نظمت أسرة محترف الكتابة والتنشيط الثقافي بثانوية الوحدة الإعدادية بمدينة طاطا المغربية، بتنسيق مع إدارة وجمعية أمهات وآباء المؤسسة، فعاليات اليوم العالمي للشعر يومي 20 و21 مارس 2012، بفضاءات الثانوية الإعدادية. ولأن نداءات القصيدة كثيرا ما تنقش أصداءها في وجدان المتعلمين، فقد التأم المتعلمون طيلة اليومين، وتحلقوا حول الشعر، منتصرين لدهشته، ومجاهله، وعكسوا وعيهم بجدواه، وترجم هذا الانتصار في حضورهم ومشاركاتهم المميزة، مما ألقى على مسؤول المحترف وإدارة المؤسسة رهان الحفاظ على تكريس هذا التقليد الشعري السنوي، وتكثيف حلقات تدارس الشعر، وغرس شجيراته في قلوب الناشئة انتصارا للمحبة والجمال. استهلت فعاليات الاحتفال باليوم العالمي بالشعر بندوة اتخذت من * جدوى الكتابة.. جدوى الشعر* محورا لها صبيحة الثلاثاء 20مارس2012، بالقاعة رقم06، سيرها الأستاذ شكيب أريج، وشارك في محاورها تلامذة المحترف، وبضعة أساتذة، والتقت مداخلات التلاميذ حسناء وسعدان و بدر الهبول، و ابتسام العسري، و نهيلة بونعيلات، و محجوبة ديدان، حول تأكيد الأهمية التي يحتلها الشعر في قلوبهم ،باعتباره، تعبير عن أحاسيسهم، ومشاعرهم، ويتيح لهم التعبير عما في جوانحهم، وهم بحاجة إلى دعم حضوره في المؤسسة عبر تحبيب الشعر إلى المتعلمين، وخلق مسابقات شعرية، واستضافة شعراء ومهتمين قصد نشر الوعي بجدوى وأهمية القصيدة. وركزت مداخلات الأساتذة محمد زيان و أبو بكر بونوا، وعبد الخالق المجدي، ومحمد نجيحي على أهمية الشعر في كيان كل أمة، معتبرين الشعر ممارسة دالة على وعي الأمة، وانخراطها في عمق التحولات والممارسات التي تشهدها الحياة الفردية والجمعية، وثمنوا الانتصار للشعر في وقت يعاني غربة مضاعفة في معظم البلدان، ومنها المغرب، حتى وإن حضر في الكتب المدرسية فهو يتسم بالضعف، بالقياس، إلى طبيعة القصائد المدرسة على المستويين الفكري والجمالي، ومهما تعددت وجهات النظر واختلفت فإن الكتابة تظل أمرا مهما في حياة المدرس والتلميذ لأنها تشكل ملاذا آمنا، وقاسما مشتركا مع ذوات أخريات ليست كاتبة بالضرورة، وانتبهت جل المداخلات إلى عنصر القراءة كأس محوري لكتب وبدونها تستحيل الكتابة، وتفتقد سلطتها الجمالية والموضوعية. وخلصت المداخلات إلى تبني فلسفة واضحة في تدريس الشعر، وتنمية ذائقة المتعلمين، وتحفيزهم على فعل القراءة، من أجل تمكينهم من أدوات الكتابة، حتى يحققوا التوازن الذي تتيحه كتابة الشعر. والتقى جمهور الشعر زوال اليوم ذاته، مع ورشة تكوينية أشرف عليها الأساتذة عبد الهادي روضي، وشكيب أريج، والتلاميذ بدر الهبول، ومحمد جمال، محمد آيت علي، والمدني أبورحيم، بالقاعة رقم 6، خصصت لتمكين المتعلمين من إواليات الكتابة عبر مداخلة قدمها الشاعر عبد الهادي روضي لا مست في جوهرها علاقته بالكتابة، فهي فضاء تستريح الذات من خلاله من ضغط اليومي، وإن لم يستبعد صفة الضغط عنها، مادامت تمارس ضغوطها على الذات الكاتبة، وفي سياق كلامه همس للحاضرين أنه لو خير بين القصيدة والمرأة لاختار القصيدة، وهو ما يجسد عمق المكانة وتمكنها من أنفاس الكاتب، ومقياس الارتباط الروحي بينهما، وعضدت كلمة محمد جمال الطرح السابق، إذ جعل من الكتابة فسحة جميلة تحقق بواسطتها الذات سفرا روحيا نحو فضاءات سامقة، تلهث وراءها باستمرار وتنشدها، وفي المنحى ذاته ذهبت كلمة الشاعر بدر الهبول حيث أبرز الإحساس الخاص الذي تتيحه له كتابة الشعر، فالشعر يجعله كائنا مميزا عن العوالم الواقعية التي يحياها. وتخللت الورشة قراءات زجلية وشعرية، وتحدث الأستاذ شكيب أريج تلامذة الورشة عن علاقته بالكتابة، والإمكانات التي توفرها له، وأنهى مشاركته بقراءة نص قصصي جديد، تناول بأسلوب سردي مفتوح قصة أول شهيد سقط قبيل اندلاع الثورة التونسية، وعبر نصه التقطنا جميعا حقيقة مفادها أن محمد البوعزيزي لم يكن أول من أيقظ شرارة ثورة الياسمين التونسية، مثلما أن القصة عصية على الاختزال في موضوعات جافة، أو فارغة تحت يافطات التجريب. واختتمت الورشة التكوينية بمنح المتعلمين فرصة لكتابة قصيدة شعرية يكون موضوعها من اختيارهم، وقد تفاعلوا إيجابا مع هذه المبادرة، وكانت الحصيلة نصوصا تنم عن قدرة المتعلم على الخلق والإبداع، واستجابة ذائقته للإبحار في جداول الكتابة والإبداع. و قدم محترف الكتابة والتنشيط الثقافي مساء الثلاثاء 20 مارس، شريطا وثائقيا حول حياة الشاعر الفلسطيني* محمود درويش*، وانصب انشغال المتعلمين أثناء مشاهدة الشريط على تمثل حضور فعلي الكتابة والشعر في حياة محمود درويش، انسجاما مع محور اليوم العالمي للشعر، وأعقب ذلك نقاش مفتوح لامس عبره وعي درويش بالكتابة والشعر، من خلال محورين أساسيين، ما يرتبط بفهمه للشاعر ووظيفته،إذ جعل من نفسه شاعر طرواديا، لم يعثر على الأصل في كتابة القصيدة، وهو مهووس بكتابة النص الغائب مراهنا على الانتصار للمعنى العام في الوعيين الفردي والجماعي، و اعتبر الالتزام إحساسا بطريقة التعبير الحرة عن مسؤوليته الحرة، والكتابة الشعرية فعلا موازيا للتمرد، الذي يعادل الإقامة في نسق معين لكتابة القصيدة الشعرية. وانتبه المتعلمون إلى بعض القضايا المرتبطة بكتابة الشعر، التي وردت في حديث درويش، كالتجديد الشعري الذي يرتبط عنده بالمعرفة الشعرية، والاطلاع على مختلف الآداب، والحفاظ على العلاقة بين النص/القصيدة والقارئ حتى لا يحس أن الشاعر قادم من منطقة مغتربة. واختتمت فعاليات اليوم العالمي للشعر بتنظيم أمسية شعرية موسيقية، أحياها تلامذة المحترف والنادي الموسيقي برئاسة الأستاذ زكرياء ازغيدة، وتضمنت ثلاث فقرات، حملت الأولى عنوان * قصائد بأصوات التلاميذ*، استحضروا خلالها امرؤ القيس، والمتنبي، ومحمد بن إبراهيم، و عبد الوهاب البياتي، وعبد الكريم الطبال، وبشر بن أبي خازم الأسدي، وأدونيس، وتميم البرغوثي، ورشيد الخديري. والفقرة الثانية شملت وصلات موسيقية غنى أثناءها التلاميذ قصيدة علال الفاسي* ذكريات وعهود*، وأغنية*عصفور طل من الشباك* لأميمة الخليل. بينما الفقرة الأخيرة أنصت خلالها الحاضرون لقراءات شعرية بالعربية والعامية و الحسانية والأمازيغية من إبداعات تلامذة المحترف وبعض الأساتذة، حيث توافد على المنصة الشعراء: نورا جمال، أسماء البوزيدي، بوبكر أبلحسن، عبد الخالق المجدي، يوسف البوراقي، عبد الهادي روضي، بدرر الهبول، محمد جمال،لمختار بوكدم، رافقتهم أنامل الموسيقي زكرياء ازغيدة في سحر جمع بين سحر الكلمة الشعرية، وإيقاع الموسيقى.
وضرب الجميع مع الشعر موعدا في احتفاء يليق بمقامه في مناسبة قادمة.