في يوم صيفي قائض ،حطت بعوضة على أحد الروؤس ذات الشعر الأسود. تحسست البعوضة بخرطومها المكان، فركت أجنحتها بحركة سريعة ، فرزت الشعر عن الجلد، ثم غرزت إبرتها في الجمجمة ، فبدأت ترتوي من دم الضحية بهدوء وسكينة. بعد برهة من الزمن، انطلقت كالسهم، وبدأت تحوم فوق المكان في هستيريا مفرطة . تحول طنينها إلى صراخ وعويل، وفي لحظات أخرى تحول الطنين إلى قهقهات وأصوات أخرى غريبة، ثم بدأت تتدحرج تارة على بطنها وظهرها، وتارة أخرى كانت تقوم بحركات بهلوانية عجيبة ..كان يبدو أن البعوضة قد أصيبت بالجنون. بسط النفود كان لدينا قطين واحد أصفر فاقع اللون والآخر رمادي منقط بالأسود.و كل ما مر أحدهما من مكان داخل البيت إلا ووقف معتدلا رافعا ذيله راشا قطرات من البول ، والكل يعلم الرائحة الكريهة التي تصدر من بول القطط . كان القطان يتشاجران دائما بعنف وعدوانية بالغين . كنت دائما أنزعج من سلوكهما، فأقوم بركلهما برجلي بعصبية زائدة أو بأي شيء أجده أمامي حتى لو كان صحنا من الصحون الموجودة داخل مطبخ البيت .مع مرور الأيام، اكتشفت أن القطط تقوم بذلك السلوك العدواني والغريب ، فقط لكي ترسم حدود المكان الذي تبسط نفوذها عليه و الذي لا يحق لقط آخر أن يخترقه أو حتى يمر بالقرب منه.