أحبك يا وطني أتمنى لو استلقي تحت سمائك لتدفئني شمسك، ثم أسبح في أنهارك لتغسل وجهي، من تعب المنفى هكذا كنت، مند زمن ليس بالبعيد . لن أنساه... وهل أنسى، حين كان يغسلني مطرك من أحزاني ومن الأسى، هل أنسى حلم العذارى فيك والعيون السود .. ورائحة النعناع في شاي أمي، والرمل والحصى، وأوراق الشجر المتساقطة على أرضك الطيبة كل شيء فيك يا وطني، يملأني حبا فأزداد بك شرفا. أمتلأ بالفرح كلما أعلنت مواسمك احتفال الأرض بالخيل والبارود. وبأعياد الربيع، فرحتك وطني تحسسني أني أطير، فوق المدى وكأني أمسك شمسك بيدي تملأني ضياء أغرب في مسائك، لأطل عليك من ضوء القمر جميل يا وطني ... ورائع رائع ...يعلقني الحنين إليك بين جناحيه يحلق بي فوقك. وفوق المرايا التي تناثرت من فتحات شمسك ليصير الكون ممددا بين ذراعيك تحرس الزمان يا وطني . تنشر فيه الربيع والأمان .. رسمتك فوق فؤادي ثم جئت بكل عشاقك لأجعل منهم رمزا لحدود وجهك حين تسألني غربتي عن حدود وطني وعن مكان وطني، وطني الزمان واللا حدود، وطني القلوب العاشقة كالوردة تخرج من غصنها في كل مساء و لتعبر مسافات البعد إلى اللقاء : وطني ... يا من ترسم على شفتيك فرحة ينقلها أبنائك مثل صبح يملأ هذا الظلام بعد رحيل الشك من اليقين رسمتك فوق دفاتر أشعاري، رسمتك بما فيك من مد ومن جزر وبما فيك من جداول .. ومن مروج خضراء ومن شواطئ شاسعة وكل هذا الطيب والكرم ... حتى مكنت قصائدي من أنهارك ومن جبالك وهدي واحاتك الخضراء فاستغرقت قصائدي في تلحين شعري كل هذه السنين لتصبح مديحا يتغنى به كل جيل مساءك جميل مفعم بالحب وبالحنين ولياليك أحلام وردية جميلة وطني يا من يخبئ فيك الزمان حدائقه وكل الروائع وغناء العذارى بربيعك الدائم حتى امتلئ العالم كله بالشوق إليك وامتلأت كل القلوب بعشقك ... وطني ... لماذا يعلقني حنيني إليك بين جناحيه ثم يبقى محلقا بي فوق سماء غربتي لماذا كلما حاولت أن أطل عليك ملأتني بشتاء طويل ولم يدن مني الفجر البعيد، فقط تلوح لي من بعيد، تلك الجبال الأطلسية الشامخات لأبقى في غربتي أحلم وحيدا.. مملوءا بعذاب جميل... محتفظا برسمك في ذاكرتي. وفي قلبي الحزين .. بينما دفء صيفك الجميل، يسكنني الحنين في هذه الغربة الباردة وموانئ بحرك الطويل، تستقبل القادمين من غربتهم بينما أبقى هنا وحيدا يعلقني الحزن بين جناحيه ... يطير بي فوق البلاد التي ترفضني ودموعي لا ترشدني إلى الطريق إليك.. ليبقى وطني ينتظر قدومي من سفري الطويل مثل كل أبنائه، فهل أنا أحاول طرد غربتي أم سأبدأ رحيلا جديدا.