بعد أيام قليلة ستغادر أول طائرة المغرب في اتجاه الديار المقدسة تحمل على متنها البعثة الإدارية التي ستتكلف بالترتيبات الدولية في السعودية لكي توفر الضروف المواتية لإستقبال ضيوف الرحمان لموسم الحج لهذه السنة 1430 هجرية. وبعد أسابيع قليلة ستلتحق بهذه البعثة بعثة أخرى ستهتم بصحة الحجاج لتتمركز في مواقعها المنتشرة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، حاملة معها الأدوية الضرورية لإسعاف الحجاج أثناء مرضهم في المملكة السعودية. ككل سنة، قد يصاب الحاج بمرض ما، وخصوصا المسنين منهم أثناء أدائهم لفريضتهم، فيجد نفسه وحيدا يواجه المرض المفاجئ وهو بعيد عن أسرته الطبيعية فيلتجئ إلى البعثة الصحية المغربية المتواجدة قرب إقامته. وقد لاحظت في سنة 2000 وأنا أقوم بعملي الطبي ضمن البعثة في مكة والمدينة أن أغلب الحجاج لايفهمون كيفية استعمال أدويتهم لذلك أستغلُّ الفرصة لأطلب منهم من الآن إذا أصيبوا بمرض ما أن يتوجهوا إلى أطباء البعثة الذين يعملون بإستمرار ليلا ونهارا وبصفة مجانية، وقبل مغادرة المركز الصحي في الديار المقدسة يجب على الحاج المصاب بوعكة صحية أن يطرح على الطبيب المعالج جملة من الأسئلة عن الدواء الذي سيستعمله لأنه كلما إزداد الحاج المريض فهما للأسباب تحمله على تناول دوائه، ازدادت أمامه فرص التناول الصحيح لها، وتجنب أحيانا معاناة الأثار الجانبية التي ربما كانت على جانب كبير من الأهمية، وتسارعت إمكانات شفائه من مرضه. لذا يجب على الحاج الذي أصيب فجأة بمرض ما أن يتزود ببعض الأسئلة يطرحها على الطبيب المعالج ليتعرف على مرضه والأدوية التي سيستعملها. من بين هذه الأسئلة التي يجب أن تطرح نجد: 1 - ماهذا الدواء الذي أحمله؟ لاتغادر أيها الحاج غرفة الطبيب قبل التأكد من إسم الدواء الممنوح لك. ستكون في حاجة إلى هذه المعرفة إذا ما خطر ببالك أن تعرض نفسك على طبيب آخر بعد مدة من الزمن ، أو إذا كان لديك تحسس إزاء أنواع معينة من العقاقير. في مجال الطب هناك أسماء كثيرة من الأدوية متشابهة، لذا يجب عليك أن تحرص على معرفة الإسم الدقيق للدواء لأن هذا الدواء هو بمثابة مادة تستعمل في معالجة الأمراض التي تصيب الإنسان، أو التي تفيد في تخفيف وطأتها أو الوقاية منها. 2- - يجب على الحاج فهم حقيقة مفعول دوائه: تأكد من فهمك، أيها الحاج، لتأثير الدواء عليك: هل أثناء العلاج يجب إحداث تغيير لنمط حياتك حرصا على فاعلية الدواء؟ فمثلا عقاقير تخفيض كوليسترول الدم تفرض عليك تجنب الأطعمة الدسمة. إن الأدوية متنوعة في مفعولها وتأثيراتها على الجسم: بعض الأدوية تقوي عضلة القلب وأخرى تهدئها، وأدوية تختر الدم وأخرى تزيد من سيولته، هناك أدوية تساعد على تسهيل الفضلات من الأمعاء والتخلص منها بينما أدوية أخرى تعمل على قبض الأمعاء فتمسك بمحتوياتها. كما أن هناك أدوية منومة وأخرى مؤرقة تساعد على السهر. كذلك توجد أدوية تعمل على تخفيض نسبة السكر في الدم، وأخرى تزيد من هذه النسبة، بينما توجد أدوية ترفع ضغط الدم وأخرى تخفضه، وهناك أدوية تقضي على الجراثيم وتمنع الأمراض السارية بينما تختص أدوية أخرى بطرد الديدان... إن الحاج المريض من واجبه أن يتعرف على هذه الحقائق قبل تناول دوائه ولا يستعمله إلا من أجل الغاية المحددة له. 3- - يجب على الحاج أن يستفسر عن مواعيد تناول دوائه: عند الحصول على الدواءو اطلب من الطبيب أن يزودك بالارشادات الدقيقة حول الجرعات ومواعيدها على وجه الدقة: قبل أو أثناء أو بعد الأكل، ثلاث مرات في اليوم، بين الثامنة صباحا ومنتصف الليل، أو مرة كل ثماني ساعات، فهناك فرق كبير بين هذه المواعيد. -4- يجب على الحاج أن يعرف طريقة تناول دوائه: تأكد أيها الحاج حول الطريقة الصحيحة لتناول الدواء: هل يجوز سحق حبة الدواء وابتلاعها أم يجب تناول الدواء بشكل سائل لنفس الغرض. لأن من الخطورة أحيانا أن يتلاعب الحاج بمحتويات كبسولة الدواء مثلا أو يحاول سحق حبة الدواء. فهناك أدوية تنحل في المعدة ويكون لها مفعول طويل الأمد يصل إلى الدورة الدموية على دفعات منتظمة خلال مدة معينة، ولا يجوز بحال من الأحوال تعاطي مثل هذا الدواء دفعة واحدة لأن فض الكبسولة أو سحق حبة الدواء يمكن أن يزيد من فرص إصابته بالآثار الجانبية المحتملة أو يحدث تسمم. أثناء الحج يحاول الطبيب إعطاء جرعات قليلة الكمية وأقل تكرارا للمسنين لأن هناك عوامل إضافية تتدخل تشمل العمر والجنس والحالة المرضية للحاج بما في ذلك حالة الكبد. 5- -كيف يعلم الحاج أن الدواء أخد يؤدي مفعوله؟ بعض الأدوية مثل مضادات الهيستامين تُشْعِرُ الحاج بالراحة خلال ساعات من تناولها، وبعضها مثل مضادات الإكتئاب، قد تتطلب الإنتظار أياما، بل أسابيع، قبل أن يأخذ الدواء في أداء مفعوله. كما أن هناك أدوية قد تُشْعِرُ المريض بأن حالته قد إزدادت سوءاً، قبل ن تأخذ في التحسن. فعقاقير تخفيض ضغط الدم، مثلا، يمكن أن تسبب الشعور بالإنحطاط في أول الأمر. لذلك فإنه من الواجب على الحاج الذي يشرع في تناول أدوية جديدة يصفها له طبيب البعثة الصحية، أن يسأل هذا الطبيب عن المدة التي يبدأ فيها شعوره بالتحسن. فإذا لم يستجب الحاج للدواء خلال المدة التي يعينها المُعَالج، فإن عليه الإستشارة، إذ قد يكون الحاج قد تكونت في جسمه مناعة ضد عقار بعينه، أو يكون بحاجة إلى أن يصف له الطبيب دواء آخر. 6- -على الحاج أن يعرف الآثار الجانبية المحتملة لدوائه وكيف يخفف منها ينبغي على الحاج أن يطلب التوضيح من طرف طبيب البعثة حول الآثار الجانية المزعجة، فالعلاج الذي يُعْطَى للحاج أثناء سفره في الطائرة من أجل تقليل أعراض السفر، يمكن أن يسبب جفاف العينين، وفي هذه الحالة يستطيع الحاج أن يستعد سلفا لمقاومة هذا الجفاف ويحْمل معه قَطَرات عينية يصفها له الطبيب بحيث يستعملها الحاج أثناء سفره. 7 - يجب على الحاج أن يكون على علم من إمكانية تعارض دوائه مع دواء آخر يتعاطاه. أيها الحاج، إذا كنت تتعاطى نوعين من الأدوية لايتمازجان، بل ينفيان مفعول بعضهما بعضا، فإنك على الأقل لاتعود تستفيد من أي منهما، وأكثر من ذلك فإن التفاعل المتبادل بين عقارين يمكن أن يسبب لك إنزعاج، بل وإصابتك بأثار جانبية خطيرة: كصعوبة التنفس أو التجفاف اللذيْن يتطلبان معالجة طارئة. وهذه الحالة عايشتها أثناء عملي في البعثة حين يأخذ الحاج أدوية متعددة ومختلفة خلال يوم واحد ومن مراكز صحية مختلفة لذلك أطلب من الحاج أن يطلع طبيبه على كل العقاقير والأدوية التي يتعاطاها موصوفة كانت أو غير موصوفة. 8- - أثناء تناوله الدواء يجب على الحاج أن يعرف ماهي الأطعمة والمشروبات التي يجب تجنبهاهناك أدوية تفقد مفعولها تماما، بل وقد تصبح خطيرة إذا مُزِحَت بأدوية أخرى، فهناك عقاقير توصف لمقاومة الإكتئاب وإرتفاع ضغط الدم مثلا قد تسبب الحمى، وقد تؤدي إلى الضربة الدماغية إذا أخذت بالإشتراك مع بعض الأطعمة. 9- - الحاج مطالب بمعرفة طول مدة تعاطي دوائه في بعض الحالات يكون الحاج المصاب بمرض ما في حاجة إلى تناول الدواء لمدة طويلة. ومعظم العقاقير التي يصفها الطبيب المعالج لتخفيف الآلام يجب أن تستخدم فقط ريثما تزول الأعراض المؤلمة، وإلا عرض الحاج نفسه الى التعود عليها، غير أن هناك أدوية يصفها الطبيب كالمضادات الحيوية مثلا، يجب المتابرة على تناولها حسب وصفة الطبيب إلى أن تتم مدة المعالجة بكاملها ويستأصل الجرثوم إستئصالا تاما، حتى ولو أحس الحاج بتحسن وخيل إليه أن المرض قد زال. فإذا لم يسمح للعقار بأن يتم عمله في القضاء على جراثيم المرض قضاء تاما، فإن المشكلة تظل قائمة ويعود المرض. 10 - يجب على الحاج المريض أن يسأل طبيب البعثة عما إذا كان يجوز له الإستمرار في تناول الدواء بعد إنتهاء العلبة أو الزجاجة، ومتى يجب أن يحدث ذلك، بعد إنتهاء الدواء تلقائيا أم لابد من العودة إلى مكتب الطبيب، أم مادامت أعراض المرض قائمة؟ في هذا الصدد يجب على الحاج أن يفهم متى ينبغي له التوقف عن إستعمال عقاقير ما، فالإستعمال الطويل الأمد، حتى لبعض العقاقير التي يعتقد بسلامتها وسهولة إستعمالها يمكن أن تعرقل طريقة تصدي الجسم بصورة طبيعية لأي عارض من العوارض. حفظ الله حجاجنا الميامين وأعادهم إلى أسرهم ووطنهم سالمين غانمين وأتمنى أن تكون هذه النصائح العشرة تساعدهم على مواجهة الأمراض المحتملة.