«القصة العربية من خلال نماذج..»، هو موضوع الندوة القيمة التي نظمتها "''مجموعة البحث في القصة القصيرة‘‘"، وذلك بمشاركة الأساتذة: أحمد بوزفور، محمد أنقار،عبد المجيد جحفة، مصطفى جبّاري ومحمد رمصيص. وقد قدم الأستاذ" الدكتور محمد أنقار" نموذجا أولا في محاضرته القيمة( ألقاها بالنيابة الأستاذ عبد المجيد جحفة لتعذر حضوره هو شخصيا). المحاضرة بعنوان «لوازم القص عند يوسف إدريس»«مجموعة "لغة الآي آي" نموذجا». وقد عرَّف المحاضر في البداية بالنموذج الذي اتخذه: «في أن تجربة يوسف إدريس القصصية شاسعة وعريضة بدليل الكم الغزير من القصص والمجامع التي نشرها واكتفى [المحاضر] بمجموعة "لغة الآي آي" نظرا إلى ما لها من صلة بالإشكال النقدي الذي انتقاه (المحاضر) وكذا الدلالات الفكرية والتأويلية التي يستثيرها [والتي استقصى منها] جملة من اللوازم السردية التي ..تستثير كل قارئ ناقد،..هي لوازم عديدة..؛ واللازمة، تلك الرتبة الجمالية التي تحضر في جل القصص وتتكرر، شبيهة باللازمة في الأغنية والقطعة الموسيقية..». وتتلخص محاضرة الأستاذ أنقار،( ألقاها بالنيابة الأستاذ عبد المجيد جحفة) المحاضرة التي استقصاها من قراءته المتأنية لمجموعة "لغة الآي آي" قصة، قصة، يستشهد بها في محاضرته الواحدة بعد الأخرى، كلما أبرز مقطعا أو فقرة من أي واحدة منها. تتلخص المحاضرة في الآتي: « يُحسب يوسف إدريس على مبدعي القصة القصيرة القائمة على اللقطة، في ذلك يكمن جانب من عبقريته،...ويظل من رواد قصة اللقطة في السرد العربي. كل قصص المجموعة تبدأ بمقدمة أبرز سماتها الغموض، غموض مقصود يقف وراءه وعي جمالي عميق. في كل قصة مشكلة...، مشاكل المجموعة لا تُعرض طفرة واحدة، إنما تُجزّأ.. ويتم تفريعها. كل مشاكل المجموعة هيمن عليها الطابع النفسي؛ يعد الألم أو المعاناة جوهر موضوعات المجموعة ولُبِّ مشاكلها، ليس ثمة سوى العذاب والشقاء والشكوك والعزلة والخيانة والغضب، الحكمة العامة [هنا] متفائلة وملتزمة، لكن لابد أن يتعذب القارئ ويعاني جراء آلام الشخصيات ومحنها. في كل قصة من قصص "لغة الآي آي" تحضر لفظة المفاجأة أو إحدى مشتقاتها بل إنها قد تحضر ثلاث مرات في سطر واحد، والمفاجأة ليست هي المصادفة وإن كانت لها بها صلة سردية، فالمفاجآت قد تتضمن قدرا من تبرير الحدث أو تعليله عكس المصادفة التي يندر حضورها اللفظي في مجموعة يوسف إدريس. روح المفاجأة تسري في العبارة القصصية ليوسف إدريس، هي بعض من بلاغته أو حتى فلسفته في السرد؛ بذلك تكون المفاجأة سمة منغرسة في عبارات يوسف إدريس مثلما هي منغرسة في التكوين الإنساني للشخصية القصصية ذاتها. قص يوسف إدريس يُعرِّي ويكشف ويفضح دون مواربات...لذا اقترن اسمه في عقد الستينات من القرن الماضي بالأدب الواقعي الملتزم.. وبهذا هو يختلف عن عديد من زملائه الرواد. هناك تكمن بلاغة يوسف إدريس وسر إبداعه:المضي الواطئ عبر السبيل الميسور، بينما الغاية البعيدة هي الدلالات المستعصية. ». «واضح أن السرد المعاصر يبدأ بالدلالات المستعصية ولا يكاد يلتفت أثناء القص إلى ذلك السبيل الميسور. ومن هنا ينبع الفرق الشاسع بين هذين النمطين من الكتابة القصصية؛ نمط يوسف إدريس ونمط ما بعد الحداثة.» بعد هذا النمودج، جاء دور الأستاذ "قاسم مرغاطا" ليقدم لنا نماذج أخرى لندوة "القصة العربية من خلال نماذج". وقد تحدث الأستاذ مرغاطا تحث عنوان "سُرَّاد القصة" من خلال قراءة لنماذج من قصص ليوسف إدريس، زكريا تامر ومحمد خضير؛ وهي تلخيص لنتائج قراءة في قصص اختارها لارتباطها بالطفولة موضوعا وسردا وحتى ساردها في بعض الأحيان طفل. هذه القصص المختارة هي مجموعة "القنفد"، "لعبة البيت" و"شجرة الأسماء"، و من خلالها، صنف الأستاذ "سُرَّاد القصة" إلى ثلاثة أنواع:السارد الرومانسي، السارد الواقعي والسارد التعبيري؛ وسجل في قراءة أكاديمية ودراسة معمقة أن: «السارد الرومانسي يبرز الطفولة القصصية بصورة مثالية هي صورة ملائكية للطفولة، إذ نجد دلالات ثقافية من قبيل البراءة والصفاء والتلقائية.......، فالطفل الملاك.......،طفل موهوب بمعرفة عليا تقربه بمعنى ما من المعرفة الرؤيوية...، وهذه المعرفة ...هي التي تتشكل في الفن القصصي» السارد الواقعي:« في قصة "آخر الدنيا"، المسرودة ب "سارد واقعي" هناك غياب مفهوم المراهقة، إذ نحن أمام طفلين يلعبان بجد، لأن المراهقة مفتوحة على المجهول، وهذا المجهول يتدخل ويُقلق ويُخيف، وهو يتمثل في الرغبة التي تظهر عند المراهق على شكل احتراق وبحث عن هوية كاملة من خلال اكتشاف الموضوع الجنسي. » إلى غير ذلك. « السارد التعبيري سارد ورشة وبحث، [فهو كما يراه المحاضر] فنانا يعبر عن الذات والخبرات النفسية الداخلية غير مهتم بالملاحظة الموضوعية ولو أدى ذلك إلى تشويه الصورة الواقعية للعالم الخارجي،[إذ هو] يعبر عن الحالة الذهنية لديه بغض النظر عن العالم الخارجي...[في حالة، وهو] لا يقدم موضوعا جماليا... وهو لا يلجأ إلى العقل بل إلى العاطفة... » في حالات أخرى. وقد لخص المحاضر في نهاية قراءته، الأنواع الثلاثة من "سُرَّاد القصة" في نمادج القصة العربية، كالتالي: « سارد رومانسي في قصة "زكريا تامر"، سارد طفل مرح يسرد في القص سيرة خيال... في بداية القصص،... والذي يشيخ... في نهاية القصص» « سارد واقعي، في قصة يوسف إدريس سارد بضمير الغائب يسرد طفولة طفلين يلعبان بجد تحث سرير ويسعيان لبناء حياة عائلية خاصة بهما فقط» و « سارد تعبيري في قصة محمد خضير، سارد بضمير الغائب [ بدوره] يسرد قصة صبيين يلتقيان أمام البحر وهما كائنان أقرب إلى مواد الطبيعة منهم الى مواد البشر ليتحول السرد إلى صور وألوان وأشكال وأعماق.» وقد دعا المحاضر في الأخير جموع الحضور إلى الإسهام في أغناء النقاش حول أهم هذه المقترحات التي تقدمها هذه القراءة. وقد شارك نخبة من الحاضرين في تقديم بعض الآراء والأفكار والارتسامات حول القصة العربية من خلال النماذج بصفة عامة وحول موضوع سُرَّاد القصة بصفة خاصة. ندوة "القصة العربية من خلال نماذج..."هذه،؛ نظمتها ''مجموعة البحث في القصة القصيرة‘‘ وذلك بتعاون مع وزارة الثقافة، بمناسبة انعقاد المعرض الدولي للكتاب في دورته السادسة عشرة بالدار البيضاء.