بعد سلسلة من الأعمال المسرحية الناجحة التي تركت بصماتها في ذهن المتلقي بالساحة الفنية المغربية ، كان آخرها مسرحية « سيدة المتوسط». تدخل فرقة مسرح أبينوم بمدينة شفشاون غمار تجربة إبداعية جديدة متمثلة في مسرحية « قصر البحر» لمؤلفها المسرحي الشاب محمد زيطان ، والملاحظ أن الفرقة ومنذ تأسيسها ما فتئت تستقطب إليها مجموعة من الفنانين والفنانات عبر تكريس فكرة الورشة المسرحية المنفتحة باستمرارعلى مبدعين متميزين ، عملوا على ترسيخ مساراتهم مسرحيا وإبداعيا بالساحة الفنية ببلادنا : ياسين أحجام ، أنس العاقل، ياسين الزاوي، سناء عكرود ، حنان الإبراهيمي، حميد البوكيلي ، محمد بوغلاد ، قدس جندل ، هشام شبتيت... و تنفتح مجددا على خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ، لتحتضن الممثلتين : هجر كريكع وفريدة البوعزاوي .. إضافة إلى المخرج والممثل المسرحي عادل أبو تراب. المسرحية هي أول تعامل للكاتب محمد زيطان مع المخرج أبي تراب ، بعد تعامله السابق مع كل من المخرجين حميد البوكيلي وياسين أحجام ، وعن موضوعها يقول المسرحي محمد زيطان: ( « قصر البحر».. إنه حلم ثلاث نساء يجمعهن جنون الأنوثة والرغبة والانفلات... الأم تكره ابنتها لأنها كانت ثمرة زواج مفروض بالقوة والابنة متعلقة بغريب غير مرغوب فيه يسكن البلدة ويرسم جبالها.. أما المرأة الثالثة فهي قتيلة ... لا نكاد نعرف عن ماضيها أو حاضرها أي شيء.) داخل هذا الفضاء النسائي يحضر الرجل بكل تلويناته ، نراه في جل المسرحية مرتبطا بالواقع عاكسا أطماعه ومصالحه .. إنه تارة لص ، وتارة أخرى جندي .. ومرة ثالثة مناضل صدمه واقع مابعد الاستقلال .. أو كناوي محذوب يهيم على وجهه قاطعا الشعاب والقرى ، عابرا المدن القريبة والبعيدة لتتعلق به النساء فيكون قدرهن الحلم بقصر البحر. إنه عمل يستوحي عبر انعطافات درامية متعاقبة ، مرحلة الستينيات ويلامس ثنائية المدينة/ القرية بوقوفه على أشكال التناقض والتناغم الذي تفرضه طبيعة كل عالم على حدة. لكن بتعمق أكثر داخل أنماط التفكير ورمزية السلوك المرتبط بحركية المدينة وإغراءاتها وحكاياتها وأيضا بالقرية عن طريق كشف خباياها واستنطاق ما خلف صمتها وهدوئها من عشق مجنون وكراهية وخبث وأمل...