انطلقت حكومة فرانسوا فيون 2 في شهر حزيران /يونيو 2007 بعد الإنتخابات التشريعية على إثر انتخاب الرئيس ساركوزي رئيسا للجمهورية على أساس من الإنفتاح والتنوع، وجاءت حكومة فرانسوا فيون الثالثة منذ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر على ما يبدو على أساس من الإنغلاق والإنعزال ، والإقتصار أو يكاد على حزب الرئيس ، فقد غاب عنها الإشتراكي كوشنير من الخارجية والوسطيون بورلو من المحيط ومورين من الدفاع ، إلا أن ما يهم هنا هو فقدانها لصبغة التنوع التي كانت سمتها منذ ثلاث سنوات أو تزيد. ففي التشكيلة التي أعقبت انتخابات تشريعية فاز فيها حزب الديغوليين بزعامة الرئيس ساركوزي ، تواجدت ثلاث سيدات من أصل مغاربي أو إفريقي ثلاثتهن منحدرات من أصل مسلم. رشيدة داتي وهي ابنة مهاجر مغربي كان بناء ، أسندت إليها وزارة العدل والتي تعتبر واحدة من عدد محدود من الوزارات ذات الصبغة السيادية، وتكفلت بالقيام بالإصلاحات الميدانية وفي الأصل التي تضمنها المشروع الإنتخابي الرئاسي في سنة 2007 ، وككل إصلاح مرفوض في فرنسا العصية على التغيير، فقد نال ذلك من شعبيتها، وما إن أدت الدور المناط بعهدتها حتى تم شكرها أي إقالتها وإحالتها على البرلمان الأوروبي ومنذ سنة 2009. أما فضيلة عمارة المرأة الجريئة والمنحدرة من المجتمع المدني ذات الأصول الجزائرية المهاجرة ، فقد نالت كتابة دولة مهتمة بالحياة الجمعياتية، غير أنها واجهت عصيا في الدواليب منعتها من أداء مهمتها ، ولم يكن رئيس الحكومة فرانسوا فيون إلى جانبها بل اتهمته بعرقلة مساعيها. الثالثة راما ياد وهي من أصل سينغالي ، فقد تمت توليتها إشكالية حقوق الإنسان في إطار كتابة دولة في وزارة الخارجية ، وكثيرا ما أحرجت وزيرها كوشنير ورئيس الحكومة فيون وحتى الرئيس بمواقفها التي قيل إنها لا تجترها قبل أن تلقيها في صراحة جارحة. وإذ بلغ السيل الزبى فقد نقلت بمهامها الوزارية إلى وزارة الرياضة، إلا أنها بقيت على حالها من تلك الصراحة الجارحة، واعتمدت مدونتها للقيام بالإدلاء بمواقفها التي كثيرا ما كانت تتعارض مع التوجهات الحكومية. هذا الثالوث من السيدات جمعت بينهن لهجة صريحة جدا قيل إنها لا تتفق مع ضرورة تحفظ أعضاء الحكومة، و كذلك انحدارهن من أصول مسلمة سواء مغربية أو جزائرية أو سينغالية. وبخروجهن أو على الأصح إخراجهن من حكومة فرانسوا فيون الثالثة فإنها أي تلك الحكومة - فقدت صفة التنوع ، المعلنة في إطار حملة دعائية كبيرة لنيل أصوات المهاجرين الذين يمثلون ثقلا في فرنسا حيث يبلغ عددهم حوالي 6 ملايين أي 10 في المائة من السكان. وإذ دخلت الحكومة الجديدة كاتبة دولة من أصول مغاربية وهي جانيت بوغراب ، فإنها أبعد ما تكون عن تمثيل المغاربيين أو الأفارقة، فهي لا تشعر أنها منهم ، وهم لا يعتبرونها منهم وبالتالي ولى وانقضى عهد التنوع الذي بشر به الرئيس ساركوزي في أول ولايته الرئاسية قبل ثلاث سنوات ونيف. *كاتب صحفي رئيس التحرير السابق لصحيفة الصباح التونسية [email protected]