لم يكن مارك زوكربيرج، وهو مؤسس موقع الفيس بوك، يتوقع أن موقعه البسيط الذي أنشأه سيتحول في يوم من الأيام إلى واحد من أكبر الشبكات الاجتماعية عبر الأنترنت في العالم. فالطالب الذي كان متخصصا في دراسة علوم الكومبيوتر بجامعة هارفارد بالولايات المتحدةالامريكية، أنشأ المواقع لتتم عملية التواصل بين طلبة الجامعة، غير أن الموقع إمتد ليشمل الكليات الأخرى في مدينة بوسطن وجامعة ستانفورد وغيرها من الجامعات، بعدها إنتقلت حمى الفيس بوك إلى تلاميذ الثانويات. ثم في الشرائح العمرية ليصل عدد المنخرطين إلى ملايين عبر العالم مارك زوكربيرج.. رجل أعمال صنعته الصدف ولد مارك في دوبس فيري بولاية نيويورك، إهتم منذ صغره بالبرمجة وعلوم الكومبيوتر. وبدأ البرمجة عندما كان في مرحلة الإعدادية، إنتقل إلى كاليفورنيا وقرر البقاء بها، بعدها قام بإنشاء مجموعة من البرامج كان أبرزها موقع الفيس بوك العالمي. الفيس بوك ... المثير للجدل إذا كان مارك زوكربيرج أسس موقع الفيس بوك بأغراض إجتماعية، هدفها خلق تواصل بين مختلف طلبة الكلية التي كان يدرس بها. فإنه لم يكن يتوقع في يوم من الأيام أن يكون موقعه واحدا من أشهر المواقع في العالم، وأكثرها إثارة للجدل خصوصا في الأعوام القليلة الماضية. فقد تم حظر إستعمال الموقع في العديد من الدول وذلك خلال فترات مختلفة ونذكر في هذا الإطار سوريا التي تحظر هذا الموقع لكونه يحمل أحيانا حملات معادية للنظام السوري، بالإضافة إلى ذلك هناك إيران التي تم حجب الموقع بها خصوصا عندما نشبت أزمة الإنتخابات الرئاسية في البلاد، وقيام المعارضين بتسخير الموقع لأغراضهم السياسية. الفيس بوك والسياسة... ليس مثال سوريا وإيران إلا واحدا من الأمثلة القلائل التي يزخر بها تاريخ موقع الفيس بوك العالمي. فقد تم تسخير الموقع لخدمة قضايا سياسية بالجملة منها القضية الفلسطينية التي سخر من خلالها مجموعة من الشباب والمهتمين بقضية فلسطين خدمات الفيس بوك للتنديد تارة ولفضح ممارسات الإحتلال تارة أخرى، وذلك بإنشاء مجموعات تفاعلية داخل الموقع، من أجل كسب تعاطف الشارع مع مثل هذه القضايا. بالإضافة إلى ذلك، نجد صراعا بين تيارات سياسية على الموقع، فمناهضو »توريث الحكم« وإنتقاله من حسني مبارك إلى نجله جمال مبارك في مصر أنشأوا مجموعات مناوئة لرغبات الحزب الحاكم في مصر، وآخر صفحات الصراع السياسي على الموقع هو إنشاء شباب تونسيين صفحة في الموقع تطالب بسحب الجنسية من المغني التونسي »محسن الشريف« الذي أقام حفلا ساهرا بأحد المدن الإسرائيلية، وهتف باسم رئيس وزراء »إسرائيل« بن يامين نتانياهو، وطالب الشباب والمناوؤون للتطبيع من خلال الموقع بمعاقبة المطرب التونسي وسحب الجنسية التونسية منه. الفيس بوك موقع لا يحترم الخصوصية... ودعاوى قضائية بالجملة!! مثل موضوع الخصوصية واحدا من المشاكل التي يواجهها مستعملوا ومرتادوا موقع »الفيس بوك«، وبسببه واجه الموقع المجموعة من الدعاوى القضائية ليكون بذلك الموقع الأكثر إثارة للمشاكل في العالم بأسره. كما أثيرت في أوساط المهتمين العديد من المخاوف بشأن استخدام »فيس بوك« كوسيلة للمراقبة واستخدام البيانات من طرف الأشخاص أو من طرف أجهزة الاستخبارات لتتبع بعض الأشخاص. وأوضح خبير في شؤون البرمجة على أحد القنوات العالمية أنه يمكن سرقة البيانات الشخصية الخاصة بمستخدمي »الفايس بوك« من خلال برامج مخصصة لذلك. ولاقى الموقع انتقادا من طرف العديد من المستخدمين، الشيء الذي دفع بعضهم الى حذف حساباته من الموقع وذلك حفاظا على خصوصيته التي أصبحت مهددة. وفي عام 2004 قام مجموعة من أصدقاء مارك زوكر بيرج برفع دعوى قضائية ضد الفيس بوك، حيث أكد هؤلاء أن مارك أخل بعقد شفوي كان قد أبرم بينهم، وهو ما أسموه سرقة لأفكارهم التي قدموها خلال إنشاء الموقع. ولم يقتصر الأمر على هذه الدعوى بل شملت دعاوى أخرى ضد الموقع. سياسيون وفنانون ونجوم على موقع الفيس بوك اختار مجموعة من الفنانين والسياسيين والإعلاميين والنجوم بصفة عامة الموقع للتقرب من الجماهير بصفة عامة. فتجد على صفحات الموقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي خصص موقعا للتواصل مع العالم الخارجي، بالإضافة الى ذلك هناك مجموعة من الفنانين والنجوم والإعلاميين الذين تمسكوا الفيس بوك كوسيلة ناجحة من أجل التواصل مع المعجبين بهم في كل أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك سخر مجموعة من الساسة هذا الموقع من أجل إدارة حملاتهم الإنتخابية والدخول الى كل بيت بطريقة سهلة، لكنها في غاية الأهمية. كما خُصص الموقع لخدمات اجتماعية محضة تستغلها جمعيات المجتمع المدني، وسفراء النوايا الحسنة من أجل كسب ود مرتادي شبكة وحدت الأطياف والشعوب رغم الإختلافات. إنتحال الشخصيات ... سمة بارزة من سمات فيس بوك يثير هذا الموضوع العديد من علامات الإستفهام خصوصا عندما يتعلق الأمر بانتحال شخصية مرموقة على المستوى السياسي أو الفني أو الرياضي. فبعض المنتحلين يتخذون من الموقع وسيلة إما للإبتزاز، أو التشويه أو ترويج شائعات، وكسب المال وتحريف الحقائق. مهندس كومبيوتر ينتحل شخصية مولاي رشيد. عرف المغرب واحدة من أهم القضايا التي ثارت بسبب الفيس بوك، ويتعلق الأمر بشخص انتحل شخصية مولاي رشيد، وهو مهندس يدعى فؤاد مرتضى (27 عاما)، من خريجي المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط. وأصدر الملك محمد السادس عفوا عن المهندس الذي حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات بتهمة استخدام معطيات معلوماتية مزورة وانتحال هوية أميرية. لطيفة التونسية... ضحية انتحال شخصية حذرت المطربة لطيفة التونسية محبيها وأصدقاءها من الحسابات التي توجد على موقع الفيس بوك، وهددت برفع دعاوي قضائية على الموقع بعد أن تلقت العديد من الاستفسارات من طرف محبيها حول ما إذا كانت الحسابات الموجودة على الموقع هي لها. وتحدثت لطيفة وقالت ليست مسؤولة عن تلك الصفحات وأن الأمر لا يعدو كونه عملية إنتحال شخصية ، كما حذرت كل محبيها من هؤلاء المنتحلين. أليساندرو ديل بيرو« يرفع دعوى على الفيس بوك رفع النجم الايطالي لكرة القدم أليساندرو ديل بييرو في 2009 دعوى ضد موقع الفيس بوك بسبب نشر ملف شخصي غير حقيقي يحمل إسمه ويتصل بمجموعة من المواقع ذات التوجه »النازي«. ولم يخف النجم الايطالي أساه من الحادث، مؤكدا أنه ليس عضوا في الموقع بشكل نهائي. الفيس بوك إيجابيات كثيرة لا تخلو من أخطار... رغم ما تم إيراده عن الفيس بوك، يعد الموقع الالكتروني أحد أكثر المواقع زيارة في العالم، والشبكة الإجتماعية الأولى للتعارف والتواصل بين الأصدقاء والمعارف في شتى أنحاء العالم الشيء الذي دفع البعض إلى تسميته »دولة الفيس بوك« ونظرا للعدد المهول للمشتركين. الجميل في الموقع أنه يضم مجموعات سياسية، دينية، أدبية، فنية، رياضية... تسعى الى تقريب وجهات النظر. غير أن الاستعمال غير العقلاني أحيانا يحول النعمة إلى نقمة، خصوصا عندما يتبرئ الإنسان من ضميره ومبادئه ويستغل موقعا مهما مثل هذا في أمور الشر. لذا لا ضير في استخدام الموقع شريطة استخدامه بشكل واع ومسؤول. يقول أحد الخبراء. إن من الأخطار التي يضعها موقع مثل هذا أمامنا هو مشكل مدى تناسبه مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا. واستخدام الضمير للإبتعاد عن كل ما فيه خروج عن تلك المعايير الاجتماعية التي تحدد مجتمعنا العربي المسلم، لأن أي استغلال خاطئ للموقع سيؤثر علينا بصفة مباشرة. دون أن نغفل دور الأهل الذي يبقى في مثل هذه الحالات جوهريا ومهما، فلابد من وجود رقابة لهم على أولادهم وهذا يتطلب أن يكون الأهل على إلمام وإطلاع بما يجري في عالم الكومبيوتر والأنترنت. ورغم وجود شرط جوهري على الموقع وهو أن يكون عمر المستخدم أكثر من 18 سنة. فإن الملاحظ أن هناك العديد من الأطفال الذين لم يصلوا بعد إلى ذلك السن ويستعملون الموقع، وهو ما يزكي الطرح الذي أشرنا إليه هو أن غياب رقابة توجيهية للآباء قد يحول استعمال موقع مثل الفيس بوك من نعمة إلى نقمة.