على الرغم من مضي أسبوع كامل على تشكيلها تواجه الحكومة الانتقالية التونسية أسبوعا حاسما بالنسبة لاستمرارها واستقرارها أو البحث عن حكومة بديلة لها. فمع دخول نقابة هيئات المدرسين والأساتذة, ابتداء من أمس الاثنين, في إضراب عام مفتوح بقطاع التعليم, تزداد الضغوط على حكومة "الوحدة الوطنية", التي شكلها الوزير الأول محمد الغنوشي, غداة تنحي الرئيس السابق, زين العابدين بن علي, وتولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رئاسة البلاد مؤقتا, في انتظار انتخابات جديدة. كما أن الشارع التونسي وجزءا هامة من الطبقة السياسية والهيئات النقابية, مازالت تطالب ب"إسقاط" هذه الحكومة وإبعاد كل الوجوه المحسوبة على النظام السابق. وقد بلغ ضغط الشارع أوجه أول أمس الأحد وصباح أمس باعتصام متواصل لحشود كبيرة من المتظاهرين أغلبهم قدم من عدة مدن تونسية أمام مقر الحكومة بحي القصبة وسط العاصمة حيث قضوا الليل متحدين حالة الطوارئ ومنع التجول وقسوة البرد القارس. ويرفع المتظاهرون وضمنهم أعداد كبيرة من الشباب وممثلو الأحزاب السياسية والهيئات النقابية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية شعارات تطالب برحيل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة "إنقاذ وطني" تضم كافة الحساسيات السياسية في البلاد وإبعاد جميع الوزراء الذين عملوا في ظل العهد السابق وحل الحزب الحاكم سابقا (التجمع الدستوري الديمقراطي). ومما يزيد الوضع توترا انقسم المشهد السياسي التونسي بين مؤيد للحكومة الحالية باعتبارها حكومة انتقالية تضم عددا من أقطاب المعارضة التي كانت تعرف في السابق ب"الراديكالية"، ولكون مهمتها تنحصر فقط في تدبير شؤون البلاد لفترة لا تتجاوز 6 أشهر تنتهي بإجراء انتخابات جديدة وبين معارض لها يصر على تشكيل حكومة جديدة تتكون من جميع القوى السياسية مع استثناء كل من له علاقة بالنظام السابق. وتصطف في خندق المناهضين للحكومة العديد من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد، الذي رفض عرض الغنوشي المشاركة في التشكيلة الحكومية بثلاث حقائب وزارية مشترطا إبعاد جميع الوجوه المحسوبة على النظام السابق والقطيعة النهائية مع عهد بن علي والحزب الحاكم سابقا. وكان الغنوشي الذي أعلن عن استقالته من الحزب الدستوري الديمقراطي إلى جانب وزراء منتمين لهذه الهيئة قد أكد أنه احتفظ بهؤلاء في الحكومة الحالية نظرا لكفاءتهم ولكون "أيديهم نظيفة" وكانوا على الدوام يتصرفون "حفاظا على المصلحة الوطنية".