تظل الأعمال الجيدة، التي تقدمها التلفزة المغربية بقناتيها ، عالقة بالأذهان، ولو مر عليها بعض الوقت إما لجودتها أو لقيمتها الموضوعاتية خاصة التي يشعر المشاهدون قربها من مشاكله اليومية، وترصد ظروف المعيش اليومي، بشتى مناحيه. ولكن ستتفق معي الأغلبية ممن تابعت الانتاجات الدرامية، أو البرامج المخصصة لشهر رمضان، ان تلك الأعمال بكل ألوانها وأسمائها لم تترك أثرا لدى المشاهد المغربي، ولم يعد أحد يتحدث عنها، أو يشير إلى بعض منها، وحتى الاعلام لم يتطرق إلى مجملها وكأنه كان ينتظر طلعة العيد السعيد ليخلصهم منها. وقد حصل شبه إجماع على أن ما تم تقديمه من اجتهادات »بين قوسين« لم تكن بالمرة موفقة ولم ترض شريحة عريضة من المتتبعين، رغم ما تم رصده من أموال ضخمة من المال العام الذي يقتطع من أرزاق المواطنين، وما أصبحت هذه الأعمال ما تكلفه من أموال طائلة تفوق مئات الملايين، ولا من محاسب ولا رقيب. قد تكون هناك لجان تفحص النصوص وتختار أعمالا إما لا تحسن الاختيار أو تخضع لمنطق الزبونية والمحسوبية ولا داعي لإضافة مصطلحات أخرى.. والحصيلة التي لمسها الجمهور كانت دون المستوى فقط الشيء الذي لمسناه هو ذلك اللهاث المحموم نحو الظفر بحيز بعد الإفطار، الذي يعتبرونه وقت الذروة. والنظرية هذه ليست صحيحة بالمرة، فبعد الافطار، يتقاطر المواطنون على بيوت الله، ويتركون الجمل بما حمل، وهناك من كان بعد التراويح يفضل ارتياد المقاهي للقاء الأصدقاء. لأن لا شيء يشده إلى القناتين. ولست أدرى كيف تأتى لقناة ان تقبل برنامجا مخيفا ومملا من قبيل »عاين باين« الذي لقي استياء واضحا، وكذلك مهزلة »كافي تى في« ماذا كان يناقش؟ وماذا كان يعالج؟ علم ذلك عند من خصصوا له حيزاً لإزجاج النظارة. وبالنسبة لسلسلة ياك حنا جيران، يمكن ان نلمس تحسنا في الديكور والمشاهد وحتى نوعيه الموضوع المعالج، لكن كثرة ظهور الاستاذ المتقاعد على الشاشة وبحصص كبيرة جعلته مملا، لأن الجماهير تعودت على رؤية بنياز، فكاهيا ساخراً وله التزام أحبه من خلاله الناس،وبذلك لم يعط ذلك المسلسل أية إضافة جديدة للحسين. أما مسلسل السكير فقد كان الجهد فيه واضحا وكبيراً في الملابس والديكور والشخوص الشابة ولكنه لم يحقق رغم كل ذلك، الاستقطاب المنشود. ربما لأن البطل لم يلتزم بنصوص العمل، وكان يلعب بملامح وجهه بشكل لم يخلق تجاوبا مع الجمهور.. كذلك ما قدمه الفكاهي الجديد جواج في جار ومجرور، فقد جر معه بعض الجمهور إلى اللاشيء التفاهة، وأضاف تفاهته إلى عاين باين وكافي تي في.. وقد وصلنا في البريد الإليكتروني أراء منتقدة بشدة للعديد من الأعمال، وتطالب بمحاسبة مسؤولي الانتاج وتقديم حصيلة ذلك إلى الرأي العام، لأن هذه هي الشفافية ولو أن الأمر يتعلق بأعمال فنية.