أحيى أخيرا المركز الثقافي المصري بالرباط "مثمر"، الذكرى ال36 لرحيل الموسيقار فريد الأطرش، و استحضر بذلك واحدا من أبرز المبدعين الذين بصموا الأغنية العربية خلال القرن الماضي، وأسسوا لبناتها الأولى من خلال أعمال تفتقت ألحانا خالدة شنفت ولا تزال أسماع الملايين من عشاق نبرات العود. لا يمكن الحديث عن فريد الأطرش، الذي طبعت ألحانه نغمة من الحزن والشجن عبرت عن ذاتيته وعن مكنوناتها موسيقيا، دون الإشارة إلى علاقته مع آلة العود ، سلطان الآلات، التي انسابت على أوتارها ألحان، أداها بصوته الشجي تارة ، وأخرى بأصوات أطربت كما أطرب. وكان من نتائج علاقته بالعود روائع فنية من قبيل " جميل جمال " و "يا غايبين" و "حبيب العمر" و خدي قلبي" و"أول همسة" و" تعيش أنت " و" زمان الحب " وعهد الهوى" و "لحن الخلود" ... وفي حق فريد، قال مدير المركز الثقافي المصري بالرباط السيد محمد فتحي عفيفي، إنه الفنان الذي "أبدع الجمال وأدى بإتقان فأثرى الوجدان وشنف الآذان بنغمات الحالمين وآهات الأنين وترانيم الحنين فصارت ألحانه وأغانيه من " أول همسة" كنسمات الهواء..." وتميزت ألحان وأغاني فريد الأطرش بحملها لنبرات الحزن والشجن، إلا أن عواطف الحزن والشجن ، يضيف السيد عفيفي، تحولت على رنين حنجرته الذهبية وأوتار عوده إلى ضرورة حتمية للولوج إلى عوالم السعادة... والاحتفال بذكرى فريد الأطرش "تأصيل لقيمة الاعتراف والوفاء"، يقول السيد عفيفي، لأحد الموسيقيين الذين "رسموا ملامح السحر والجمال على وجه الفن المشرق في الثقافة العربية". ولفريد الأطرش ، بالإضافة إلى الغناء والعزف ، واجهة أخرى كان يطل بها على عشاق ألحانه وهي السينما الغنائية بمساهمته مطربا وملحنا ومنتجا وممثلا، في عدد مهم من الأفلام ك " الحب الذي لايموت" و "منتهى الفرح". وغنى الأطرش لعدد كبير من شعراء عصره منهم أحمد بدرخان وأحمد رامي والأخطل الصغير وبيرم التونسي وصالح جودت وكامل ومأمون الشناوي. كما تغنى بألحانه أشهر الفنانين العرب كشقيقته أسمهان وشادية وفايزة أحمد ووردة ووديع الصافي وفهد بلان... يشار إلى أن احتفال المركز الثقافي المصري بالرباط تزامن مع تنظيم هذا الأخير لرواق يضم معرضا دائما للمشهد الثقافي المصري والمقتنيات التي تعبر عن أصول الحضارة المصرية القديمة والحديثة، منها مستنسخات نحاسية وحجرية وخشبية، ومنحوتات على السيراميك والفسيفساء إلى جانب الكتابات القرآنية ترمز الى تعاقب الحضارات القديمة على حكم مصر. وبالمناسبة اتحفت فرقة "صونار" الغنائية الجمهور الحاضر بمقطوعات من الريبرتوار الثري للموسيقار فريد الاطرش. يذكر أن فريد الأطرش ( أكتوبر 1910 - دجنبر 1974) بدأ الغناء وعمره لم يتجاوز الخامسة عشرة، أما مسيرة الاحتراف فبدأت مع شقيقته أسمهان بصالة ماري منصور، ومن هناك ظهر نجمهما فغنى فريد لأشهر شعراء عصره.