ألقت السياسة بظلالها على مساعي شركات صينية تسعى للفوز بمناقصة لتطوير حقوق النفط العراقية. كما تركت السياسة آثارها أيضا على استثمارات نفطية قائمة بالفعل في انعكاس لمواقف بكين من ملفات دولية مهمة أبرزها النووي الإيراني. وفي هذا السياق، جاء إعلان مجموعة سينوبك الصينية التي قالت إنها لا تزال متحمسة وعلى استعداد لخوض الجولة الثانية من المنافسة للاستحواذ على مناقصة لتطوير حقول النفط العراقية، وذلك على الرغم من قرار عراقي سابق باستبعادها. وذكر مسؤول في الشركة لصحيفة «تشاينا ديلي» الصينية أن شركته لا تزال تتفاوض مع الحكومة العراقية بغية تمكينها من المشاركة في المناقصة. وكانت بغداد قد رفضت عرض« سينوبك» التي تعد ثاني أكبر شركات النفط الصينية المشاركة في صفقات نفط عراقية، وجاء قرار المنع العراقي بعد أن أقدمت« سينوبك» في يونيو الماضي على شراء شركة أداكس بتروليوم السويسرية الموقعة على صفقات نفطية مع الحكومة المحلية لإقليم كردستان شمال العراق، دون موافقة الحكومة المركزية ووزارة النفط العراقية. ويذكر أن الموعد النهائي لدفع رسوم المشاركة في المناقصة كان في العشرين من نونبر الجاري. وسيشارك ما يزيد على أربعين شركة نفط عالمية للتنافس على صفقة وصفت بالتاريخية لتطوير عشرة حقول نفطية عراقية يومي 11 و12 دجنبر القادم. ويرى محللون صينيون أن شركات النفط الصينية الكبرى، وعلى الرغم من تشعب مصالحها في مناطق متفرقة من العالم إلا أنها لا تزال تعاني من انعدام الخبرة في إدارة الصفقات التجارية ذات الأبعاد والتعقيدات السياسية. خاصة في منطقة تعج بالتناقضات والخلافات مثل الشرق الأوسط. ومع هذا ، فإن الفترة الأخيرة قد شهدت زيادة ملحوظة في حجم الاتفاقيات الضخمة التي وقعتها شركات النفط الصينية الكبرى مع نظيراتها العربية حيث سجلت الأشهر الستة الأخيرة من هذا العام زيادة في حجم الصادرات النفطية من الإمارات إلى الصين لتصل إلى مائتي ألف برميل يومياً مقارنة مع الفترة السابقة المقدرة بخمسين ألف برميل فقط. وزودت السعودية الصين ب740 ألف برميل يوميا طوال الأشهر الخمسة الأخيرة من هذا العام. وكانت شركة سينوبك أيضاً قد افتتحت مجمعاً ضخماً لتكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات في إقليم فوجيان جنوب شرق الصين تمتلك السعودية 25% منه ويتمتع بقدرة تكرير تصل إلى 12 مليون طن سنوياً. وتتركز أعمال هذه المنشأة النفطية الضخمة على تكرير النفط العربي الخام. وكان خالد الفالح، المدير التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، قد صرح في وقت سابق بأن شركته على استعداد لتوريد مليون برميل يومياً من النفط الخام للصين. وإلى جانب المشاريع والاستثمارات النفطية الضخمة للصين في السودان, فإن شركة النفط الكويتية تجري محادثات مع سينوبك لإقامة مجمع مماثل بإقليم غواندونغ جنوب الصين يتوقع أن يبدأ إنتاجه عام 2013. وكانت شركة قطر غاز قد افتتحت مؤخراً مكتباً تمثيلياً لها ببكين ووقعت مذكرة تفاهم مع شركة سينوبك الصينية لتصدير ثلاثة ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال, إضافة إلى مليوني طن أخرى اتفق عليها عام 2008 في إطار اتفاقية طويلة الأجل. ويرى خبراء أن هذا التوجه العربي بالانفتاح على الصين، يثير ارتياحاً وتشجيعاً لدى الولاياتالمتحدة التي تسعى لتقليل اعتماد الصين على النفط الإيراني وبالتالي عزل طهران وحرمانها من سوق كبيرة ومصدر هام للعملة الصعبة. كما أن ذلك من شأنه تليين الموقف الصيني تجاه أي تطور قد يحدث بشأن الأزمة الإيرانية. وقد أكد غو جنغ لونغ، الباحث في مركز شينخوا للدراسات الدولية ، أن الولاياتالمتحدة أوفدت بالفعل ممثلاً خاصاً إلى بكين في محاولة لإقناعها بفرض عقوبات اقتصادية على إيران مقابل قيام السعودية بتعويض أي نقص نفطي في احتياجاتها. لكن الباحث قال إن الصين تعي تماماً هذه النقطة وتراها بوضوح ، وستعالجها بحكمة انطلاقاً من مصالحها الإستراتيجية بعيدة المدى.