أينا نشر هذه المقالة المعززة بالأرقام والنسب والتي نشرتها جريدة الخبرالجزائرية اليومية، ونترك للقارئ الحكم عن مصير عائدات الصادرات النفطية والغازية في هذا البلد الشقيق: على الرغم من التحسن الذي تعرفه الجزائر من حيث المؤشرات الكلية والعائدات التي يتوقع أن تتجاوز 80 مليار دولار هذه السنة، فضلا عن تجاوز احتياطي الصرف سقف 150 مليار دولار مع نهاية السنة الحالية و70 مليار دولار لصندوق ضبط الميزانية، إضافة إلى ناتج محلي خام يقارب 140 مليار دولار، إلا أن الجزائر لا تزال تعرف مفارقة كبيرة من حيث الاختلال في توزيع الثروة والدخل، حيث بلغت نسبة الذين يعيشون في خط الفقر (لا يتعدى عائدهم اليومي دولارين) أكثر من 20%، أي أكثر من6.5 مليون جزائري، وذلك حسب تقديرات برنامج الأممالمتحدة للتنمية والبنك العالمي. وتبقى الجزائر رغم عدم توفر المعطيات الخاصة بأهداف الألفية، بعيدة عن تحقيق الأهداف الثمانية التي حددتها المنظمة الأممية عام 2000 ل 2015 رغم الخطابات المعلنة التي تبشّر كلها بأن التحسن أضحى قائما في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية. فاستنادا إلى تقديرات منظمة الأممالمتحدة للتنمية والبنك العالمي، فإن ترتيب الجزائر وفقا لمؤشر التنمية البشرية لا يزال متدنيا. فعلى المستوى العالمي تصنّف الجزائر في الرتبة 104 أو ضمن الدول النامية، تحتل المرتبة 51 من مجموع 108 دولة. ويبقى المستوى الاجتماعي لفئة كبيرة من الجزائريين لم يطرأ عليه تغيير كبير فعليا وذلك يرجع أساسا للاختلال المسجل في توزيع الثروة والدخل في الجزائر. فليس كل الجزائريين يستفيدون بذات القدر من «الريع النفطي» ومن المداخيل التي تترجم على شكل كتلة أجور تجاوزت سقف 900 مليار دينار، حيث تبقى نسبة المتقاضين للأجور تتراوح ما بين 12 ألف دينار إلى 35 ألف دينار تشكل أكثر من 60 بالمائة مقابل نسبة تقل عن 10 بالمائة حاليا يتقاضون أجورا تتراوح ما بين 60 ألف دينار و300 ألف دينار، وهي الفئة المحظوظة حاليا التي تستفيد من أكبر نسبة من الكتلة النقدية التي تؤكد الحكومات المتتالية بأنها عبء على ميزانية التسيير وعلى الميزانية عموما. وتتشكل هذه الفئة عموما من الإطارات السامية والمسؤولين السامين وإطارات الدولة والمدراء العامون ورؤساء مجالس الإدارة وغيرهم. وتقدّر الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة للتنمية، الفوارق الموجودة بين الفئات الغنية والفقيرة في الجزائر، من خلال الإشارة إلى أن نسبة 2.8 بالمائة من المداخيل تذهب إلى 10 بالمائة من أفقر فئات المجتمع. وعليه، فإن الفوارق الطبقية بدأت تبرز على خلفية عمليات الانفتاح والتحرير، مع توجّه جزء من الطبقة المتوسطة إلى الاضمحلال تدريجيا وانحدارها باتجاه الطبقة الفقيرة.