وهبي يرفض تضخيم أرقام الطلاق بالمغرب.. ويطالب المحامين بالموضوعية    وزير الداخلية يكشف عن مشروع لتعزيز الشفافية المالية للأحزاب السياسية    "يوسي بن دافيد" من أصول مغربية يترأس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل                التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    قرض ب400 مليون أورو لزيادة القدرة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    إسبانيا تواصل عمليات البحث وإزالة الركام بعد أسبوع من فيضانات    أنفوجرافيك | أرقام رسمية.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.6% بالربع الثالث من 2024    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة    وزارة الاستثمار تعتزم اكتراء مقر جديد وفتح الباب ل30 منصب جديد    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب يجدد التزامه بانطلاقة صادقة وجادة للبناء المغاربي ولبناء مستقبل مشترك يرتكز على احترام السيادة والوحدة الترابية للدول وعلى حسن الجوار
الإصلاح المؤسسي بالمغرب يتبنى أعلى معايير الديمقراطية، والحكامة الجيدة، وإنعاش حقوق الإنسان
نشر في العلم يوم 06 - 05 - 2011

شارك الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي في الأيام الدراسية التي ينظمها فريق الحزب الشعبي الأوروبي بالبرلمان الأوروبي بمدينة باليرمو الايطالية من 4 إلى 6 ماي 2011. وحاضر في المحور المخصص لموضوع «إعادة بناء شراكة قوية بحوض المتوسط : رد على الأزمة بالعالم العربي وشمال إفريقيا»، وذلك إلى جانب السادة فيكتور أوربان الوزير الأول الهنغاري ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وسيلفيو برلوسكوني رئيس الحكومة الإيطالية، وكذا لورونس غونزي الوزير الأول المالطي. فيمايلي نص المحاضرة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي الوزراء الأولين ؛
صاحب المعالي رئيس البرلمان الأوروبي ؛
صاحب المعالي رئيس الحزب الشعبي الأوروبي ؛
حضرات السيدات والسادة ؛
أود أن أعبر عن تقديري الكبير لهذه المبادرة المحمودة والملائمة للحزب الشعبي الأوروبي بتنظيم هذه التظاهرة الهامة حول مستقبل العلاقات الأورومتوسطية، في ظرف تعرف فيه منطقتنا بالفعل، تحولات عميقة منذ بداية هذه السنة.
واسمحوا لي في هذا الصدد، أن أعرب لكم عن خالص الشكر لتفضلكم بدعوة بلدي، المملكة المغربية، للمشاركة في هذا التأمل، والمساهمة في النقاش انطلاقا من أفقه الخاص؛ هذا الأفق الذي مزج باستمرار، وبنفس الاهتمام والالتزام، تضامنا قويا بين البلدان العربية، وانفتاحا واثقا نحو الاتحاد الأوروبي، وقناعة أورو متوسطية راسخة.
وباختيار مدينة باليرمو الجميلة لالتئامنا في هذه المناسبة، فإنكم تعبرون عن تقديركم لهذه الهوية المتوسطية المتفردة، التي استطاعت على الدوام، المزج بين عدة روافد ثقافية وإنسانية، والتوفق بتألق، في تجميع هذا التنوع الرائع الذي يميز فضاءنا المشترك.
إن الحركات الكبرى التي تشهدها البلدان العربية منذ بداية هذه السنة، تحمل آمالا عريضة في مُواطن متجدد، وتطلع ديمقراطي، وانفتاح اقتصادي وتنمية بشرية.
وأبعد من الخصوصيات التي تميز كل بلد، فإن هذه التطورات التي كانت وراءها قيم الديمقراطية، وإنعاش حقوق الإنسان، تؤكد أن المجتمعات العربية هي كذلك في حاجة إلى انفتاح اقتصادي بقدر ما هي في حاجة إلى ديمقراطية سياسية.
وهذه القفزة الرائعة التي تعيشها منطقتنا يتعين دعمها ومساعدتها وتشجيعها بمقاربة تشاركية أكثر تبصراً، وأكثر طموحاً، وأكثر تضامناً.
وفي هذا السياق، فإن المواضيع المقترح علينا مناقشتها بمناسبة هذه الأيام الدراسية تعكس امتداد الأجندة الأورومتوسطية وحجم الرهان الإقليمي. وهي تشهد كذلك على الطاقة الكبرى التي تختزنها هذه الشراكة.
وإعطاء أجوبة واضحة وواقعية من شأنه تحويل التحديات إلى فرص، ورسم الطريق من أجل حكامة أورومتوسطية متجددة، وإطلاق دينامية شراكة مثلى.
لكن هذا الطموح الذي نرغب فيه، لايمكن تحقيقه دون إحلال مناخ للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وهذا المناخ يبقى رهينا بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية التي لايرى المغرب أي بديل لها إلا بإحداث دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتتمتع بالسيادة على مجموع أراضيها بالضفة الغربية وغزة ، بعاصمتها القدس .
والانطلاقة الحقيقية للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية تمر بالضرورة عبر احترام مبادئ الشرعية الدولية، ومقررات مجلس الأمن، والمبادرة العربية للسلام.
وفي هذا الصدد، أذكر بجهود المغرب من أجل الحفاظ على النظام القانوني للقدس وأماكنها المقدسة، لاسيما المسجد الأقصى.
كما أن حوض المتوسط مطالب بتنمية تعاون مدعم على الصعيد الإقليمي، لاسيما على مستوى اتحاد المغرب العربي.
وفي هذا الصدد، يجدد المغرب التزامه بانطلاقة صادقة وجادة للبناء المغاربي ولبناء مستقبل مشترك يرتكز على احترام السيادة والوحدة الترابية للدول، وعلى حسن الجوار. وهو يدعو الأطراف الأخرى للاستجابة لنداءات مجلس الأمن وللالتزام لصالح تسوية سياسية للنزاع المفتعل المتعلق بوحدته الترابية على أساس حكم ذاتي موسع لجهة الصحراء .
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
إن الفضاء الأورومتوسطي قد بلغ اليوم، نسبة من الاندماج التجاري والالتقائية القانونية لدرجة أنه حان الوقت لكي نحدد هدفا أكثر طموحاً يتجاوز إرساء منطقة للتبادل الحر .
والغاية الطموحة التي نستطيع تحديدها جميعا، تتمثل في خلق فضاء اقتصادي مشترك، مستوحى من القواعد والمساطر التي تضبط الفضاء الاقتصادي الأوروبي.
وفي هذا الصدد، فإن رد الفعل الرائع الذي أبان عنه قطاع النسيج الأورومتوسطي تبعا لتفكيك الاتفاق متعدد الألياف، وإعادة تموقعه في مجالات تنافسية ينبغي أخذه كنموذج لقطاعات الأنشطة الأخرى.
كما أن النمو المطرد للمهن الجديدة كالخدمات عن بعد، تعبر عن مؤهلات التكامل بين اقتصادياتنا؛ لدرجة أن مفهوم الترحيل قد أصبح متجاوزاً بالنسبة للواقع الاقتصادي الأورومتوسطي.
ويتعلق الأمر في الواقع بإعادة الانتشار داخل نفس الفضاء الاقتصادي، وبالتآزر بين اقتصاديات تخضع لنفس القواعد والمعايير وتتنامى في نفس المحيط القانوني.
فعبر اتباع إجراء كهذا سنعطي دينامية لتدفقات الاستثمار وتنمية التكاملات بين اقتصادياتنا، أخذاً في الاعتبار البعد التنموي، وإلا فإن الغاية من التحرير التجاري لمبادلاتنا، لاسيما الفلاحية منها، قد تعترضه عقبات في الأمد المتوسط.
وبصفة عامة، فإن هدف إقامة حوض المتوسط كقطب تنافسي وجذاب، يمر كذلك عبر إدخال ملائم لاقتصاديات الضفة الجنوبية في استراتيجية لشبونة، وتصور متوسطي بديل للسياسة الفلاحية المشتركة، والعمل، حالة بحالة، على توسيع بعض السياسات القطاعية المشتركة المعمول بها في إطار البحث التنموي واقتصاد المعرفة، وإعداد أنشطة متشاور بشأنها في مجال الطاقة، وإطلاق مشاريع جهوية في مجال النقل والتنمية المستديمة.
وفي نفس السياق، فإن المعطى البيئي، فضلا عن جوانبه الإنسانية، يجب أن يؤخذ في امتداداته الاقتصادية والديمغرافية، بل وحتى الأمنية. ذلك أن المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية أمر واقع، وتداعياتها أصبحت مؤثرة في مردودية فلاحتنا، وفي الحركات البشرية، وفي الأداءات الاقتصادية بصفة شمولية.
وأكثر من ذلك، فإن التغيرات المناخية تبرز ظاهرة الهجرة البيئية الوافدة من جهات أخرى من العالم. ويعتقد أن عدد المهاجرين «البيئيين» قد يصل، عبر العالم، إلى 50 مليون سنة 2015، وقد يناهز 200 مليون سنة 2050.
وإن مشروع تطهير المتوسط سيمكننا من التنمية بكيفية بيئية قابلة للاستمرار، ومن تقليص الضغوطات المفروضة على الموارد الطبيعية.
ذلك أن التعمير السريع، لاسيما في المناطق الساحلية، والزيادة القوية المرتقبة للسياحة، تتطلبان أعمالا حازمة وآليات تدبير تشاوري وتضامني للمعطى البيئي في حضيرة الفضاء الأورومتوسطي.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
فيما يتعلق بالبعد البشري، يتعين علينا أن نعالج معطى الهجرة وفق مقاربة تشرك، على قدم المساواة، بلدان الأصل، والعبور، والاتجاه، وترتكز على المسؤولية المتقاسمة والتضامن والتنمية المشتركة.
والغاية هي تصور سياسة للهجرة تستهدف في نفس الوقت، دعم النمو الاقتصادي وتصحيح الفوارق الديمغرافية. وينبغي أن تدخل هذه السياسة لزوماً مراقبة الحدود ومحاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر.
فبهذه الوسيلة سيمكننا إفشال ردود انقباض الهوية أوالانغلاق الطائفي، وتمكين الهجرة في النهاية، من بناء جسور بين الثقافات وتجميع رأسمال بشري مفيد للجميع.
وفيما يخص البعد الثقافي بالذات، فإن عملنا الجماعي ينبغي في نفس الوقت، أن يستجيب لحاجة التربية وتحرر الفرد، وأن يعكس ضرورة مناهضة عدم التسامح وإنعاش احترام المعتقدات.
وفي هذا الصدد، فالرهان هو معرفة تدبير تعددية الانتماء الثقافي، بمساعدة سكاننا المهاجرين على إيجاد توازن للهوية، بإدماج أبعاد جديدة للجذور الأصلية للمهاجر، وهذا ما يعني بناء نظام ثقافي يجمع في نفس الوقت، الخصوصية والكونية.
وفي عالم يتسم ببروز قدرات علمية وتكنولوجية جديدة، فإن إقامة فضاء أورومتوسطي للبحث أمر أساسي لإنعاش اقتصاد الإبداع.
إن استثمار الرأسمال البشري الذي يعد أساس التنمية، لابد أن يمر عبر سياسات تربوية ناجعة وتعليم عال ذي جودة.
وفي هذا الصدد، فإن المغرب عازم على بلورة مشروع جامعة أورومتوسطية بفاس، كموجه لحركية الطلبة والباحثين والأفكار. وعلينا موازاة لذلك، إنعاش توأمات افتراضية بين مدارسنا وثانوياتنا، لتمكين شبابنا وفتياننا من تقاسم المعرفة والانفتاح على الثقافات الأخرى.
كما أن التكوين المهني يشكل رهانا رئيسيا لتنافسية اقتصادياتنا. وهكذا فإن نظاماً لاحتضان أنظمة الدراسات بشعبه من لدن منظمات مهنية يجد كل جدواه. فهو سيمكن من تنمية الكفاءات على الصعيد المحلي، وتوقع الحاجات المستقبلية والانتظارات في مجال تركيز وإعادة انتشار وإنعاش الهجرات المؤهلة.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
إن الأفق الإستراتيجي للمملكة المغربية على الصعيد الجهوي لينسجم كليا مع طموح نظام الوضع المتقدم الذي يرى فيه المغرب عاملا للإسراع بالدينامية الإصلاحية التي انخرط فيها بإصرار.
لقد شرعت بلادي منذ أكثر من عقد، في ورش واسع لتحولات كبرى، وانفتاح سياسي هام، وتنمية اقتصادية متواصلة، وتقدم اجتماعي ملموس. والانشغال الدائم بالتوفيق بين الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والتطورات السياسية والديمقراطية من جهة أخرى، هو ما مكن المغرب من الحصول من الاتحاد الأوروبي، على نظام الوضع المتقدم، وهو اعتراف واقعي بالتقدم المنجز في السابق، ورهان حقيقي لتعميقه في المستقبل.
وكل ما يقوم به المغرب تجاه الاتحاد الأوروبي، ومبادرات المجموعة الأوروبية التي ينخرط فيها، تجد جذورها في نفس الرؤية الإستراتيجية ونفس المسعى الإرادي؛ أي بلوغ القرب الأمثل من الاتحاد الأوروبي.
وهذا الموقف هو الذي أوحى بنظام الوضع المتقدم، والذي غايته الأساسية هي بناء فضاء للقيم المشتركة في مجال الديمقراطية والحكامة الجيدة وحقوق الإنسان، وتشييد فضاء اقتصادي مشترك سيمكن المغرب من استيحاء مكتسبات المجموعة لبناء اقتصاد منفتح ومتضامن.
وتجربة التوأمة بين المؤسسات التي يعتبر المغرب المستفيد الرئيسي منها، ب 44 عملية لحد الآن، تشهد بوثوق هذا المسعى الذي يتمثل في الاستفادة تدريجيا من مكتسبات المجموعة الأوروبية، في وضعية مماثلة لبلد مرشح.
وبفضل هذه التوأمات، تمكن المغرب من إرساء قواعد الحكامة الجيدة، وتدبير انتقاله الاقتصادي، وتحسين مؤشراته الاجتماعية. وهناك قطاعات أخرى ستكون موضوع تراصف مع مكتسبات المجموعة الأوروبية.
وستتبع قطاعات أخرى تدريجيا نفس المسار، بكيفية يصبح المغرب معها في النهاية، البلد غير المنخرط الذي استفاد من أكثر مكتسبات المجموعة الأوروبية.
ويستهدف هذا التقارب إنعاش توازن بين أبعاد الحكامة الجيدة ودولة القانون، والتنافسية الاقتصادية، والبعد الإنساني، وهي مجالات التعاون التي يعمل المغرب على تحديدها مع المجلس الأوروبي، والتي ستعبأ خبرتها لتطبيق الإصلاحات في مجال القضاء، ومقاربة النوع، والعدالة الانتخابية، والسمعي البصري، والديمقراطية المحلية والجهوية، وتمويل الأحزاب السياسية.
وبالنظر إلى كل هذه التطورات والإنجازات، يأمل المغرب في أن تغتني شراكته مع الاتحاد الأوروبي وتتعزز أكثر فأكثر، بما يسمح بمواكبته في مشروع مجتمع منفتح ديمقراطي ومتضامن، والذي هو بصدد بنائه، وبدعم الأوراش المتعددة المرتبطة بالحكامة العمومية التي فتحتها بلادنا.
وعلى الصعيد المؤسسي، فإن بناء دولة القانون يتواصل بتحكم وحزم. وهكذا فقد تم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي. كما تم توسيع صلاحيات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة. وتم على الخصوص، تقوية مؤسسة الوسيط، وكذا المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان. ودخل إصلاح قطاع العدل في مرحلة عملية. والغاية من كل ذلك هو أن يتبنى المغرب أعلى معايير الديمقراطية، والحكامة الجيدة، وإنعاش حقوق الإنسان.
معالي الرئيس ؛
أصحاب المعالي؛
حضرات السيدات والسادة ؛
ولتكريس هذه الرؤية بصورة أكبر، فقد قرر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 9 مارس الأخير، مراجعة عميقة للدستور سيواكبها تنظيم ترابي جديد للدولة، بجهات ذات اختصاصات وصلاحيات جد واسعة.
وتتجلى هذه المراجعة الدستورية الجريئة فيما يلي:
تكريس الطابع التعددي للهوية المغربية وفي صلبها الأمازيغية؛
ترسيخ دولة القانون والحريات واحترام حقوق الإنسان في كل أبعادها؛
ضمان سيادة القانون واستقلالية القضاء؛
توطيد فصل السلط وتوازنها، لاسيما من خلال تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس فعلي لسلطة تنفيذية؛
تعزيز دور الأحزاب السياسية في إطار تعددية فعلية؛
وأخيراً، تقوية آليات تخليق الحياة العامة والهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة.
وفي الميدان الاقتصادي، فقد عمل المغرب على تسريع تحسين حكامة السياسات العمومية، وتقوية تنافسيته، وأطلق العديد من الإستراتيجيات القطاعية. وفي هذا الاتجاه، يواصل تنفيذ مخطط الإقلاع الصناعي الذي انطلق سنة 2009، والمخطط الرقمي 2013، بغية تموقع المغرب كقطب للتكنولوجيا والخدمات عن بعد.
وفي المجال الفلاحي، تم وضع مخطط المغرب الأخضر الذي يستهدف تحسين التنافسية الفلاحية، ورفع قيمة الصادرات، وإنعاش الفلاحة التضامنية. كما حدد مخطط تنمية قطاع الصيد «هاليوتيس» من جهته كهدف، تحديث النشاط البحري لجعله في مستوى المعايير الدولية في هذا المجال.
وعلى صعيد التجهيزات الأساسية، عمل المغرب على تسريع تقوية البنيات التحتية لمختلف أشكال النقل الطرقي والبحري والسككي والجوي. وترمي استراتيجية الطاقة، خاصة منها الشمسية، التي تبناها المغرب في إطار استراتيجيته للتنمية المستديمة، إلى التوصل سنة 2020، إلى قدرة إنتاجية ل 2.000 ميكاواط. وهو مشروع يستهدف تقليص التبعية الطاقية للبلاد.
وبصورة عامة، جعل المغرب من تحسين حكامته الاقتصادية خياراً استراتيجياً يروم بناء اقتصاد متين، قادر على مواجهة اقتصاد تنافسي أكثر فأكثر. وكل هذه الإصلاحات تباشر بدعم من الهيئات الدولية، خاصة الاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
وبالنسبة للمرحلة المقبلة، سيكون من الضروري الحفاظ على مكتسبات السياسة الأوروبية للجوار، لاسيما ازدواجيتها المتمثلة في الوحدة والتباين، في نفس الوقت الذي ننمي فيه تفاعلا وتآزراً أكثر بين مكونيه، السياسي والاقتصادي، بكيفية تعطي فعالية وتأثيراً أكبر.
وفي الختام، فإن المغرب مقتنع، بتصور حكامة إقليمية متجددة، بأن حوض المتوسط سيقترح رؤية جديدة للعولمة ؛ رؤية تعطي الامتياز لقيم التقنين الإقليمي، وفضائل القرب الجغرافي، وتعرف على الخصوص، كيف تجعل الإنسان في صلب مخططات الشراكة والتعاون.
والتزامنا ببلورة هذه المبادرة الجديدة لا يعادله إلا قناعتنا بأن مستقبل المتوسط وقدر شعوبنا وتفتحها تمر عبر انتشار طفرة جديدة للتضامن والشراكة بين ضفتي المتوسط.
شكراً لحسن إصغائكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.