حقق الحزب الشعبي المعارض تقدما كبيرا في الانتخابات المحلية التي عرفتها إسبانيا أول أمس الأحد أمام منافسه الأول الحزب الاشتراكي العمالي الذي يقوده السيد بيدرو سانشيز. فبالإضافة إلى تعزيز مكانته في الجهات التي كان يحكمها مثل جهة مدريد، استعاد الحزب الشعبي ست جهات من أصل عشر كان يحمكها الحزب الاشتراكي العمالي. ورغم هذا التقدم اللافت للحزب الشعبي، إلا أن عدم حصوله على الأغلبية المطلقة في عدد من الجهات يحتم عليه التحالف مع أحزاب أخرى من أجل تسيير هذه الجهات. ويعتبر حزب فوكس اليميني المتطرف أقرب التشكيلات السياسية مذهبيا وإيديولوجيا لقبول التحالف مع الحزب الشعبي، وهكذا فإن الحزب الشعبي سيكون في حاجة إلى التحالف في كل من فالنسيا، وجزر الباليار، وإيكستريمادورا، وأراغونيا، هذا فيما احتفظ الحزب الاشتراكي فقط بجهات غاسيا باجي ، وباربون ، وشيفيت. وأفادت نتائج هذه الانتخابات أن الحزب الاشتراكي العمالي خسر خلالها 400ألف ناخب ، وهو رقم مهم جعل السيد سانشيز يجمع مناضلي حزبه للحديث عن الموضوع، وتقييم الوضع تحسبا للانتخابات التشريعية العامة المقبلة التي تعتبر هذه الجهويات في الحقيقة اختبارا حقيقيا لها في ظل عدم حدوث مفآجات، خاصة وأن الحزب الحاكم يبقى خلال هذه المدة موضعا للانتقادات التي تحسن من وضع خصمه وتزيد من تراجعه. وقد تميزت انتخابات الأحد الماضي بتراجع نسبة المشاركة عن سابقتها لسنة 2019 ، بنقطة واحدة ، حيث سجلت نسبة مشاركة وصلت63.91 مقابل 2. 65 سنة 2019. وتشد الانتخابات الإسبانية اهتمام الرأي العام المغربي نظرا للمعادلة التي تمثلها العلاقات بين البلدين في السياسة الداخلية والخارجية الإسبانية، حيث أن موضوع العلاقات مع المغرب كان موضوعا رئيسيا في الحملة الانتخابية لكل الأحزاب الإسبانية ، وفي قضايا متعددة أهمها قضية الصحراء المغربية وما تمثله لدى الأحزاب الإسبانية، وقضية سبتة ومليلية المحتلين، ومسألة ترسيم الحدود البحرية وإدارة المجال الجوي للأقاليم الجنوبية وقضايا الهجرة والقضايا الأمنية، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وانطلاقا من هذه المؤشرات، فإنه يمكن التكهن بأن جزءا من الضغط الذي يمثله التعاطف مع البوليساريو سيقل على مستوى الجهات، حيث أن البوليساريو كانت تستفيد من دعم الجهات التي كانت تديرها بعض الأحزاب اليسارية بما فيها الحزب الاشتراكي العمالي، لكن البوليساريو لا يحظى بكبير اهتمام لدى الأحزاب اليمينية، وستبقى نقط قوته في الجهات ذات الحكم الذاتي وذات التوجه القومي مثل كاطالونيا وإقليم الباسك، حيث لا تفوز فيها الأحزاب اليمينية. وفي هذا الوقت، سيزداد الضغط في العلاقات بين المغرب وإسبانيا بعد الانتخابات التشريعية ، إذا فاز بها اليمين على ملفات الحدود ، وسبتة ومليلية المحتلتين والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وقضية الهجرة، وكل القضايا التي تثير النزعة الشوفينية التي تحرك المخيال اليميني، ولا يجب أن ننسى بهذه المناسبة أن الحزب الشعبي، ما هو إلا استمرار للتيار الفرنكاوي الاستعماري، إذ أن مؤسسه هو الفرنكاوي مانويل فراغا الذي كان تحت اسم التحالف الشعبي Alianca Popular قبل أن يتحول إلى الحزب الشعبي.Partido popular