بعد حوالي أسبوعين على وضع جلالة الملك ملف الشباب في الواجهة السياسية من خلال اشاراته في خطاب افتتاح السنة التشريعية الحالية، لم يفوت مجلس النواب الفرصة لمسك رئيس الحكومة من رقبته في اول جلسة مساءلة في الدورة الخريفية لمواجهته بهذا الملف الحارق، وتسجيل ملاحظات تضاربت نسبيا من حيث حدتها بين الأغلبية والمعارضة. هذه الاخيرة اجملت تدبير ملف الشباب في عبارة "فشل" الذي طبع برنامج التشغيل الذاتي ثم المقاول الذاتي وافضى بألفي شاب الى المحاكم والسجون، وكانهم مجرمون لأن الحكومة لم تلتزم بالضمانات التي تعهدت بها. وذكرت متحدثة من فريق الأصالة والمعاصرة ان انتظارات الشباب معروفة وفي مقدمتها الهروب من شبح البطالة، مضيفة "ان تكون شابا اليوم معناه كفاح يومي ضد الانحراف، والتوجه نحو قوارب الموت طلبا لفرصة نجاة». الفريق الاستقلالي في شخص عمر عباسي تساءل عن جدوى صياغة سياسة للشباب في الحكومة السابقة واخرى في الحكومة الحالية مادامت لا تفعل على ارض الواقع، مضيفا ان مطالب الشباب تتجاوز إعداد استراتيجية وإعلان النوايا، والأولوية تنحصر في التشغيل والخلاص من براثن البطالة التي تهدد السلم الاجتماعي. واشار الى ان الوضعية المقلقة تتطلب تدابير عملية تنأى عن الشعارات والخطابات وتحفظ للشباب كرامته، والمدخل هو إعادة النظر في النموذج التنموي والتوزيع العادل للثروة. رئيس الحكومة سعد الدين العثماني اوضح ان تدخله لم يتضمن شعارات اوخطابات أو اقوالا، بل اجراءات تظل الحكومة مستعدة للمحاسبة بشأنها بعد سنة أو سنتين. ولم يخالف العثماني بعض ملاحظات النواب والنائبات من الأغلبية والمعارضة بشأن التضخم في التشخيصات في مجال الشباب، وعدم نجاح برنامج مقاولتي الذي اعلن عن وفاته ومولد بديله "برنامج التشغيل الذاتي" الذي استفاد من النقائص السابقة وكان اكثر نجاحا من سابقه، فضلا عن وجود ستة ملايين شاب بدون تعليم او تكوين أو عمل. العثماني اشار الى ان الحكومة وضعت سياسة مندمجة للشباب لتحسين شروط التكوين والحياة الاقتصادية والاجتماعية، وقام وزير الشباب في المجلس الحكومي المنعقد في 26 اكتوبر بعرض ارضية اولية للاستراتيجية الشبابية، اقتصرت على تناول المنهجية والارضية والآفاق المستقبيلة، ورسمت ركائز الانصات والتواصل مع الشباب وكيف ينظرون الى واقع المغرب، مضيفا ان الحكومة ستعمل على اطلاق حوار وطني حولها وفق نطاق تشاركي موسع يشمل البرلمان والمجتمع المدني والمنتخبين والنقابات والشبيبات لتكييفها مع الرغبات والحاجيات المعبر عنها، وصياغة اطار مرجعي لتمويل هذه السياسة آملا ان تكون مع بداية 2018 في خطواتها الاخيرة، مؤكدا الحرص على تفعيل دور الجهات في هذا الورش وفتح حوار معها بشأن تعاقد شبابي برسم الفترة 2018-2021. وعلى مستوى تحسين الفرص الادماجية للشباب تحدث العثماني عن رفع نسبة التسجيل في المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود بعشرين في المائة، خاصة الطب والهندسة وتدبير المقاولات، وتمكين متدربي التكوين المهني من منح جامعية تهم 70 ألف متدرب بغلاف 400 مليون درهم، والعمل على رفع نسبة المستفيدين من التأمين الصحي للطلبة، حيث هناك 280 الف طالب والغلاف المرصود يصل 110 ملايين درهم، موازاة مع مبادرة التعاقد مع 55 الف مدرس في قطاع التعليم. متحدث باسم فريق العدالة والتنمية طالب بفتح الباب للمبادرة والابداع الشبابي على اعتبار ان هذه الفئة قوة الحاضر والمستقبل وستتولى تدبير المسؤوليات مستقبلا، لذلك فان البرامج الموجهة للشباب لا تقبل الخطأ او التلكؤ او الإرجاء او المزايدة، مشيرا الى ان اغلب البرامج تركز على تنظيم الوقت الثالث للشباب، وهذا في الوقت الذي يواجه فيه تحدي الاستقرار الأسري وتحدي التشغيل وتحدي النجاة من شَرَك المخدرات والخمر. ملاحظات المتدخلين طالبت بتحقيق الالتقائية في الاستراتيجية الجديدة للحكومة وتدارك الوضعية الكارثية التي يتخبط فيها الشباب، حيث هناك واحد من اصل اربعة بدون دراسة او تكوين او عمل، و20 في المائة منهم يعانون امراضا نفسية خطيرة، اضافة الى انعدام سياسة ثقافية حقيقية للشباب، وغياب فضاءات ثقافية تنتشل الشباب من احضان العدوانية والعنف والجريمة. وتلاحقت الملاحظات مطالبة بضمان تكوين ملائم لسوق الشغل ومنح اراضي الدولة لمشاريع الشباب، وايجاد حل للشباب العامل في القطاع غير المهيكل، والقطع مع السياسات المجزأة للشباب، وتقديم سياسة مندمجة. تعقيبا على هذه التنبيهات افاد رئيس الحكومة ان البرامج المطروحة تعتمد سياسة افقية تشمل التعليم والتشغيل والعمل الاجتماعي والثقافي، حيث تنخرط فيه نصف القطاعات الحكومية. كما تعهد بإتمام البرامج التي انطلقت في عهد الحكومة السابقة.