زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    دلالات لزيارة رئيس الصين الودية للمملكة المغربية    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب يجدد التزامه بانطلاقة صادقة وجادة للبناء المغاربي ولبناء مستقبل مشترك يرتكز على احترام السيادة والوحدة الترابية للدول وعلى حسن الجوار
الإصلاح المؤسسي بالمغرب يتبنى أعلى معايير الديمقراطية، والحكامة الجيدة، وإنعاش حقوق الإنسان
نشر في العلم يوم 06 - 05 - 2011

شارك الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي في الأيام الدراسية التي ينظمها فريق الحزب الشعبي الأوروبي بالبرلمان الأوروبي بمدينة باليرمو الايطالية من 4 إلى 6 ماي 2011. وحاضر في المحور المخصص لموضوع «إعادة بناء شراكة قوية بحوض المتوسط : رد على الأزمة بالعالم العربي وشمال إفريقيا»، وذلك إلى جانب السادة فيكتور أوربان الوزير الأول الهنغاري ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وسيلفيو برلوسكوني رئيس الحكومة الإيطالية، وكذا لورونس غونزي الوزير الأول المالطي. فيمايلي نص المحاضرة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي الوزراء الأولين ؛
صاحب المعالي رئيس البرلمان الأوروبي ؛
صاحب المعالي رئيس الحزب الشعبي الأوروبي ؛
حضرات السيدات والسادة ؛
أود أن أعبر عن تقديري الكبير لهذه المبادرة المحمودة والملائمة للحزب الشعبي الأوروبي بتنظيم هذه التظاهرة الهامة حول مستقبل العلاقات الأورومتوسطية، في ظرف تعرف فيه منطقتنا بالفعل، تحولات عميقة منذ بداية هذه السنة.
واسمحوا لي في هذا الصدد، أن أعرب لكم عن خالص الشكر لتفضلكم بدعوة بلدي، المملكة المغربية، للمشاركة في هذا التأمل، والمساهمة في النقاش انطلاقا من أفقه الخاص؛ هذا الأفق الذي مزج باستمرار، وبنفس الاهتمام والالتزام، تضامنا قويا بين البلدان العربية، وانفتاحا واثقا نحو الاتحاد الأوروبي، وقناعة أورو متوسطية راسخة.
وباختيار مدينة باليرمو الجميلة لالتئامنا في هذه المناسبة، فإنكم تعبرون عن تقديركم لهذه الهوية المتوسطية المتفردة، التي استطاعت على الدوام، المزج بين عدة روافد ثقافية وإنسانية، والتوفق بتألق، في تجميع هذا التنوع الرائع الذي يميز فضاءنا المشترك.
إن الحركات الكبرى التي تشهدها البلدان العربية منذ بداية هذه السنة، تحمل آمالا عريضة في مُواطن متجدد، وتطلع ديمقراطي، وانفتاح اقتصادي وتنمية بشرية.
وأبعد من الخصوصيات التي تميز كل بلد، فإن هذه التطورات التي كانت وراءها قيم الديمقراطية، وإنعاش حقوق الإنسان، تؤكد أن المجتمعات العربية هي كذلك في حاجة إلى انفتاح اقتصادي بقدر ما هي في حاجة إلى ديمقراطية سياسية.
وهذه القفزة الرائعة التي تعيشها منطقتنا يتعين دعمها ومساعدتها وتشجيعها بمقاربة تشاركية أكثر تبصراً، وأكثر طموحاً، وأكثر تضامناً.
وفي هذا السياق، فإن المواضيع المقترح علينا مناقشتها بمناسبة هذه الأيام الدراسية تعكس امتداد الأجندة الأورومتوسطية وحجم الرهان الإقليمي. وهي تشهد كذلك على الطاقة الكبرى التي تختزنها هذه الشراكة.
وإعطاء أجوبة واضحة وواقعية من شأنه تحويل التحديات إلى فرص، ورسم الطريق من أجل حكامة أورومتوسطية متجددة، وإطلاق دينامية شراكة مثلى.
لكن هذا الطموح الذي نرغب فيه، لايمكن تحقيقه دون إحلال مناخ للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وهذا المناخ يبقى رهينا بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية التي لايرى المغرب أي بديل لها إلا بإحداث دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتتمتع بالسيادة على مجموع أراضيها بالضفة الغربية وغزة ، بعاصمتها القدس .
والانطلاقة الحقيقية للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية تمر بالضرورة عبر احترام مبادئ الشرعية الدولية، ومقررات مجلس الأمن، والمبادرة العربية للسلام.
وفي هذا الصدد، أذكر بجهود المغرب من أجل الحفاظ على النظام القانوني للقدس وأماكنها المقدسة، لاسيما المسجد الأقصى.
كما أن حوض المتوسط مطالب بتنمية تعاون مدعم على الصعيد الإقليمي، لاسيما على مستوى اتحاد المغرب العربي.
وفي هذا الصدد، يجدد المغرب التزامه بانطلاقة صادقة وجادة للبناء المغاربي ولبناء مستقبل مشترك يرتكز على احترام السيادة والوحدة الترابية للدول، وعلى حسن الجوار. وهو يدعو الأطراف الأخرى للاستجابة لنداءات مجلس الأمن وللالتزام لصالح تسوية سياسية للنزاع المفتعل المتعلق بوحدته الترابية على أساس حكم ذاتي موسع لجهة الصحراء .
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
إن الفضاء الأورومتوسطي قد بلغ اليوم، نسبة من الاندماج التجاري والالتقائية القانونية لدرجة أنه حان الوقت لكي نحدد هدفا أكثر طموحاً يتجاوز إرساء منطقة للتبادل الحر .
والغاية الطموحة التي نستطيع تحديدها جميعا، تتمثل في خلق فضاء اقتصادي مشترك، مستوحى من القواعد والمساطر التي تضبط الفضاء الاقتصادي الأوروبي.
وفي هذا الصدد، فإن رد الفعل الرائع الذي أبان عنه قطاع النسيج الأورومتوسطي تبعا لتفكيك الاتفاق متعدد الألياف، وإعادة تموقعه في مجالات تنافسية ينبغي أخذه كنموذج لقطاعات الأنشطة الأخرى.
كما أن النمو المطرد للمهن الجديدة كالخدمات عن بعد، تعبر عن مؤهلات التكامل بين اقتصادياتنا؛ لدرجة أن مفهوم الترحيل قد أصبح متجاوزاً بالنسبة للواقع الاقتصادي الأورومتوسطي.
ويتعلق الأمر في الواقع بإعادة الانتشار داخل نفس الفضاء الاقتصادي، وبالتآزر بين اقتصاديات تخضع لنفس القواعد والمعايير وتتنامى في نفس المحيط القانوني.
فعبر اتباع إجراء كهذا سنعطي دينامية لتدفقات الاستثمار وتنمية التكاملات بين اقتصادياتنا، أخذاً في الاعتبار البعد التنموي، وإلا فإن الغاية من التحرير التجاري لمبادلاتنا، لاسيما الفلاحية منها، قد تعترضه عقبات في الأمد المتوسط.
وبصفة عامة، فإن هدف إقامة حوض المتوسط كقطب تنافسي وجذاب، يمر كذلك عبر إدخال ملائم لاقتصاديات الضفة الجنوبية في استراتيجية لشبونة، وتصور متوسطي بديل للسياسة الفلاحية المشتركة، والعمل، حالة بحالة، على توسيع بعض السياسات القطاعية المشتركة المعمول بها في إطار البحث التنموي واقتصاد المعرفة، وإعداد أنشطة متشاور بشأنها في مجال الطاقة، وإطلاق مشاريع جهوية في مجال النقل والتنمية المستديمة.
وفي نفس السياق، فإن المعطى البيئي، فضلا عن جوانبه الإنسانية، يجب أن يؤخذ في امتداداته الاقتصادية والديمغرافية، بل وحتى الأمنية. ذلك أن المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية أمر واقع، وتداعياتها أصبحت مؤثرة في مردودية فلاحتنا، وفي الحركات البشرية، وفي الأداءات الاقتصادية بصفة شمولية.
وأكثر من ذلك، فإن التغيرات المناخية تبرز ظاهرة الهجرة البيئية الوافدة من جهات أخرى من العالم. ويعتقد أن عدد المهاجرين «البيئيين» قد يصل، عبر العالم، إلى 50 مليون سنة 2015، وقد يناهز 200 مليون سنة 2050.
وإن مشروع تطهير المتوسط سيمكننا من التنمية بكيفية بيئية قابلة للاستمرار، ومن تقليص الضغوطات المفروضة على الموارد الطبيعية.
ذلك أن التعمير السريع، لاسيما في المناطق الساحلية، والزيادة القوية المرتقبة للسياحة، تتطلبان أعمالا حازمة وآليات تدبير تشاوري وتضامني للمعطى البيئي في حضيرة الفضاء الأورومتوسطي.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
فيما يتعلق بالبعد البشري، يتعين علينا أن نعالج معطى الهجرة وفق مقاربة تشرك، على قدم المساواة، بلدان الأصل، والعبور، والاتجاه، وترتكز على المسؤولية المتقاسمة والتضامن والتنمية المشتركة.
والغاية هي تصور سياسة للهجرة تستهدف في نفس الوقت، دعم النمو الاقتصادي وتصحيح الفوارق الديمغرافية. وينبغي أن تدخل هذه السياسة لزوماً مراقبة الحدود ومحاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر.
فبهذه الوسيلة سيمكننا إفشال ردود انقباض الهوية أوالانغلاق الطائفي، وتمكين الهجرة في النهاية، من بناء جسور بين الثقافات وتجميع رأسمال بشري مفيد للجميع.
وفيما يخص البعد الثقافي بالذات، فإن عملنا الجماعي ينبغي في نفس الوقت، أن يستجيب لحاجة التربية وتحرر الفرد، وأن يعكس ضرورة مناهضة عدم التسامح وإنعاش احترام المعتقدات.
وفي هذا الصدد، فالرهان هو معرفة تدبير تعددية الانتماء الثقافي، بمساعدة سكاننا المهاجرين على إيجاد توازن للهوية، بإدماج أبعاد جديدة للجذور الأصلية للمهاجر، وهذا ما يعني بناء نظام ثقافي يجمع في نفس الوقت، الخصوصية والكونية.
وفي عالم يتسم ببروز قدرات علمية وتكنولوجية جديدة، فإن إقامة فضاء أورومتوسطي للبحث أمر أساسي لإنعاش اقتصاد الإبداع.
إن استثمار الرأسمال البشري الذي يعد أساس التنمية، لابد أن يمر عبر سياسات تربوية ناجعة وتعليم عال ذي جودة.
وفي هذا الصدد، فإن المغرب عازم على بلورة مشروع جامعة أورومتوسطية بفاس، كموجه لحركية الطلبة والباحثين والأفكار. وعلينا موازاة لذلك، إنعاش توأمات افتراضية بين مدارسنا وثانوياتنا، لتمكين شبابنا وفتياننا من تقاسم المعرفة والانفتاح على الثقافات الأخرى.
كما أن التكوين المهني يشكل رهانا رئيسيا لتنافسية اقتصادياتنا. وهكذا فإن نظاماً لاحتضان أنظمة الدراسات بشعبه من لدن منظمات مهنية يجد كل جدواه. فهو سيمكن من تنمية الكفاءات على الصعيد المحلي، وتوقع الحاجات المستقبلية والانتظارات في مجال تركيز وإعادة انتشار وإنعاش الهجرات المؤهلة.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
إن الأفق الإستراتيجي للمملكة المغربية على الصعيد الجهوي لينسجم كليا مع طموح نظام الوضع المتقدم الذي يرى فيه المغرب عاملا للإسراع بالدينامية الإصلاحية التي انخرط فيها بإصرار.
لقد شرعت بلادي منذ أكثر من عقد، في ورش واسع لتحولات كبرى، وانفتاح سياسي هام، وتنمية اقتصادية متواصلة، وتقدم اجتماعي ملموس. والانشغال الدائم بالتوفيق بين الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والتطورات السياسية والديمقراطية من جهة أخرى، هو ما مكن المغرب من الحصول من الاتحاد الأوروبي، على نظام الوضع المتقدم، وهو اعتراف واقعي بالتقدم المنجز في السابق، ورهان حقيقي لتعميقه في المستقبل.
وكل ما يقوم به المغرب تجاه الاتحاد الأوروبي، ومبادرات المجموعة الأوروبية التي ينخرط فيها، تجد جذورها في نفس الرؤية الإستراتيجية ونفس المسعى الإرادي؛ أي بلوغ القرب الأمثل من الاتحاد الأوروبي.
وهذا الموقف هو الذي أوحى بنظام الوضع المتقدم، والذي غايته الأساسية هي بناء فضاء للقيم المشتركة في مجال الديمقراطية والحكامة الجيدة وحقوق الإنسان، وتشييد فضاء اقتصادي مشترك سيمكن المغرب من استيحاء مكتسبات المجموعة لبناء اقتصاد منفتح ومتضامن.
وتجربة التوأمة بين المؤسسات التي يعتبر المغرب المستفيد الرئيسي منها، ب 44 عملية لحد الآن، تشهد بوثوق هذا المسعى الذي يتمثل في الاستفادة تدريجيا من مكتسبات المجموعة الأوروبية، في وضعية مماثلة لبلد مرشح.
وبفضل هذه التوأمات، تمكن المغرب من إرساء قواعد الحكامة الجيدة، وتدبير انتقاله الاقتصادي، وتحسين مؤشراته الاجتماعية. وهناك قطاعات أخرى ستكون موضوع تراصف مع مكتسبات المجموعة الأوروبية.
وستتبع قطاعات أخرى تدريجيا نفس المسار، بكيفية يصبح المغرب معها في النهاية، البلد غير المنخرط الذي استفاد من أكثر مكتسبات المجموعة الأوروبية.
ويستهدف هذا التقارب إنعاش توازن بين أبعاد الحكامة الجيدة ودولة القانون، والتنافسية الاقتصادية، والبعد الإنساني، وهي مجالات التعاون التي يعمل المغرب على تحديدها مع المجلس الأوروبي، والتي ستعبأ خبرتها لتطبيق الإصلاحات في مجال القضاء، ومقاربة النوع، والعدالة الانتخابية، والسمعي البصري، والديمقراطية المحلية والجهوية، وتمويل الأحزاب السياسية.
وبالنظر إلى كل هذه التطورات والإنجازات، يأمل المغرب في أن تغتني شراكته مع الاتحاد الأوروبي وتتعزز أكثر فأكثر، بما يسمح بمواكبته في مشروع مجتمع منفتح ديمقراطي ومتضامن، والذي هو بصدد بنائه، وبدعم الأوراش المتعددة المرتبطة بالحكامة العمومية التي فتحتها بلادنا.
وعلى الصعيد المؤسسي، فإن بناء دولة القانون يتواصل بتحكم وحزم. وهكذا فقد تم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي. كما تم توسيع صلاحيات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة. وتم على الخصوص، تقوية مؤسسة الوسيط، وكذا المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان. ودخل إصلاح قطاع العدل في مرحلة عملية. والغاية من كل ذلك هو أن يتبنى المغرب أعلى معايير الديمقراطية، والحكامة الجيدة، وإنعاش حقوق الإنسان.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
ولتكريس هذه الرؤية بصورة أكبر، فقد قرر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 9 مارس الأخير، مراجعة عميقة للدستور سيواكبها تنظيم ترابي جديد للدولة، بجهات ذات اختصاصات وصلاحيات جد واسعة.
وتتجلى هذه المراجعة الدستورية الجريئة فيما يلي:
تكريس الطابع التعددي للهوية المغربية وفي صلبها الأمازيغية؛
ترسيخ دولة القانون والحريات واحترام حقوق الإنسان في كل أبعادها؛
ضمان سيادة القانون واستقلالية القضاء؛
توطيد فصل السلط وتوازنها، لاسيما من خلال تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس فعلي لسلطة تنفيذية؛
تعزيز دور الأحزاب السياسية في إطار تعددية فعلية؛
وأخيراً، تقوية آليات تخليق الحياة العامة والهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة.
وفي الميدان الاقتصادي، فقد عمل المغرب على تسريع تحسين حكامة السياسات العمومية، وتقوية تنافسيته، وأطلق العديد من الإستراتيجيات القطاعية. وفي هذا الاتجاه، يواصل تنفيذ مخطط الإقلاع الصناعي الذي انطلق سنة 2009، والمخطط الرقمي 2013، بغية تموقع المغرب كقطب للتكنولوجيا والخدمات عن بعد.
وفي المجال الفلاحي، تم وضع مخطط المغرب الأخضر الذي يستهدف تحسين التنافسية الفلاحية، ورفع قيمة الصادرات، وإنعاش الفلاحة التضامنية. كما حدد مخطط تنمية قطاع الصيد «هاليوتيس» من جهته كهدف، تحديث النشاط البحري لجعله في مستوى المعايير الدولية في هذا المجال.
وعلى صعيد التجهيزات الأساسية، عمل المغرب على تسريع تقوية البنيات التحتية لمختلف أشكال النقل الطرقي والبحري والسككي والجوي. وترمي استراتيجية الطاقة، خاصة منها الشمسية، التي تبناها المغرب في إطار استراتيجيته للتنمية المستديمة، إلى التوصل سنة 2020، إلى قدرة إنتاجية ل 2.000 ميكاواط. وهو مشروع يستهدف تقليص التبعية الطاقية للبلاد.
وبصورة عامة، جعل المغرب من تحسين حكامته الاقتصادية خياراً استراتيجياً يروم بناء اقتصاد متين، قادر على مواجهة اقتصاد تنافسي أكثر فأكثر. وكل هذه الإصلاحات تباشر بدعم من الهيئات الدولية، خاصة الاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
وبالنسبة للمرحلة المقبلة، سيكون من الضروري الحفاظ على مكتسبات السياسة الأوروبية للجوار، لاسيما ازدواجيتها المتمثلة في الوحدة والتباين، في نفس الوقت الذي ننمي فيه تفاعلا وتآزراً أكثر بين مكونيه، السياسي والاقتصادي، بكيفية تعطي فعالية وتأثيراً أكبر.
وفي الختام، فإن المغرب مقتنع، بتصور حكامة إقليمية متجددة، بأن حوض المتوسط سيقترح رؤية جديدة للعولمة ؛ رؤية تعطي الامتياز لقيم التقنين الإقليمي، وفضائل القرب الجغرافي، وتعرف على الخصوص، كيف تجعل الإنسان في صلب مخططات الشراكة والتعاون.
والتزامنا ببلورة هذه المبادرة الجديدة لا يعادله إلا قناعتنا بأن مستقبل المتوسط وقدر شعوبنا وتفتحها تمر عبر انتشار طفرة جديدة للتضامن والشراكة بين ضفتي المتوسط.
شكراً لحسن إصغائكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.