه، وقال عدد من أسر الشهداء أن أمين شرطة قام بصفع أحد أهالي الشهداء على وجهه إثر مشاداة كلامية بينهم وبين أفراد الشرطة. وأضافت المصادر أن بعض أهالي الشهداء حاولوا إقتحام الحاجز الأمني فقام لواء من الشرطة باستدعاء الأمين وصفعه على وجهه، لاحتواء الموقف. وقام أهالي الشهداء بالإعتداء على إثنين من أعضاء أنا آسف يا ريس بالضرب أثناء خروجهم لتلقي العلاج بعد إصابتهم بالإغماء ولكن استطاعت قوات الأمن المركزي من إنقاذهم. وقال عدد من الأهالي إن نقيب بالأمن المركزي يدعى "أحمد ع." قام بصفع أحمد صابر على وجهه بعد قيامه وآخرين بمطاردة عدد من أنصار الرئيس المخلوع الذين اعتدوا في وقت سابق على أهالي الشهداء. ويواجه مبارك والعادلي ومساعديه 6 تهم التحريض على قتل المتظاهرين السلميين في أحداث تظاهرات 25 يناير وما أعقبها من وقائع إعتداء، فيما يواجه مبارك ونجليه وصديقه رجل الأعمال الهارب حسين سالم إتهامات تتعلق بالفساد المالي وإهدار المال العام وتسهيل الإستيلاء عليه بغير مبرر قانوني والتي في مقدمتها تصدير الغاز لإسرائيل بسعر أقل عن الأسعار العالمية.