الصحراء المغربية.. غوتيريش يطلع مجلس الأمن على المبادرة الملكية لفك العزلة عن بلدان الساحل    عاجل.. البام ينتخب فاطمة السعدي في القيادة الجماعية خلفا لأبو الغالي    المضيق تحتضن الملتقى الجهوي الثاني للنقل        خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون مستجدات قضية الصحراء المغربية وموقف غوتيريش من مقترح الحكم الذاتي        توقيف ممرضة متقاعدة متهمة بارتكاب عمليات للإجهاض والتزوير في مساطر الكفالة والاتجار بالبشر    العدل والإحسان: استشهاد السنوار لن يزيد المقاومة في غزة وكافة فلسطين ولبنان إلا ثباتا وصلابة    شمال غزة يٌباد.. جيش الإحتلال يقصف المخيمات والمدارس والمستشفيات وتحرم الناجين من الماء والغداء والإنرنيت    "مناديب التوزيع" يزيدون حدة التوتر بين المعارضة والأغلبية بجماعة الرباط    "المعارضة الاتحادية" تناقش بمجلس النواب الحركة الجمعوية وتحديات الحياة الديمقراطية    بعد عملية قلب ناجحة…مزراوي يعود للتدريبات مع مانشستر يونايتد    مغاربة يصلون صلاة الغائب وينعون السنوار في أزيد من 100 مظاهرة في 58 مدينة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    عمدة طنجة يُعلن إطلاق إسم نور الدين الصايل على أحد شوارع المدينة    ستة فرق تتنافس على الصدارة وقمة القاع تجمع الكوكب المراكشي بأولمبيك خريبكة    لجنة الأخلاقيات تعلن إقالة أبو الغالي من المكتب السياسي لحزب "الجرار" وشغور مقعده بقيادته الجماعية    طائرة مسيّرة من لبنان تستهدف مقر إقامة لنتانياهو    مراكش: توقيف فرنسي من أصول جزائرية موضوع أمر دولي باعتقاله    الأمم المتحدة لا تعتبر ما قاله ديميستورا حول تقسيم الصحراء المغربية اقتراحا    مديرة دار زهور ل"رسالة 24″: هدفنا هو تجويد حياة مريضات سرطان الثدي    كرطيط رئيسا جديدا لاتحاد طنجة خلفا للشرقاوي    افتتاح الدورة ال 24 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    تكريم ديفا الأطلس حادة أوعكي يُزين حفل افتتاح مهرجان "أجدير إيزوران" بخنيفرة    كيوسك السبت | الاتحاد الأوروبي يستعد لإخضاع التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة للمراقبة    طائرة مسيرة من لبنان تستهدف منزل نتنياهو في قيساريا    جيش إسرائيل يعلن مقتل ناصر رشيد    طائرة مسيرة لحزب الله تستهدف "نتنياهو" وتنفجر بمنزله جنوب حيفا    بتنسيق مع الديستي.. الشرطة الإسبانية تعتقل شخصين بتهمة نشر أفكار تنظيم داعش عبر منصات التواصل الاجتماعي    الجيش الملكي يفوز على ضيفه الفتح في ديربي الرباط    جدة تحتضن مباريات كأس السوبر الإسباني    مسيرة أصابت بشكل مباشر منزل نتنياهو    مهنيون: غلّة الزيتون ضعيفة.. وسعر لتر الزيت يتراوح بين 100 و110 دراهم    السالك: الجزائر تعيش على معاداة المغرب.. ونُخَب ترفض عودة الصحراويين    أمن العيون ينفي مضمون شريط فيديو    مباراة لكرة القدم بطنجة تنتهي بوفاة شخص إثر أزمة قلبية    تكريم الشوبي والزياني يزين حفل افتتاح المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    فرقة ثفسوين من الحسيمة تتوج بالجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية    قرعة متوازنة للجيش في "كان السيدات"    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ياسين كني وبوشعيب الساوري يتوجان بجائزة كتارا للرواية    بوريطة يؤكد على "سواحل بحرية للمملكة تشمل 3500 كيلومترا" خلال مباحثات مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية    نمو حركة النقل الجوي بمطار الحسيمة بنحو 19 في المائة مع متم غشت الماضي    عقوبات صارمة تنتظرأرباب المطاعم والفنادق بالناظور بسبب لحوم الدجاج        شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    التوترات الجيوسياسية تدفع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق    ⁨انفوجرافيك | تدهور مستوى المعيشة للأسر المغربية خلال الفصل الثالث من 2024⁩    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جزيرة الفيرولاند
نشر في العلم يوم 24 - 08 - 2011

في عناق حميمي يجمع بين جبال معتدلة الارتفاع، وبحر يلامس سفوحها وينعطف كلما انعطفت وكأنه يتوسل إليها لشدة التصاقه بها، مع سماء تحتويهما، تقع جزيرة الفيرولاند الدانمركية الهوية.
إبداع إلاهي لا دخل ليد الإنسان في صنعه، يجمع بين البحر والجبال والسماء، واكتفى الإنسان بإقامة محطات في أماكن متفرقة من شطآن البحر، ليصنع لنفسه علاقة معه من خلال ركوبه بحثاَ عن الصيد، وعلاقة مع الجبال حيث يرخي العنان لأغنامه، كي ترعى للاستفادة من لحومها كلما استعصى عليه طعام البحر بفعل العواصف.
يظهر ساكن هذه البقعة إنساناً يملك الشجاعة والأمل والحب والسماحة، من خلال الحكايات التي يحكيها الأهالي عن الصيد في أعالي البحار، وعن الخرفان الوديعة التي ترعى حرة طليقة، دون كلاب تحرسها أو راع يطمئن عليها، ودون خوف من حيوان مفترس أو آدمي مغتصب لانتفاء الاثنين، إلا أنها قد تتيه عن قطيعها فيهب الجميع لإعادتها لأمكنتها.
شيء غريب يشدك إلى أهل هذا البلد وأنت تنصت لأحاديثهم، وشجونهم، في تكيفهم مع البحر والجبل، يصنعون المعجزات ويتحدون اللحظات القاسية التي عصفت بالأزواج والأبناء والآباء مرارا وتكرارا وألقت بهم في اليم السحيق وهم يصطادون الأسماك، أو أسقطتهم من أعالي الجبال وهم يجمعون قطعان الأغنام عندما يحين موعد تجفيف لحمها ( من خلال تعريضها لبرودة الطقس ، عكس القديد عندنا).
حنين غريب يأخذك وهم يتحدثون عن عصر كان بعيدا عن الكماليات المتوفرة عندهم الآن ، والتقدم التكنولوجي المذهل الذي أخذ بزمام كل شيء ، ويظهر جليا في مصانع الأسماك ، ففي مدة زمنية قياسية تراقب في انبهار ، المراحل الميكانيكية التلقائية لتنظيف السمك وتقطيعه وتعليبه ، بل وقلي بعض أنواعه، ولا يبقى لربة البيت سوى دقائق لإهدائه طبقا لذيذا لأسرتها أو ضيوفها.
في أماكن متعددة ما زالت آثار منازل خشبية بسيطة التراكيب تذكر الزائر كيف تعامل أهلها مع معطيات الجزيرة على شحها. يشعرون بالأمان وهم يسمعون خرير المياه، ويرون صفحة البحر الزرقاء وهي تفتح الأذرع للشجعان، فيعشقون الحياة ويميلون للانغماس في متعها. ويشعرون بالخوف عندما تشتد العواصف ويجثم الليل البهيم بثقله على الصدور، فيصيب القلوب الهلع من لحظة مُرة قد لا تقوى على الصبر، وتهزم فيها دمعة العين.
لكن هذه الحياة أنتجت أدبا رائعا ، وشعرا مؤثرا بلغ حوالي ثمانية آلاف بيت شعري، كما أخبرنا المرشد، وأنتجت فنا منحوتا ومرسوما عبر فيه مبدعوه عن لحظاتهم بكل ما تحمله من فرح أو ألم ووحشة .
لوحات متعددة شاهدناها بالمتحف الوطني تترجم أحاسيس أهل الجزيرة وهم يواجهون المجهول، وما يطرأ على العائلة برمتها، الرجال وسط الموج، والنساء في انتظار العودة وإقامة الولائم وإنشاد الأغاني، وإلا فالحزن يخيم عليهم ويغيب أحلامهم .
شدتني لوحة وقد جمعت ألوانا قاتمة وخطوطا متقاطعة، وسألت صديقة من قاطني المنطقة عن مدى فهمها للوحة ؟ فأخبرتني أن من عاش هنا يفهم حقيقة شعور الرسام، لأن الواقع كان قاسيا. كما شدني نحت لعائلة تنتظر فارسها الذي قد يعود بالكنز المفقود أو يُغيبه اليم.
في هذه البقعة تاريخ ديني مسيحي تشهد له كنائس منتشرة هنا وهناك، قل زوارها وأصبحت في عداد المتاحف ليس إلا ، كما قيل لنا، وتاريخ بطولي في الدفاع عن الأرض ، بل قل البحر والجبل ، تشهد عليه أطلال هنا وهناك.
تاريخ الجزيرة أغلبه مأساوي في صراع الأهالي مع لقمة العيش، وهم يبحثون عن سمك ربما تحلو له اللعبة ويكسب الجولة ويصبح الإنسان مضغة في بطنه.
هذه بعض كلمات عن جزيرة الفيرولاند التي ما كنا لنزورها لولا لفتة حضارية من وزارة خارجية المملكة الدانمركية، وهي طريقة ناجعة في تقارب الشعوب، وتبادل الخبرات، ومواكبة قافلة الحضارات.
لقد أثبتت لي هذه الزيارة أن الإنسان أينما رمت به الأقدار فهو قادر على تحمل كل الأعباء والمشاق، قادر على صنع المستحيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.