اختتمت الليلة ما قبل الماضية، فعاليات الدورة العاشرة، لمهرجان عبيدات الرما، وذلك على إيقاعات فنية راقية، مستوحاة من وحي فنون التراث الشعبي المغربي الأصيل، التي أثثت وصلاغتها العديد من فرق عبيدات الرما المشاركة في هذه الدورة. وقدمت العديد من تلك الفرق، خلال اليوم الأخير، وصلات فنية جميلة، وبخاصة في ساحة الشهداء، فضلا عن فضاء نادي الرماية، حيث كانت مسك ختام الدورة، التي شكلت بكل ما تحلمه الكلمة من معنى دورة التحدي، وإعادة الاعتبار لهذا الفن الأصيل، الذي كبر ونما وترعرع في الهضبة الفوسفاطية، فأصبح رمزا من الرموز الفنية والثقافية للمدينة والجهة والإقليم. وكانت الدورة، قد انطلقت بالمركب الثقافي، الجمعة الماضية بحضور عدد من المسؤولين والضيوف، وممثلي السلطات المحلية، يتقدمهم عامل صاحب الجلالة على إقليمخريبكة محمد صبري، والمندوبة الإقليمية لوزارة الثقافة خديجة العريم، ومدير الفنون بالوزارة عبد الحق أفندي، فضلا ممثلي عدد من وسائل الإعلام. وقد شهد افتتاح الدورة، التي عرفت تقديم كلمتي كل من الكاتب العام لوزارة الثقافة، ورئيس المجلس البلدي، اللتان أشادتا بهذا المهرجان، تكريم رئيس مجموعة "سمكت لعبيدات الرما" بقصبة تادلة، الفنان موح بوهلال، هذا الأخير الذي قدم بالمناسبة رقصات بهية مستوحاة من تراث هذا الفن بجهة تادلة ازيلال. وكان من بين ابرز فقرات المهرجان القوية، الذي يعد إحدى المحطات الفنية والاحتفالية بالفنون التراثية العريقة على الصعيد الوطني ، إضافة إلى السهرات التي تقام كل ليلة بكل من مدن خريبكة وأبي الجعد ووادي زم، إضافة إلى الندوة الفكرية حول موضوع "تعدد الإيقاع والتعبير في فن عبيدات الرما" التي أطرها الأستاذ المصطفى الصوفي، وشارك فيها كل من الدكتورين عبد العاطي لحلو والحبيب الناصري بمداخلتين قيمتين، وأعقبتهما مناقشات مستفيضة، وسط حضور كثيف بقاعة غرفة التجارة والصناعة. كما شهدت الفعاليات، أيضا تنظيم صبيحة للأطفال، بقاعة الأفراح التابعة لمجمع الشريف للفوسفاط، نشطها الفنان ميسخون، وعدد من فرق عبيدات الرما، وهي الصبيحة التي تفاعل معها الجمهور بشكل كبير، إضافة إلى ورشة لصناعة" التعريجية"، اطرها لصانع التقليدي محمد العلالي الملقب ب " ولد عسو"، وهو ما مواليد مدينة وادي زم ضواحي إقليمخريبكة، حيث يعد أول من مارس هذا الفن الجميل، واحد شيوخ فن عبيدات في المنطقة، ومعرضا للصور الضوئية التي ترسخ لأهمية الفنون الشعبية. وقد تم انتقاء، بشكل مباشر، ثمانية فرق فلكلورية من فئة الشيوخ للمشاركة في دورة هذه السنة، وهي فرق "بني زمور" و"الرواشد" و"أولاد عياد" من أبي الجعد، و"سمكت" (قصبة تادلة)، و"السماعلة"و"السيالغة" (وادي زم)، و"بني وكيل" (الفقيه بنصالح)، و"الزيايدة" (بنسليمان) كما عرف المهرجان مشاركة فرق "نشاط الرما الصيادة" و"العلامة" و"الصيادة" و"العامريات" و"الخاوة" من مدينة خريبكة، و"20 غشت" و"نجوم عبيدات الرما" و"أولاد المقاومة" "واولاد عطوش" (وادي زم)، و"أولاد السروت" و"أولاد شرقاوة" ( أبي الجعد)، إلى جانب فرق "لارمود" و"لشهب" (بني ملال)، و"أولاد حديدو" و"العميرية أولاد الدوار" (الفقيه بنصالح)، و"أولاد نماوي" (سوق السبت)، و"الصربة" من مدينة الدارالبيضاء وكانت الأستاذة العريم قد اكدت في تصريح سابق أن هذه الدورة تشكل إحدى الدورات المميزة، واللحظات المضيئة في تاريخ مهرجان عبيدات الرما، وما حققه من تراكمات فنية مهمة". وأشارت إلى أن وزارة الثقافة، بالتنسيق مع عدد من الجهات، في المدينةوالإقليم كسبت رهان تنظيم هذا المهرجان، الذي يستوجب من الجميع بدون استثناء الحفاظ عليه، وصيانته كذاكرة ثقافية وفنية محلية ووطنية، لما له من قيمة راقية في تنشيط الحقل الفني والثقافي، ورد الاعتبار للفنون التراثية، وبخاصة تلك التي يزخر بها إقليمخريبكة والمدن والمناطق المجاورة له. وأكدت أن هذا المهرجان الذي نظمته وزارة الثقافة بالتنسيق مع عمالة إقليمخريبكة والمجالس المحلية، أخذ على عاتقه اختيار أجود الفرق على الصعيد المحلي والإقليمي والوطني، وذلك من أجل تقديم زبدة من الفرجة الراقية للجمهور. وأصافت أن هذا الكرنفال الفني الذي وصفته ب"الجميل والمميز"، يعد بكل حق لحظة مضيئة في تاريخ مهرجانات المملكة الخاصة بالفنون الشعبية العريقة، لما لذلك من قيمة سامية تعطي الكثير من الرعاية للجيل المؤسس للفنون التراثية القديمة، والاعتبار للفنون التراثية المغربية، التي تشكل جزء لا يتجزأ من الهوية والحضارة المغربية، والمرجعية الثقافية والفنية الخصبة. واعتبرت تنظيم المهرجان، بعدد من مدن الإقليم يشكل في حد ذاته شكلا من أشكال المساهمة في تحقيق التنمية الفنية، والتواصل، وإشراك المواطنين في مثل هذه التظاهرات، كما يبرز أيضا آفاق توسيع رقعة الفرجة وتقريب الفن للجمهور، حتى تشمل مختلف عشاق فن عبيدات الرما، ويجسد كذلك رسالة الوزارة النبيلة من اجل تكريم هذا الفن في معاقله التي انطلق منها، وبخاصة مدينتي وادي زم وأبي الجعد، اللتين تضمان العديد من الفرق المتميزة وأضافت أن تكريم ، يعد أحد المحطات البارزة في فعاليات المهرجان، تقديرا لعطاءات وتضحيات هذا الفنان، ولما له، كرائد من رواد عبيدات الرما في جهة تادلة ازيلال، من دور أساسي في الحفاظ على هذا الفن التراثي الرفيع في المنطقة بشكل عام.