من باب الحقيقة ينبغي القول إنه لا يعقل أن تظل الدارالبيضاء تنتظر ثلاث أو أربع سنوات لينطلق الترامواي، فهذا الأخير وإن وُجد فإنه سيخفف من أزمة النقل وسوف لن يحلها. فمشهد النقل المتأزم بالبيضاء سوريالي وعناوينه تدل عليه: خصاص كبير من حيث وسائل النقل إذا تعلق الأمر بالحافلات أو الطاكسيات أمام تكدس الجموع البشرية في الصباح ووقت الزوال وفي المساء أمام المحطات وفي الشوارع، حمولة زائدة بشكل خطير تخرق قانون مدونة السير وتحط من الكرامة البشرية فالطاكسيات تحمل ستة أشخاص إضافة الى السائق في الوقت الذي يجب أن لا يتجاوز العدد أربعة اضافة إلى السائق أما الحافلات فإنها تضاعف حمولتها ثلاثة مرات مما يجعل المواطن واقفا وبدون أوكسجين،، ورغم ذلك فالعديد من المواطنين لا يجدون وسيلة للنقل مما يجعلهم يصلون إلى مقرات عملهم ومساكنهم متأخرين وفي حالة إنهاك. أما البنيات التحتية للنقل وشبكة المواصلات فإنها تعرف تخلفا كبيرا بالنظر إلى حجم النمو الديمغرافي للساكنة وعدد السيارات والآليات المتنامية سنة بعد سنة، دون الحديث عن رداءة الطرق وغياب علامات التشوير اللازمة؛ فشل التدبير المفوض للنقل الحضري العمومي وتحول شركة مدينابيس إلى شركة لابتزاز المواطنين وعلى حساب ضياع خزينة الدولة وخزينة الجماعة في الأموال المستحقة التي تذهب إلى جيوب البعض والتي تبتلع أيضا أموالا من ميزانية الجماعة ولا أدل على ذلك من عدم توصل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمستحقاته التي تخص المتقاعدين والتي تم الإعلان في السابق عن تحويل عدة أموال قبل وأثناء وبعد مجيء صندوق الإيداع والتدبير كمساهم في الشركة، كما يدل على ذلك إقالة المدير العام للشركة لأسباب مشبوهة. إن حل أزمة النقل الحضري مرتبط بحل مشاكل تنمية الدارالبيضاء ومرتبط بنوعية الحكامة الجيدة التي لا علاقة لها بالابتزاز . فحل أزمة النقل يحتاج إلى الإسراع بوضع تصور مندمج لتدبير واستغلال وسائل النقل الحضري في إطار الليبيرالية الاقتصادية وتكافؤ الفرص وفي إطار حكامة محلية تلتزم بإعادة النظر في نظام منح واستغلال رخص النقل بواسطة الحافلات والحافلات الصغيرة والطاكسيات وإسناده لشركات مهنية منظمة بناء على دفتر تحملات يراعي حسن الخدمة وسلامة المواطنين والمحافظة على البيئة مع وضع نظام للأثمان غير قابل للتلاعب، وإذاك يمكن أن نتوفر على تكامل في وسائل النقل (تراموي خطوط سكك حديدية حضرية، حافلات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، طاكسيات كبيرة وصغيرة، الكوتشيات..) إن من شأن ذلك أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد كما يقول المثل ضمان موارد مالية قارة لخزينة الدولة وخزينة الجماعة؛ إحداث مناصب شغل هامة للشباب وحاملي الشهادات وللمواطنين بشكل عام؛ المساهمة في تنمية الدارالبيضاء والتنمية البشرية والتنمية الاقتصادية؛ لكن وقبل ذلك ينبغي على السلطات العمومية بالعاصمة الاقتصادية فرض تطبيق مدونة السير على الحافلات أولا باحترام دفتر التحملات فيما يتعلق بحالتها المهترئة واحترامها للحمولة ليست حمولة البضائع وإنما الحد القانوني للركاب الجالسين والواقفين.