ألقى الأخ عبد الحق التازي رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين كلمة باسم مجلس المستشارين في اللقاء المتوسطي المنعقد أخيرا ،جاء فيها: أريد في بداية تدخلي أن أهنئ مجلس المستشارين على تنفيذ قرار الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط المنعقد بموناكو في نونبر 2008 بجعل يوم 21 مارس من كل سنة اليوم المتوسطي، هذا اليوم يصادف بداية الربيع أي انبعاث الحياة في الطبيعة الجميلة، ويؤجج الأمل عند البشرية جمعاء إلا في بزوغ غد أحسن والذي لا يمكن أن يستتب إلا بالسلام. كما أهنئ المجلس على توفيره لنا وثائق جد مهمة، وخاصة ميثاق البحر الأبيض المتوسط الذي يعد بحق ورقة طريق لكل النوايا الحسنة التي تريد لشعوب هذه المنطقة أن تبني مستقبلا تسوده الرفاهية والعيش الكريم في ظل الأخلاق والقيم التي أفرزتها وتتقاسمها كل الحضارات التي أشرقت منذ بداية التاريخ على ضفاف بحرنا المشترك. هكذا وانطلاقا من هذا الميثاق وكل الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعها رؤساء دول المنطقة من أوروبا، والمغرب الكبير، والمشرق، وكذلك برلمانيات العالم في وثائق الاتحاد الدولي البرلماني، والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، وكذلك انطلاقا من كل القرارات التي وافقت عليها منظمة الأممالمتحدة، أي الشرعية الدولية، خلصت الى أن على المنتظم الدولي وكذلك الاتحاد من أجل المتوسط مسؤولية إيجاد صيغة من أجل حث إن لم أقل إجبار الأنظمة الشاذة التي تعكر منذ عقود صفو المناخ السياسي الجهوي والدولي على احترام وتطبيق المبادئ المتفق عليها دوليا وعلى رأسها: 1 احترام السلامة البدنية والأخلاقية للإنسان كيف ما كان لونه أو دينه أو انتماؤه، واحترام حقه في الحياة 2 الأخذ بالديمقراطية الحقة كنظام للحكم، يمكن مواطني كل بلدان المنطقة بأن يدلوا برأيهم بكل حرية وأن تكون لهم كذلك حرية الاختيار في العمليات الانتخابية التي يجب أن تكون حرة وشفافة وعادلة وغير مطعون فيها من لدن أي أحد، في نطاق التعددية والتسامح. ضمان تمثيل البرلمان لكافة عناصر المجتمع وإعطائه السلطات والوسائل للتعبير عن إرادة الشعب عن طريق التشريع ورقابة الحكومة. 3 الاحترام الكامل لحقوق الإنسان كما هو منصوص عليها في المواثيق الدولية. 4 الالتزام بتلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية خاصة للمعوزين من أبناء الشعب. 5 إشراك المواطنين في تسيير شؤونهم بالعمل على تعزيز اللامركزية والتمركز والعمل بالجهوية الموسعة، والتمثيل المحلي من أجل إشعاع سياسة القرب لتلبية حاجيات السكان. 6 قيام دولة الحق والقانون في كل بلدان المنطقة، مما يعني المساواة أمام القانون، وعدم ضياع حق أي مواطن بسبب استعمال الشطط من قبل السلطة أو إهداء امتيازات غير مبررة لفئة من الساكنة على حساب حقوق عموم الشعب الإقتصادية والإجتماعية. 7 قيام سلطة قضائية مستقلة بجانب السلطة التشريعية والتنفيذية عملا بمبدأ فصل السلط، وضمان استقلال القضاة الذين ينطقون بالأحكام طبقا للقانون وحده، بعيدا عن تأثير أي جانب كان. 8 العمل المستديم من أجل إقرار السلم في المنطقة وتسوية الخلافات والنزاعات بالطرق السليمة. 9 دعم معاهدات نزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة في المنطقة. 10 إدانة جميع أنواع الاحتلال. 11 عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان الجوار. 12 إقامة معاهدات التعاون وحسن الجوار مع بلدان الجوار. السيد الرئيس الغريب في الأمر أن في منطقتنا كل البلدان صادقت بتوقيعها على مثل هذه المعاهدات والاتفاقيات، ولكن البعض منها لا يحترم توقيعه أو تعهده العلني، خالقا جوا من التوتر وعدم الثقة، بل أحيانا ينهج سباقا في التسلح، على حساب حرمان الشعب من تحسن أحواله المادية والاجتماعية. هناك الجزائر الشقيقة التي وقعت اتفاقية إنشاء المغرب العربي الكبير سنة 1989 تتعهد فيه بعدم تدخلها في الشؤون الداخلية لبلدان هذه المجموعة، وتقوم بالعكس يوميا، التزمت كذلك الجزائر بحرية تنقل البضائع والأشخاص عبر حدودها، لكن منذ 3 عقود، هذه الحدود مغلقة بإرادة الطغمة الحاكمة بدون أي مبرر منطقي بل عكس ذلك فإن هذا الإجراء وعدم أي تبادل اقتصادي أو تجاري يحرم الجزائر نفسها والمغرب من زيادة نقطتين في الدخل القومي للبلدين أي ضياع كل جانب من 5،1 إلى 2 مليار أورو في المعاملات الممكنة والواجب القيام بها لصالح الشعب المغاربي. من جهة أخرى، تحتجز الجزائر ضد إرادتهم ما يفوق على 000.10 مغربي فوق أراضيها في مخيمات العار بتندوف، ولا تقبل إحصاءهم من قبل المفوضية العليا للاجئين وتحرمهم بالقوة والنار من الإلتحاق بوطنهم الأب. في كل مناسبة نناشد أشقاءنا في الجزائر احترام المواثيق ودراسة متأنية وموضوعية للعرض المغربي لإقامة حكم ذاتي في أقاليمنا الصحراوية المسترجعة الجواب الرفض دائما بمبررات واهية وغير مقنعة. السيد الرئيس المغرب لن يتراجع عن إرادته القوية في إقامة الاتحاد المغاربي بين الدول الخمس الحالية: موريتانيا، المغرب والجزائر وتونس وليبيا، رغم كل هذه العراقيل لأننا في المغرب ننظر إلى المستقبل، بينما الحكام في الجزائر ينظرون الى الماضي وذلك منذ الانقلاب العسكري الذي قام به العقيد بومدين في 1965 ضد الرئيس الشرعي المنتخب أحمد بن بلة، حيث لازال العسكر هم الذين يحكمون هذا البلد، رغم ما عرفته البلاد من حرب أهلية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء وذلك إثر إجهاض المسلسل الديمقراطي سنة 1990. ولن تستقيم الأمور في البلد الجار ما دام لم ينعم الشعب الجزائري الشقيق بنظام ديمقراطي حقيقي يعمل من أجل إشباع حاجياته ولا يهدر ملايير أورو في تسلح مكلف وغير ذي جدوى. السيد الرئيس في منطقتنا الغربية، هناك كذلك مشكل سبتة ومليلية المحتلتين من قبل إسبانيا منذ قرون والتي نؤمن أنه من مصلحتها أن تعيدهما الى المغرب بعد مفاوضات تضمن حقوق الإسبانيين ، وكل قاطني هاتين المدينتين السليبتين. توجد الآن بين المغرب وإسبانيا علاقات جيدة رغم وجود هذا المشكل، نظرا للإرادة السياسية للبلديين لتفعيل بنود اتفاقية التعاون وحسن الجوار وللعلاقات الطيبة بين شعبينا وبين عاهلي البلدين وحكومة البلدين ونحن ننتظر بتأني اليوم الذي ستقبل إسبانيا الدخول في مفاوضات جادة مع المغرب من أجل تصفية الاستعمار ونقل السيادة الى البلد الأب. السيد الرئيس إن الطامة الكبرى في منطقتنا هي وجود إسرائيل التي أقامتها الصهيونية العالمية، تلك الإيديولوجية العنصرية التي عملت على الاحتلال بقوة السلاح والنار، وقتل الأبرياء، وسرقة أراضي الغير وإتلاف المحصولات، لإقامة الدولة العبرية والمستوطنات اللاشرعية في غزة وفي الضفة الغربية لفلسطين، واحتلال أراضي دول الجوار مثل سوريا ولبنان. لقد شاهدنا أخيرا ما قام به الجيش الإسرائيلي في غزة من تقتيل للأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال لا ذنب لهم إلا أنهم فلسطينيون. السيد الرئيس إن الحل يكمن في وضع حد نهائي للاحتلال، وللمستوطنات وهدم جدار العار ، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف حسب مقررات الشرعية الدولية. ولا تفوتنا الفرصة لنعبر عن اعتزازنا بالمواقف المبدئية والجريئة التي عبر عنها صاحب الجلالة نصره الله باعتباره رئيسا للجنة القدس في رسائله الى قادة دول العالم حول ما يتعرض له القدس الشريف من مخططات استعمارية لتغيير معالمه، ونجدد اليوم نداءنا لكل برلمانيي المتوسطي خاصة، والعالم عامة، ولكل القوى المحبة للسلام للتحرك من أجل أن تظل القدس الشريف كما كانت ملتقى لكل الديانات ورمزا للسلام الحقيقي بين الأمم. وفي سياق إمعان الكيان الصهيوني في انتهاك حقوق الأفراد والجماعات أوردت العديد من المصادر الاعلامية أمس خبر أن الجيش الاسرائيلي ألقى القبض على عشرات من البرلمانيين وأعضاء الحكومة المنبثقة عن الانتخابات السابقة التي اعترفت جميع الأطراف بسلامتها من أجل الضغط على حركة حماس، ولابد أن نؤكد مطالبتنا بالإطلاق الفوري لجميع البرلمانيين وأعضاء الحكومة الفلسطينية المعتقلين، ونعلن تضامننا اللامشروط مع الكفاح العادل لكل القوى الفلسطينية. السيد الرئيس رغم كل ما تقدم فإننا في المغرب لن نيأس ونعتبر مستقبلنا هو في المتوسط وفي إقامة الاتحاد من أجل المتوسط الذي أعلن عنه الرئيس ساركوزي من طنجة في أكتوبر 2007 والذي انطلق بنيانه يوم 08/07/13 بباريس، وسنعمل مع شركائنا في هذا الاتحاد من أجل مأسسة الحوار السياسي داخله من أجل ترجمة المبادئ الإثنى عشرة التي ذكرت بها في بداية مداخلتي إلى أرض الواقع الحوار الحوار الحوار هذا هو الحل لتعيش الحرية، والديمقراطية وليسود السلم في منطقتنا. وقد اعترف الاتحاد الأوروبي بالجهود التي بذلها المغرب من أجل بناء مستقبل مشترك والإصلاحات التي قام بها من أجل هذا الهدف، فمنح المغرب الوضع المتقدم، الذي سيمكن بلادنا إذا بقي في نهج الاجتهاد والكد والعمل ترسيخ وجوده داخل السوق الداخلي الأوروبي لتنمية التبادل التجاري في ميادين الفلاحة بمراجعة الحواجز غير التعريفية وفي ميدان الخدمات الذي بدأ يعطي أكله (OFSHORING) وإدخال المغرب إلى الشبكات الأوروبية للطاقة والنقل، ونعول على الخصوص في هذا الميدان على إنجاز الربط القاري بين أوروبا وإفريقيا عبر مضيق جبل طارق، وعلى إنجاز مشاريع ضخمة في الطاقات المتجددة خاصة الشمسية والريحية والبحرية، وكذلك في ميدان المعرفة والبحث العلمي حيث قرر الاتحاد الأوروبي إنشاء الجامعة المتوسطية العالمية المتوسطية بفاس بجانب فاس التكنوفالي المشروع المشترك بين جامعات فاس ومكناس وإفران وجامعة صوفيا بنيس بفرنسا، للربط بين الصناعة والبحث العلمي وصولا في الأخير إلى خلق منطقة تبادل حر بين طرف الجنوب والشمال من البحر الأبيض المتوسط. السيد الرئيس إننا في المغرب ملكا وحكومة وشعبا واثقون بأن هذا الحلم سيحقق بفضل المجهود الشاق المتطلب منا، لأننا لازلنا في بداية الطريق، لأننا مثلا في المغرب نطمح بعد الوضع المتقدم الى الاندماج الكامل في الاتحاد الأوروبي والذي سيتحقق بمشيئة الله بفضل عزيمتنا واختياراتنا المستقبلية التي نساهم جميعا في بلورتها.