وأنت تحدق في الشارع ملتفتا يمنة ويسرة ، لا ترى إلا شبابا طائشا ترتعد أطرافه، وتضطرب أحواله ،تجدهم على دراجات نارية ، بل أشباح في مدينة الظلام ، انبعثت من أرض الصين، ورمت بها أيدي طائشة إلى بلاد الأمن والأمان، تهافت عليها الشباب تهافت الأسود على فرائسها، فجعلت منهم أبطالا بدون بطولة في سباق الدراجات، وسباق الزمن متناسين عشيرتهم من آباء وأبناء وإخوان؛ الذين قذفتهم أرجلهم إلى الشوارع والطرقات لقضاء الأغراض والحاجات، فتزعجهم صرخات الدراجات ، وإذا حاول أحده الاستسلام للنوم الهادئ أزعجته أصواتها التي لا وظيفة حقيقية لها سوى إقلاق النائم وإخافة الأطفال ، ومضايقة الشيوخ، فضاقت بهم طرقات المدينة، وضجت بهم شوارعها ، وأضحت قردة وحشية تخطف راحة سكان المدينة ليل نهار بعد أن تسللت عبر مجاري الوادي الحار الذي أتاح لها فرصة الولوج إلى قعر المدينة في غياب المراقبة اليومية للمرافق الصحية، فانضافت إلى تعفن الطرقات ، وظهور أفواج "الطوبا" تتسكع بين الأزقة وخلف المنازل. في تجمع ضخم لعربات الخضر والفواكه احست السيارات بالضيق، زأرت حافلة للنقل الحضري بصوت قلق واشمئزاز ، لمست مقود دراجة بائع الفواكه.كشر الشيطان عن أنيابه، واستخدم قواه الشريرة.أخذ البائع مثقال كيلو غرام . توجه به صوب السائق .امتدت أيدي ربانية منعته من فعل جريمته الشنعاء في شهر الرحمة والغفران، انهال على السائق بالسب والشتم واللعن، انتفض السائق رد بالمثل معبرا عن قلق شديد لما آلت إليه طرقات المدينة بسبب العربات التي يطالب أصحابها بحرية لا تحترم حرية الآخرين.